الملخص التنفيذي:
تعاني اليمن أكثر من غيرها من البلدان المتأثرة بالنزاعات من التغير البيئي والمناخي بسبب إمكاناتها الشحيحة، ومواردها المحدودة، وبنيتها التحتية الهشة، فضلا عن استمرار النزاعات التي تؤثر سلباً على البيئة لتسببها في تدمير مرافق إمداد المياه والمباني السكنية والتعليمية والصحية، فضلا عن تلوث التربة والمياه والهواء من جراء المتفجرات، وتشغيل مصافي النفط الارتجالية، مما يجعلها عرضة للتضرر بشكل عام لمختلف العواقب الصحية والمناخية. ويستدل على ذلك، من أعداد ضحايا الفيضانات في اليمن خلال العام الجاري 2024م والأعوام السابقة، فضلا عن الاستنزاف المستمر لقدرات اليمن، التي تجعل من الصعب تجاوز هذه التحديات، مما يزيد من المخاطر الصحية العامة، فضلا عن تدهور الموارد المائية والنظم الزراعية، والتدهور البيئي ونزوح السكان وتدهور الاستقرار الاقتصادي. وعلى الرغم من مساهمة اليمن كغيرها من البلدان النامية ولو بحد أدنى في انبعاث الغازات الدفيئة، إلا أنها تواجه نتائج هذه التغيرات، وتتضح المشكلة من خلال أهم مؤشرات التغيرات البيئية والمناخية التي تعاني منها البيئة اليمنية في ضل الحرب القائمة، وما نتج عنها من أزمات إنسانية وسياسية منذ بدء الحرب المستمرة خلال هذا العقد، فضلا عن مشكلات وتحديات بيئية على مستوى اليمن كله، الأمر الذي جعل الحكومة أو الحكومات اليمنية حالياً ليست في وضع يمكنها من الاستجابة بشأن القدرة على التكيف مع هذه التغيرات، واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز درجة التحمل، وتحديد تدابير التكيّف، وطرح الحلول الناجحة لمعالجة الآثار السلبية ومواجهتها، والتخفيف من مخاطرها، للوصول إلى الاستدامة البيئية، واعتمدت الدراسة على المصادر والمراجع المكتبية، وتقارير الجهات الحكومية وغير الحكومية المتواجدة اليمن ودراساتها، والتواصل مع بعض الباحثين والمهتمين ومتابعة المؤتمرات والندوات المتعلقة بهذا الأمر، والاستفادة من تجارب دولية ناجحة في هذا الشأن، فضلا عن الملاحظة والمشاهدة الميدانية، واهتمام الباحث بالموضوع. وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها:
أن اليمن يعد من أكثر البلدان عرضة لمخاطر التغيرات البيئية والتغير المناخي، ومن بين أقل البلدان استعداداً للتخفيف من آثارها، وتختتم هذه الدراسة بعدد من التوصيات لدعم القدرة على التكيف مع التغيرات البيئية والمناخية، والقدرة على مواجهتها والتخفيف من مخاطرها الحالية والمستقبلية على النظم البيئية والنظم الزراعية وموارد المياه الصحة العامة، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المدى المنظور، وكذلك لضمان توفير حياة ذات نوعية أفضل للجميع.
1- المقدمة:
يُفاقِمُ التغيُرُ البيئيُ العالميّ أزمة التحدياتِ القائمة في وجه السكان الذين يعيشونَ في اليمن وغيرها من الدول النامية، من خلالِ تغيُر المناخ، وتغيُراتِ استخدام الأرض، والتوسُعِ العمرانيِ والسياحي، والتكثيفِ الزراعي، والتلوث، وتدهور النظم البيئية والتنوع الأحيائيّ، والتنافسِ على الموارد، والاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية.
والتراجع المستمر في قطاع الصحة (كرامر، وآخرون، 2020)، ويمكن أن تكون للصدمات الناجمة عن التغيرات البيئية وتغير المناخ، التي تحد من الأمن الغذائي وإمدادات المياه ومستويات الدخل، آثار كارثية على المستضعفين في اليمن. ففي المدى القصير، أسهم تدهور النظم البيئية والطقس المتطرف في زيادة الإصابات بالأمراض المختلفة، وانعدام الأمن الغذائي، والعجز عن توفير الاحتياجات الضرورية، وزيادة نزوح السكان وانعدام الأمن الاقتصادي. وعلى المدى المتوسط والطويل يزيد تأثير تدهور النظم البيئية وتغيّر المناخ من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، إذ يُتوقع أن ينخفض الاقتصاد اليمني بنسبة تصل إلى 24 % بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ، وهي نسبة مرتفعة بشكل كبير مقارنة مع تأثير تغيّر المناخ على انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي تصل إلى 3% بحلول عام2050.
وهذا يطرح تحدياً كبيراً أمام إجراءات مواجهة التغيرات البيئية وتغير المناخ والتكيف معها في اليمن (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022م، ص4). وتتسمُ الظروفُ البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بالتغايُر الشديد في اليمن والبلدان النامية الأخرى، ما يؤدي إلى أن يأخذَ التغيرُ البيئيُ المحليّ مظاهرَ مختلفة تتطلبُ تدابيرَ تكيفيةً خاصة وتحسينَ بناء القدرات، ولأخذِ هذه الخصوصيات في الحسبان، وتزويدِ صُناع القرار بما يحتاجون إليه من معلوماتٍ وبياناتٍ وافية وحينية لتصميم استراتيجياتِ تخفيفٍ وتكيُف فعالة، ويحتاجُ الأمر إلى مقاربةٍ لتقييم مخاطر شموليةِ الطابَع تضمُ اليمن كلَه (كرامر، وآخرون، 2020، ص11).
أ- أهمية الدراسة:
تبرز أهمية الدراسة في الكشف عن مدى التأثيرات الخطيرة المحتملة للتغير المناخي والبيئي في اليمن على الأنظمة البيئية الطبيعية والأحواض والتجمعات المائية، وعلى التنوع الحيوي وما ينعكس عن ذلك من آثار سلبية على الزراعة والأمن الغذائي، وموارد المياه، والصحة، والبنية التحتية العامة، والتجمعات السكانية البشرية، والإطار الاقتصادي الاجتماعي، وتوضيح مدى قدرة البلاد للتكيف مع تلك التغيرات، والإسهام في إيجاد الحلول والتدابير الفاعلة للتخفيف من حدة المشاكل البيئية ومعالجتها. كما تقدم هذه الدراسة توصيات خاصة للقطاعات المختلفة للعمل من أجل ضمان صحة السكان، والمحافظة على موارد المياه، والنظم الزراعية من أجل استدامة بيئية في البلاد. وفي ضوء هذه الأهمية كان اهتمام الباحث بالموضوع، إذ هو جزء من تخصصه، وقد تم اعتماد الموضوع ليكون مقررا في مرحلة الماجستير، بعنوان (التغيرات المناخية).
ب- أهداف الدراسة:
تتمثل أهداف الدراسة في الكشف عن مؤشرات التغيرات البيئية، وتغير المناخ في اليمن، والتأثيرات الناتجة عنها، مع محاولة معرفة القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية في اليمن، وتحديد السبل والتدابير الممكنة للحد من تأثيراتها السلبية على البيئة وعلى الإنسان، وعلى موارد المياه والنظم الزراعية في ظل الأزمة السياسية والإنسانية التي تعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة خلال هذا العقد.
ج- منهجية الدراسة:
تستعمل الدراسة بشكل رئيس منهجية مراجعة الأدبيات؛ لغرض تحليل مؤشرات تغير المناخ في اليمن، والتأثيرات الناتجة عنها، وانعكاسات ذلك على النظم الإيكولوجية، وصحة السكان، وموارد المياه والنظم الزراعية، وذلك من خلال ما تم جمعه من الأدبيات السابقة من المصادر والمراجع المكتبية، وتقارير الجهات الحكومية والجهات العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية المتواجدة اليمن ودراساتها، فضلا عن ذلك استعان الباحث ببعض الباحثين والمهتمين الذين كتبوا في هذا الموضوع، ومتابعة المؤتمرات والندوات المتعلقة بالموضوع عبر وسائل التواصل وشاشات التلفزيون، وتمت الاستفادة من تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، فضلا عن الملاحظة الميدانية والمشاهدة.
2- المؤشرات الدالة على التغيرات البيئية والمناخية في البيئة اليمنية:
2-1- تدهور النظم الإيكولوجية (البيئية):
إن تدهور التنوع البيولوجي والنظم البيئية في اليمن مستمر في التراجع منذ عقود، ويزداد سوءًا نظرا إلى عوامل عدة ناتجة عن التدخلات البشرية، ومظاهر الاحتباس الحراري، مما يلقي بآثاره السلبية على البر والبحر. (لاكنر، 2024م). وتسجل البيئة مؤشرات عدة على التدهور المتزايد للمنظومة البيئية العامة والمحلية، تؤثر بأشكال مختلفة على كثير من الموارد المتجددة كالتربة، والغابات، والتنوع الإحيائي، والمياه، والسواحل، والغلاف الجوي، والثروات السمكية، وكذلك على الموارد غير المتجددة كالثروات الطاقية الأحفورية والمعدنية والأحياء النادرة، بما فيها النظمُ الإيكولوجيةُ البحريةُ اليمنية الفريدة؛ لكثرة الأصناف المستوطنة فيها، ولكنها تتعرُض للضغوط المحلية والعالمية ومنها التغيُر البيئي.
إن التغير الناشئ عن ضغوط الاستهلاك والاستعمال المحلي، لا تظهر سلبياته على الصعيد الأوسع إلا بعد حدوث تراكم يدوم أجيالا في بعض الحالات، لكنه كثيرا ما ينذر مبكرا بالآثار الضارة التي تنتج عن أنماط تنموية معينة. وإذا كانت أشكال التدهور الحالية لم تصل بعد إلى الحد الذي يجعلها تشكل خطراً واضحا، فإنها ولا شك، ستصل إلى عتبة الخطورة في المستقبل. لذا فإن المسؤولية تجاه الأجيال القادمة تحتم العمل من أجل الحفاظ على جودة البيئة، والتنوع الإحيائي، والتراث الإيكولوجي والبشري، وذلك من خلال تحديد مظاهر التدهور البيئي، ومسببات استنزاف الموارد الطبيعية، والبحث عن الوسائل الملائمة للحفاظ على البيئة والموارد. (لعوينه، 2020).
2-2- مؤشرات التغير المناخي:
يتغير مناخ الكرة الارضية من قرن إلى آخر، وأحيانا من سنة إلى أخرى، وهذا التغير قد يكون ناجما عن أسباب عدة خارجة عن المنظومة الأرضية، مثل تغير الإشعاع الشمسي، أو نتيجة لانتشار الرماد بعد الثورات البركانية، أو التغير في مكونات الغلاف الجوي، وقد يكون لأسباب من داخل المنظومة الأرضية نتيجة للنشاطات البشرية، مثل إزالة الغابات، أو استعمال الإنسان لموارد الطاقة، ومنها الوقود الأحفوري وما ينتج عنه من إطلاق بعض الغازات المسببة للانحباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون وغيره، إذ ازداد تركيز هذه الغازات مقارنة بما كانت عليه قبل النهضة الصناعية. (الرخمي، وآخرون، بدون. ت).
وتبرز آثار التغيرات المناخية بوضوح في اليمن، وتتمثل مؤشراتها في الجفاف، والفيضانات الشديدة، وارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الآفات، وتفشي الأمراض، والتغيرات في أنماط هطول الأمطار، وزيادة تواتر العواصف وشدتها، وارتفاع مستويات مياه سطح البحر. (برنامج العمل الوطني للتكيف مع المناخ،2009)، كل هذه التغيرات وآثارها تشكل تهديدًا للنظم الطبيعية في البلاد، والمجتمعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية، ولاسيما المناطق التي يعتمد سكانها بشكل كبير على الزراعة والرعي و صيد الأسماك، التي لم تسلم من الظواهر الجوية الشديدة الناتجة عن تغير المناخ، إذ ازداد تعرضها للأعاصير والفيضانات في السنوات الأخيرة. (عقلان، 2023).
2-2-1- التغير في درجات الحرارة والأمطار:
تتميز اليمن بمناخ استوائي شبه جاف، إذ تقع اليمن ضمن الامتدادات الشمالية للمنطقة المناخية الاستوائية وحدودها مع المنطقة شبه الاستوائية، ويتراوح متوسط درجات الحرارة السنوية من أقل من 15 درجة مئوية في المرتفعات، إلى 30 درجة مئوية في السهول الساحلية، ووفقا لدراسة أجراها البنك الدولي، فإن ثمة ثلاثة سيناريوهات لتغير المناخ تضع بين قوسين نطاق الاحتمالات في اليمن حتى عام 2080م.
1. سيناريو "ساخن وجاف" لارتفاع درجات الحرارة من 2 إلى 4.5 درجة مئوية؛ مع زيادة الجفاف بشكل كبير في التأثيرات المشتركة لانخفاض هطول الأمطار وارتفاع نسبة الحرارة الأرضية.
2. سيناريو " متوسط" مع احترار كبير يتراوح بين 1.6 و3.1 درجة مئوية ولكن لا يوجد تغيير كبير في متوسط هطول الأمطار السنوي.
3. سيناريو "دافئ ورطب" مع انخفاض احترار بين 1 و 1.6 درجة مئوية وزيادة في متوسط هطول الأمطار.
ومن ثم فإن الاختلافات الشديدة في الارتفاع مسؤولة إلى حد كبير عن الاختلافات في درجات الحرارة والمناخ في جميع أنحاء المناطق اليمنية مما يؤدي إلى تواتر الظواهر الطبيعية وعدم انتظامها في ظل ضعف القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية في اليمن، إذ يسجل مؤشر مخاطر المعلومات التي يحركها المناخ Climate-driven INFORM Risk indictors لتقييم المخاطر الناتجة عن المناخ 6 درجات من أصل10( قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص4)، وتشير السيناريوهات المتوقعة إلى تفاوت نمط الهطول المطري بحسب المكان والزمان، إذ يتوقع أن ترتفع في مناطق معينة، وشهور محددة ، وتنخفض في مناطق أخرى وشهور أخرى، وتختلف أيضا وفقا للسيناريو المتوقع. (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2019م، ص27)، وقد تم اختيار ثلاث مناطق من اليمن هي صنعاء، وذمار، ومنطقة الكود، والتركيز على أهم العناصر المناخية (درجة الحرارة، وكمية الأمطار) لدراسة مقدار التغير فيها. (الرخمي، وآخرون، بدون.ت)، لتكون نماذج مهمة لمعرفة مدى التغير في مناخ اليمن، وما يترتب عليه من تأثيرات على سلامة الإنسان، وصحة البيئة في اليمن. (الجداول 3،2،1).
الجدول (1): التغيرات المتوقعة لهطول الأمطار، والحرارة الصغرى، والحرارة العظمى للمدتين 2020-2030 و 2040-2050 مقارنة بالمدة الأساس 1985-2005 في منطقة صنعاء باستخدام المحاكاة RCA4 للنماذج،GFDL-ESM2M ،CNRM-CM5 ،EC-Earth وفقا للسيناريو RCP 4.5.
المصدر: (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2019م، ص27)
يتضح من الجدول (1) وبحسب البيانات المناخية المتوقعة وفقا لهذه السيناريوهات لمنطقة صنعاء، أن درجة الحرارة العظمى فيها من المتوقع أن ترتفع في المدة ( 2020 - 2030 ) بمقدار(+ 1.51 و 1.55 درجة مئوية)، وسترتفع درجة الحرارة الصغرى بمقدار( +0.62 و 0.88 درجة مئوية) بحسب السيناريو المناخي المتوقع، وفي المدة (2040 - 2050) سترتفع درجة الحرارة العظمى بمقدار(+ 0.75 و1.15 درجة مئوية) وسترتفع درجة الحرارة الصغرى بمقدار (+0.35 و 0.68 درجة مئوية) بحسب السيناريو المناخي المتوقع، أما كمية الأمطار السنوية فإن التوقعات تشير إلى أنها ستنخفض في معظم الحالات ماعدا في النموذج CNRM-CM5 خلال المدة (2040 - 2050 ) بمقدار حوالي ( 44. 22ملم).
الجدول (2): التغيرات المتوقعة لهطول الأمطار، والحرارة الصغرى والحرارة العظمى للمدتين 2020-2030 و 2040-2050 مقارنة بالمدة الأساس 1985-2005 في منطقة ذمار باستخدام المحاكاة RCA4 للنماذج،GFDL-ESM2M ،CNRM-CM5 ،EC-Earth وفقا للسيناريو RCP 4.5.
المصدر: (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2019م، ص30).
ففي منطقة ذمار، وبحسب بيانات الجدول (2) من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة العظمى في المدة (2020 – 2030) بمقدار( + 0.80، 1.17 درجة مئوية)، والصغرى بمقدار (+0.48 + 0.64 درجة مئوية) بحسب السيناريو المناخي المتوقع، وفي المدة (2050-2040 ) سترتفع درجة الحرارة العظمى بمقدار(+1.71 و 1.84 درجة مئوية) والصغرى بمقدار ( +0.76 و 0.90 درجة مئوية) بحسب النموذج والسيناريو المناخي المتوقع، ويعد النموذج GFDL-ESM2M من أكثر النماذج توقعا لارتفاع درجة الحرارة، أما كمية الأمطار السنوية فإن التوقعات تشير إلى أنها سترتفع أو تنخفض بحسب النموذج والسيناريو المناخي، إذ نجد أن كمية هطول المطر سترتفع في المدة ( 2020 - 2030 ) بمقدار (23+) في النموذج CNRM-CM5 في حين تنخفض بمقدار( -11 و -9) في النموذجين EC-Earth و GFDL-ESM2M، وتنخفض بمقدار ( - 37 و -17) في المدة (2040 – 2050) في كل النماذج خلال المدتين في السيناريو RCP 4.5.
الجدول (3): التغيرات المتوقعة لهطول الأمطار، والحرارة الصغرى، والحرارة العظمى للمدتين 2020-2030 و 2040-2050 مقارنة بالمدة الأساس 1985-2005 في منطقة الكود باستخدام المحاكاة RCA4 للنماذج GFDL-ESM2M ،CNRM-CM5 ،EC-Earth وفقا للسيناريو RCP 4.5.
المصدر: (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2019م، ص31).
من خلال البيانات المناخية لمنطقة الكود يتضح أنه خلال الفترات المناخية ( 2020-2030 و-2050 2040) ستحدث تغييرات مناخية ملحوظة في درجة الحرارة العظمى، ودرجة الحرارة الصغرى، أما كمية الأمطار لهاتين المدتين لن تتأثر وذلك مقارنة بالمدة الأساس 1986-2005م. إذ يتضح من جدول (3)، أن النموذج الأول أظهر انخفاضا في معدل الأمطار للفترات المناخية ( 2030-2040 و2040-2050 ) بمقدار (-11.03 و- 11.09) وذلك عند مقارنة هاتين المدتين بالمدة الأساس 2005-1986م، في حين أظهر النموذج الثاني والثالث، زيادة في معدل الأمطار للمدة المناخية (2030-2040 و2040-2050) بمقدار (+14.42 و+ 54.58 ملم و+0.05 و+ 15.45 ملم) وذلك عند مقارنة هاتين المدتين بالمد الأساس 2005-1986م.
كما أظهرت النماذج الثلاثة زيادة في درجة الحرارة العظمى للفترات المناخية (2030-2040 و2040-2050) بمقدار (+ 0.82، 0.91 و 0.86درجة مئوية و+ 1.4، 1.52 و 1.49) وذلك عند مقارنة هاتين المدتين بالمدة الأساس (2005-1986م) وذلك للنماذج الثلاثة على التوالي، وذلك للسيناريو (RCP 4.5)، أي أن التغييرات في درجة الحرارة العظمى يكون أكبر عند زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون. كما تشير التوقعات أيضا إلى زيادة معنوية في درجة الحرارة الصغرى بلغت هذه الزيادة مقدار (+ 0.60، 0.58 و 0.72درجة مئوية و +0.90، 1.1 و1.14)، عند مقارنة هاتين المدتين المناخيتين (2040 2030 و2040) بالمدة الأساس (1986-2005م) وذلك للنماذج الثلاثة على التوالي للسيناريو ( RCP4.5). أي أن التغييرات في درجة الحرارة الصغرى يكون أكبر عند زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون في أجواء المنطقة.
وخلال السنوات الأخيرة رصدت المؤشرات والبيانات المراقبة للتغيرات المناخية في اليمن ارتفاعاً في درجات الحرارة في اليمن نتيجة لزيادة انبعاث الغازات الدفيئة، إذ تشير المؤشرات الاقتصادية لتغيرات المناخ الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أن اليمن أظهرت اتجاها تصاعديا في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، إذ ارتفعت من 17.36مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عام 1990م إلى 31.14 مليون طن متري من مكافئ ثاني أُكسيد الكربون عام 2020م. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص 4).
في حين تعمل تغيرات المناخ على زيادة الطلب على المياه في أغلب مناطق اليمن؛ بسبب الجمع بين نقصان هطول الأمطار وزيادة التبخر الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة مما ينعكس على نظم الإنتاج، وموارد المياه في العقود القادمة من خلال التفاعلات الملازمة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والمناخية، ومن ثم فإن زيادة الطلب على المياه في المجالات المختلفة سوف يعتمد على الأحوال المناخية المتغيرة وعلى زيادة الطلب على الغذاء نتيجة النمو السكاني المتزايد. (الرخمي، وآخرون، بدون.ت).
2-2-2- الجفاف:
الجفاف هو أثر من الآثار السلبية التي سببها التغير المناخي الذي كان المسبب لتأثيرات جسيمة في البيئة، فالفترات الطويلة من انحباس الأمطار تمثل تهديداً للأمن الغذائي والمائي، وتتسبب في مزيد من الضغوطات غير المرغوبة على الموارد الطبيعية، كما تؤثر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية (المركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA)، (2016. ويؤدي تغير المناخ إلى تغيّر في توفير المياه، إذ تتسع رقعة المناطق التي تعاني من ندرة المياه، كما يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم نقص المياه في المناطق الفقيرة بالمياه، ويتسبب في زيادة مخاطر الجفاف فيما يخص الزراعة، مما يؤثر على المحاصيل، ويزيد الجفاف البيئي من ضعف النُظُم البيئية، ويمكن أن يثير أيضًا عواصف رملية وترابية مدمرة يمكن أن تنقل مليارات الأطنان من الرمال عبر القارات. (المركز العالمي لدراسات العمل الخيري، 2023م، ص13). وقد شهدت اليمن ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة على امتداد العقود الماضية الأمر الذي يوسع انتشار ظاهرة الجفاف والتصحر التي تعاني منها معظم أجزاء اليمن تقريبا.
ومع ارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية في اليمن التي بلغت 98 % من سكان البلاد، ازداد الطلب على الطاقة لتلبية الاحتياجات الضرورية للسكان، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع انبعاث الغازات السامة في الجو، وهنا مكمن الداء. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص6).
2-2- 3- الأعاصير والسيول والفيضانات:
أصبحت الظواهر المناخية المدمرة في اليمن، مثل الأعاصير، أكثر تواترًا وتكرارًا الآن من ذي قبل. ففي عام 2015، حدث إعصاران في أسبوع واحد، واثنان آخران في عام 2018، وإعصار كبير آخر في أكتوبر 2023. وفضلا عن ذلك تسهم الأمطار الغزيرة والفيضانات في التأثير السلبي على البيئة، إذ إنها لا تسهم في الحد من حالة الجفاف؛ نظرًا لجريان المياه وتدفقها بسرعة كبيرة، ومن ثم لا يتم تسرب المياه باطن الأرض وتجديد طبقات المياه الجوفية، بل تتسبب في تدمير المدرجات الزراعية، وجرف ضفاف الوديان، وتدمير عدد من هياكل المجاري المائية. ويؤثر عدم القدرة على التنبؤ بها على التقويم الزراعي، في حين يؤدي زيادة تواترها إلى تفاقم أزمات المعيشة. وفي الوقت نفسه، فإن تزايد فترات الجفاف يمنع الأسر من التخطيط المسبق لتدابير التخفيف من حدة الأزمات عن طريق توفير المال، أو تخزين الحبوب أو الأعلاف. وتهب الرياح الشديدة عبر الأراضي المنكوبة بالجفاف وتجرف التربة السطحية الصالحة للزراعة وتخلق عواصف رملية وترابية (لاكنر،2024).
فمثلا، شهدت المحافظات الجنوبية الشرقية فيضانات مفاجئة عام 2008م، فضلا عن الأعاصير المدارية تشابالا وميج عام 2015م، وساجار ومكونو ولبان عام 2018م، مما أدى إلى خسائر في الأرواح، وموجات نزوح، وتدمير سبل العيش، فضلا عن أضرار واسعة النطاق طالت كثيرا من المنازل والممتلكات والأراضي الزراعية، ومعدات الصيد والبنية التحتية، ومن المتوقع أن تشهد تلك المحافظات عواصف أكثر تواترًا وشدة، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على سبل عيش السكان فيها. (المركز الوطني للمعلومات، بدون.ت)،
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضرب إعصار “تيج” المناطق الشرقية من اليمن برياح أقوى بنسبة 60% من إعصار تشابالا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، إلا أنه تسبب في أضرار أقل بكثير من تلك التي سببها إعصارا تشابالا وميغ اللذين ضربا جنوب شرق اليمن في الشهر نفسه، ويُعزى ذلك إلى تدابير التكيف مع التغيرات المناخية التي اتُخذت في العقد الماضي. وهذا يدل بوضوح على أن الإجراءات المتخذة في السنوات الأخيرة، رغم محدوديتها، إلا أنها أسهمت بشكل كبير في التخفيف من آثار هذه الظواهر المناخية. (لاكنر، 2024م).
كما شهدت عدد من المحافظات اليمنية هذا العام 2024م، منها محافظات حضرموت والجوف وشبوة وأبين والضالع والمهرة خلال المدة من 16- 21 أبريل 2024 هطول أمطار غزيرة بسبب المنخفض الجوي الذي ضرب اليمن، إذ تضررت 3,039 أسرة موزعة على المحافظات المتضررة. (الوحدة التنفيذية للنازحين، 2024م، ص1)، وتسبب هطول الأمطار الغزيرة في حدوث خسائر بشرية، وأضرار مادية شملت تشقق عشرات المنازل انهيار بعضها في مناطق عدة في محافظات مختلفة، فضلا عن حدوث انهيارات جبلية مرافقة لها، كما "تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة الأخيرة في جميع أنحاء اليمن في حدوث أضرار جسيمة لمواقع النازحين داخلياً، وللمنازل وللبنية الأساسية، إذ تفيد التقارير أن ما يقارب 12591 منزلا ومأوى دُمرت كلياً وجزئياً"، وبلغ إجمالي الأسر المتضررة من الفيضانات الأخيرة، بحسب التقديرات الأولية، 34260 أسرة في 19 محافظة، وفي مقدمتها الحديدة وحجة ومأرب وصعدة وتعز. وأكدت مفوضية اللاجئين أن الفيضانات أدت إلى تعطيل سبل العيش، وغمر الأراضي الزراعية، وإلحاق أضرار جسيمة بالثروة الحيوانية، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي، كما أن "هناك مخاوف كبيرة بشأن تفشي الأمراض المنقولة بالمياه بسبب مصادر المياه الملوثة. فضلا عن ذلك، انجرفت الذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب، وأهمها الألغام بسبب الفيضانات، ما يشكل مزيدا من المخاطر على المجتمعات المتضررة، وعلى الجهات الفاعلة الإنسانية المشاركة في الاستجابة". ( المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، 2024)، وكل عام، يشهد اليمن، الغارق في نزاع منذ عقد، سيولا جارفة تُسببها أمطار غزيرة، في وقت تزيد ظاهرة التغير المناخي من وتيرة هطول التساقطات وشدّتها.
3- مخاطر التغيرات البيئية والمناخية في البيئة اليمنية:
3-1- مخاطر التغيرات البيئية والمناخية على الصحة:
تؤثر التغيرات البيئية والمناخية على صحة البيئة المحيطة، إذ من المحتمل أن ترتفع وتيرة حدوث الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات وغيرها، التي قد تهدد سلامة الإنسان وصحته بصورة مباشرة وغير مباشرة، إذ أوضحت عدد من الهيئات الدولية أن للتغيرات المناخية آثاراً صحية محتملة على الإنسان. (رزق الله، 2020. ص100)، ومن المرجح أن يكون لارتفاع درجة الحرارة آثار مباشرة على الصحة، ويتضح ذلك من خلال زيادة الوفيات، والأمراض الناجمة عن الإجهاد الحراري، وضربات الشمس، وأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، و يعد كبار السن (أكثر من 65 عامًا)، والأشخاص ذوو الإعاقة والظروف الموجودة مسبقًا، والأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق أكثر عرضة للخطر من غيرهم، ومع توقع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة العربية نتيجة لتغير المناخ فإن اليمن معرض لخطر رؤية مزيد من الأيام الحارة وظروف الحرارة الشديدة، في ضل محدودية الحصول على الكهرباء، والاعتماد الكبير على العمل الزراعي، إذ يتعرض السكان للآثار الصحية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، ويرتبط الاحترار أيضًا بزيادة المخاطر، واتساع المناطق التي تنتشر فيها الأمراض المنقولة، فضلا عن أنماط هطول الأمطار على السياق المحلي، إذ يمكن أن تؤدي زيادة هطول الأمطار إلى توسع مواقع تكاثر البعوض، (كما هو الحال مع استخدام جمع المياه أثناء الجفاف) ويرتبط ارتفاع مستوى سطح البحر بمخاوف بشأن نوعية المياه وإمداداتها، وناقلات الأمراض، والفيضانات، وتسرب المياه المالحة، ويمكن أن يؤدي إلى آثار صحية لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك زيادة الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا وأمراض الإسهال وغيرها. (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ((UNDP، 2022، ص9).
ويتوقع أن تزداد الأمراض المعدية المنقولة بواسطة المياه سوءاً في ظل آثار تغيّر المناخ الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، أم من الفيضانات وغيرها من التغيّرات في دورة المياه. ومن الأمثلة على المخاوف التي تثيرها هذه التغيّرات الإسهال المعدي، إذ تنتشر العدوى من خلال الأطعمة أو مياه الشرب الملوثة، أو تنتقل من شخص إلى آخر بسبب النقص في النظافة الصحية. فضلاً عن ذلك، يؤدي الإسهال الحاد إلى نقص في السوائل وقد يشكل خطراً على الحياة، لا سيما لدى الأطفال الصغار، والأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية أو من نقص في المناعة. (الاسكوا، 2016).
وقد لوحظ في العقود الأخيرة أن التغيرات المناخية المفاجئة والانتقال الفصلي، تسببت في إصابة كثير من سكان اليمن ولاسيما الأطفال بأمراض مختلفة مثل: الزكام وحساسية الأنف والعيون والأنفلونزا والنزلات المعوية وضيق التنفس والسعال والشعور بألم في الحلق، والجروح التي لا تلتئم بسهولة، ولاسيما في المدة الانتقالية المتمثلة بهبوب الرياح الباردة والمحملة بالغبار، وقد أشارت الدراسات التي قدمتها اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ (Ipcc) في عام 2001 م إلى أن الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة سوف يؤدي إلى عدد من المشاكل الصحية الخطيرة في بعض الدول ومنها بلادنا، ومن هذه الأوبئة انتشار بعض الأمراض كالكوليرا والملاريا وغيرها من الحميات. (محمد،2020. ص19)، وفي شرق اليمن بشكل خاص يتسبب ارتفاع درجات الحرارة وظروف الجفاف في حدوث ظواهر ترابية لها عواقب صحية، مثل تهيج العينين والأنف والحنجرة لكل من البشر والماشية. (UNDP)، 2022، ص10).
ومن المجالات الأخرى ذات الأهمية التي يجب معالجتها على صعيد الصحة العامة التداعيات المحتملة لتغيرات المناخ على الأمراض المنقولة، ومن التداعيات المحتملة المرتبطة بهذه التغيرات ما يأتي:
• ستؤثر التغيّرات في درجات الحرارة على كيفية نمو هذه الأمراض، وتكاثرها، وسلوكها ومعدلات بقائها.
• قد تؤدي التغيّرات في درجات الحرارة والهطولات المطرية إلى تحول في النطاق الجغرافي الذي يمكن هذه الأمراض من العيش فيه، وكذلك في المواسم التي يرتفع فيها خطر الإصابة بها.
• يمكن لدرجات الحرارة أن تؤثر أيضاً على نمو مسببات الأمراض ضمن الناقلات، كما أن الهطولات المطرية قد يكون لها تداعيات على مدى توفر مواقع التكاثر، ومن الممكن أن تترك المتغيرات المناخية أثراً على كيفية توزع أنواع المضيفات ومدى توافرها. (الاسكوا، 2016).
وغالباً ما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى فيضانات مدمرة، مما يضاعف الوضع الإنساني المتردي. ففي السنوات الأخيرة تضررت البنية التحتية التي كانت تدعم هذه الإدارة الفعّالة للمياه أو دُمرت تماماً، ودمرت الفيضانات المفاجئة المنازل والملاجئ والخدمات العامة الحيوية بصورة متزايدة، مما جعل السكان أكثر عرضة للمخاطر، وأسهم في انتشار الأمراض، الأمر الذي يؤثر سلبًا على صحة الإنسان ويرفع معدلات الوفيات والأمراض، لاسيما بين الفئات السكانية الضعيفة (الفقراء والنساء والأطفال والعمال واللاجئين وكبار السن) في الإقليم. (برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية،2019م، ص3).
3- 2- مخاطر التغيرات البيئية والمناخية على الموارد المائية:
تعد اليمن من أكثر مناطق العالم جفافاً، ففضلا عن كونها تقع في حزام المناطق الجافة وشبه الجافة مما ينعكس بقلة الأمطار وندرتها، فإنها تتعرض لتغيرات كبيرة في معدلات الأمطار من عام إلى آخر، وهذا ما ينعكس بشكل واضح على ندرة الموارد المائية المتاحة فيها من جهة، فضلا عن تأثير ذلك على الإنتاج الزراعي، وبالتالي توفر الغذاء والأمن الغذائي من جهة ثانية، ولا شك أن النمو السكاني المتسارع الذي يعد من أعلى معدلات النمو في العالم أسهم في تفاقم الأزمة المائية والغذائية في اليمن. (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا،2019م، ص3)، جدول (4).
جدول (4): الوضع المائي والإجهاد المائي الحالي حسب الأحواض المائية، السحب والتغذية (مليون متر مكعب/السنة)
المصدر: قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022م، ص 6.
شكل (1): الوضع المائي والإجهاد المائي الحالي حسب الأحواض المائية، السحب والتغذية (مليون متر مكعب/السنة)
المصدر: بيانات الجدول رقم (3)
يتضح من الجدول (3) والشكل (1) أن اليمن تعاني من إجهاد مائي مرتفع في جميع المناطق، وأن عمليات السحب تتجاوز التغذية التي تتجدد كل عام، إذ يصل الإجهاد المائي إلى (444.3 % ) في المرتفعات الوسطى مما يدل على أن عمليات السحب من تلك المناطق تتجاوز (4.4 ) أضعاف عمليات التغذية، ثم تليها صنعاء وتبن- أبين، إذ إن عمليات السحب فيها تتجاوز(4) أضعاف، ثم المرتفعات الشمالية بـ(3.9) أضعاف عمليات السحب من عمليات التغذية التي تصل إليها، ثم محافظة تعز التي تشكل نسبة السكان فيها عددا كبيرا، إذ لديها إجهاد مائي مرتفع يصل إلى (295 % ) مما يوضح أنها تقرب من سحب (3) أضعاف عمليات التغذية.
ويتمثل أحد السيناريوهات التي وضعها علماء المناخ في أن ظاهرة الاحتباس الحراري في النطاقات المدارية، تتسبب في تسريع تبخر المياه السطحية، وبالتالي خفض موارد المياه العذبة، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم النقص الحاد الذي تعاني منه بعض مناطق الإقليم في مجال مياه الشرب والري، ويمكن أن يكون لمثل هذا السيناريو عواقب اجتماعية واقتصادية وخيمة، ومن المتوقع ان تتأثر كل من موارد المياه والطلب عليها سلبا مع تغيرات المناخ على النحو الآتي:
1- إن ارتفاع درجة الحرارة سوف يؤدي إلى زيادة التبخر، وبالتالي انخفاض كمية المياه، مقابل زيادة الكميات التي تحتاجها المحاصيل الزراعية ولاسيما محصول القات، والاستهلاك المنزلي والصناعي، الأمر الذي يؤدي إلى تناقص فرص التنمية في الإقليم.
2-إن التغير في أنماط سقوط الأمطار سوف يودي إلى نقص المياه في المناطق الحوضية والساحلية.
3- شحة المياه والزيادة في الملوحة في التربة يؤدي إلى تدهور نوعية المياه.
4-إن قلة السيول من المنابع المغذية للمناطق الساحلية ومصبات الأودية سيمنح مياه البحر فرصة توغل وتغلغل الملوحة تحت التربة، ويودي إلى تلوث مصادر المياه الجوفية في المناطق الساحلية، وقد بدأت مؤشراته في الظهور في آبار عدة في مناطق دار سعد كمسجد داؤود والمغتربين، وكريتر كبئر مسجد جوهر ومسجد عبد الفتاح، والشيخ عثمان كبئر مسجد السلام بجوار مصحة السلام، وفي المنصورة في منطقة أبو حربة. (محمد، 2020، ص 20).
ومن ثم ستؤدي التغيرات في توافر المياه إلى زيادة الجهود المتعلقة بتوزيع المياه، مما يعطي أهمية خاصة لتدابير التكيف التي تزيد من كفاءة استخدام المياه، فجدولة المياه على نحو أفضل وإدارة الكميات المستخدمة يشكل مجالاً يمكن من خلاله توفير المياه المطلوبة بدرجة كبيرة، كما يتم تحديد تكنولوجيات الري المختلفة التي من شأنها المساعدة على توفير المياه في المناطق الشحيحة بهذا المورد واختبارها من حيث التكيف على نطاق واسع، فضلا عن ذلك وجود مزيد من الأعمال الأخرى المتعلقة باستخدام مياه غير تقليدية، وهي جزء من نظام الموارد المائية، حيث توفر رؤية مهمة حول البدائل المطلوب دعمها في عملية التخطيط للتكيف مع التغير المناخي. (المركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA )، 2016).
3- 3 - مخاطر التغيرات البيئية والمناخية على الزراعة والأمن الغذائي:
يعاني الإنتاج الزراعي في عدد من الأقاليم اليمنية، من الآثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة، وازدياد التقلبات في درجة الحرارة، والتغييرات في مستويات الطقس، وازدياد وتيرة موجات الجفاف والفيضانات، وكثافة الظروف المناخية المتطرفة، وتملّح الأراضي القابلة للزراعة والمياه العذبة، ومع تأثيرات تغير المناخ على الزراعة، سيصبح من الصعب أكثر فأكثر زراعة المحاصيل، وتربية الحيوانات. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص11).
وتواجه المجتمعات الزراعية في اليمن موجة حقيقية من التهديدات البيئية المتزايدة وسط الصراع الذي طال أمده في البلاد، إذ تتسبب الفيضانات والسيول المفاجئة في تدمير المزارع والمحاصيل الزراعية وأنظمة الري، وتهدد الأمطار التي تأتي في نهاية الموسم الزراعي بإغراق المحاصيل، كما أن انغمار الحقول الزراعية بالمياه يُعيق نمو جذور النباتات، وتعاني المناطق الساحلية من زيادة الملوحة في التربة فضلا عن العراقيل التي تسببها الطرق المدمرة، والآبار الجوفية المطمورة أمام جهود التعافي، ونظرا للآثار السلبية على المحاصيل والغلال التي تسببها الفيضانات وتغيرّ أنماط هطول الأمطار، فإن المزارعين في اليمن يكافحون للحفاظ على سبل عيشهم في وقت يعتمد أكثر من نصف سكان البلاد على الزراعة، إذ هي المصدر الرئيس للدخل بالنسبة لهم. (عقلان،2024، ص25).
وبلغ مؤشر تأثر الغذاء في اليمن بتغير المناخ (0،690) وهي درجة مرتفعة بالمقارنة مع عدد من الدول العربية الأخرى، مثل الأردن (0،393)، ومصر(0،511)، ويصل ما تستورده اليمن من الغذاء إلى (97%)، في حين تقدر نسبة الاعتماد على استيراد الحبوب في اليمن بنحو (97%)، وتمثل منتجات القمح ما بين (35 – 46%) من السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد، وتعد اليمن من الدول الأعلى في المنطقة التي تتأثر بشكل كبير بتداعيات التغيرات المناخية وآثارها في العالم كونها تعتمد بدرجة أساسية في الحصول على الغذاء عبر استيرادها من الدول الأخرى، وقد بلغت نسبة ارتفاع أسعار المستهلك- مؤشر الغذاء- في اليمن من (60) نقطة عام 2009م، إلى (169.4) عام 2022م، و هو يمثل ثلاثة أضعاف الارتفاع في مؤشر الفاو، مما يدل على تأثير عوامل التغيرات المناخية العالمية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي جعل حوالي (62%) من إجمالي السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي مع وجود (161000 شخص) يعيشون في ظروف المجاعة، فضلاً عن أن مساحة الأراضي الزراعية تقدر بـ(1.6) مليون هكتار من إجمالي مساحة اليمن المقدرة بـ(45.55) مليون هكتار منها (51%) أراض مطرية، منها (31%) أراض مروية من الآبار، و(10%) أراض مروية من الفيضانات، و(6%) أراض مروية من السدود، و(2%) أراض مروية من الينابيع. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص11).
ومع اعتماد أكثر من نصف اليمنيين على الزراعة والثروة الحيوانية لكسب معيشتهم، فإن الظروف المناخية القاسية تهدد الأمن الاقتصادي لعدد من المجتمعات المحلية اليمنية، إذ أدت الفيضانات إلى تدمير المحاصيل في جميع أنحاء اليمن، مما جعل من الصعب على عدد من المزارعين تغطية التكاليف اللازمة، وشهدت أغلب المحافظات اليمنية مثل الحديدة، وصنعاء وذمار، وعمران، وحجة، وأبين، ومارب، وغيرها أمطاراً غزيرة خلال العام 2024م نتج عنها سيول وفيضانات غمرت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، ودمرت البنية التحتية المائية، ولا يزال عدد من المزارعين غير قادرين على استخدام أراضيهم؛ لأنهم لا يستطيعون تحمّل التكاليف العالية للإصلاحات وإعادة الإعمار، إذ نتج عنها خسائر في المحاصيل، وانخفاض في الغلة النهائية، وتعطل سلسلة الإمداد الزراعية.
وتختلف آثار تغير المناخ على غلات المحاصيل. ففي حين أن بعض المحاصيل أكثر تحملاً للحرارة والجفاف، فإن محاصيل أخرى، مثل الدخن، قد تشهد انخفاضًا في إنتاجيتها بسبب عدم تحملها ارتفاع درجات الحرارة، ويعتمد جزء كبير من الزراعة في اليمن على الأمطار، مما يجعلها عرضة بشكل خاص للتغيرات والتقلبات في هطول الأمطار. ومن المرجح أن يكون لاستنزاف احتياطيات المياه الجوفية تأثير أكبر على الزراعة، بغض النظر عن سيناريو تغير المناخ، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج بنسبة تصل إلى (40%)، ويمكن أن يؤثر تغير المناخ واستمرار التدهور البيئي على أراضي الرعي، ويهدد تربية الماشية في اليمن. (UNDP)، 2022، ص28).
4- التكيف المناخي والاستدامة البيئية:
4-2- مفهوم التكيف:
التكيف: هو الاستجابة لتغير المناخ الذي يسعى إلى الحد من سرعة تأثر النظم الطبيعية لآثار تغير المناخ وزيادة قدرتها على التكيف. ويمكن تمييز أنواع مختلفة من التكيف منها الاستباقي، والذاتي والمبرمج، وهي كالآتي:
التكيف الاستباقي: هو التكيف الذي يحدث قبل ملاحظة التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، ويُطلق عليه أيضاً اسم التكيف التحسبي.
التكيف الذاتي: هو التكيف الذي لا يشكّل استجابة واعية للمحفزات المناخية، إنما يأتي نتيجة لتغيرات إيكولوجية تطرأ على النظم الطبيعية، أو نتيجة تغيرات السوق، أو مستوى الرفاهية التي تطرأ على النظم البشرية، ويُشار إليه أيضاً بالتكيف التلقائي.
التكيف المبرمج: وهو التكيف الناجم عن قرار سياسي يُتخذ عن قصد ويقوم على إدراك تغير الظروف، أو على وشك تغيرها، وضرورة اتخاذ تدابير للعودة إلى وضع مرجو أو الحفاظ عليه أو تحقيقه. (الجمعية العلمية الملكية الأردنية، بدون. ت).
القدرة على التكيف: هي قدرة نظام ما على التكيف مع تغير المناخ (بما في ذلك تقلبية المناخ والظواهر المناخية المتطرّفة) من أجل التخفيف من وطأة الأضرار المحتملة أو الاستفادة من الفرص المتاحة، أو التأقلم مع العواقب. (فريق الخبراء المعني بأقل البلدان نموا. 2012، ص13).
4-3- اليمن وقابلية التأثر، والآثار، والتكيف مع تغير المناخ:
يواجه اليمن تأثيرات خطيرة محتملة لتغير المناخ على الأنظمة البيئية الطبيعية، والأحواض والتجمعات المائية، وعلى التنوع الحيوي، وما ينعكس عن ذلك من آثار سلبية على الزراعة والأمن الغذائي، وموارد المياه، والصحة، والبنية التحتية العامة، والتجمعات السكانية البشرية، والإطار الاقتصادي الاجتماعي. ومن ثم يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة والتدابير الاحترازية للتكيف لضمان عدم معاناة السكان، والنظم الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية في اليمن من تأثيرات تغير المناخ.
وتتمثل الأهداف الرئيسة للتكيف مع التغير المناخي في اليمن بالآتي:
أ- تحديد التأثيرات المحتملة الناجمة عن الأحوال المناخية المستقبلية، ومعرفة حجمها في الصحة والموارد المائية والنظم الزراعية، لغرض دعم صناع القرار في عملية رسم استراتيجيات التكيف وخطط الإدارة والاستثمار وسياساتها.
ب- وضع خطط للتكيف مع التغير المناخي، والتخفيف من تأثيراته لصالح المناطق المُعرضة للتأثر بهدف تحسين إمكانية الوصول إلى المياه، وضمان الأمن الغذائي والصحي.
ت- تطوير حزم تكنولوجية ذكية مناخياً تركز على تحسين الوضع الصحي، وإدارة المياه وتطوير محاصيل تتحمل الملوحة والجفاف تستخدم لإنتاج الأغذية والأعلاف والوقود والألياف يمكن استخدامها أيضاً لتكون إحدى جوانب خطط التكيف. ( (ICBA)،2016).
ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم نقاط الضعف والتهديدات، مثل الصراع والفقر وانعدام الأمن الغذائي، التي تدفع السكان بشكل متزايد للخروج من منازلهم من ناحية، ومن ناحية أُخرى يوفر العمل المناخي فرصة استثنائية للعمل عن كثب مع المجتمعات المختلفة، والتعلم منهم، وتعزيز قدرتهم على التكيف. فضلا عن إعطاء الأولوية للعمل المناخي في معظم الحالات المناخية، والأكثر هشاشة من الناحية البيئية، مع الاهتمام بإدراج موضوع التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، فضلا عن تعميم مراعاة الاعتبارات البيئية في جهود الاستجابة الخاصة بكل قطاع. (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤن اللاجئين، 2021، ص1).
ويعد التكيّف مع التغيّرات المناخية والبيئية مسالة معقّدة ومتعددة الجوانب تنطوي على عدد من التحديات لاسيما في العالم النامي، إذ بدأت تغيّرات المناخ تؤثر سلباً على البلدان النامية، لاسيما الفقيرة، والأكثر ضعفاً ومنها اليمن؛ نظراً لمواردها المالية والتكنولوجية والاجتماعية المحدودة المتوّفرة للتكيّف، فضلا عن تأثير تغيّر المناخ على التنمية المستدامة لهذا البلد وغيره من البلدان النامية، وتتطلب استراتيجيات التكيّف الناجحة العمل على مستويات مختلفة: على صعيد المجتمع، وعلى الصعيد الوطني، والإقليمي والدولي، وهناك توافق متزايد على الصعيد العلمي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بأن إجراءات التكيّف ستتطلب تفكيرا على المدى البعيد، والأخذ في الحسبان مخاطر تغيّر المناخ على المستوى الإقليمي (بين الدول) والوطني وما دون الوطني والمحلي. إذ تتطلب هذه الإجراءات مجموعة من العناصر كتقييم قابلية التأثر بتغيّر المناخ، والتكنولوجيات الملائمة، وتقييم القدرات، والممارسات المحلية للتصّدي لتغيّر المناخ والإجراءات الحكومية. (إي. أف. وآخرون،2008، ص7).
وفي العقد الأول من القرن الحالي، طورت المؤسسات الحكومية عدد من سياسات وتدابير التكيف المفيدة بدعم وتمويل خارجيين، غير أنه نظرًا لحالة الجمود الذي يشهده الوضع السياسي في اليمن، لم تُنفذ هذه السياسات ولم تُطبق اللوائح والأنظمة ذات الصلة، مما أدى إلى تفاقم الوضع، على الرغم من الحاجة الملحة لأن تتخذ السلطات السياسية على وجه الخصوص خطوات وتدابير ملموسة للتخفيف من حدة المشاكل البيئية ومعالجتها في اليمن.
وتضمن برنامج العمل الوطني للتكيّف مع التغيّرات البيئية والمناخ في اليمن لعام 2009 عددًا من المشاريع والاستراتيجيات لمعالجة الأزمة البيئية، وكان التركيز على إدارة المياه والمشاكل الساحلية، بما في ذلك تطوير الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية، واستعادة أشجار المانجروف. وسلّط البرنامج الضوء على أهمية رفع مستوى الوعي بما في ذلك إدراج موضوع تغيّر المناخ في المناهج الدراسية، واقترح إنشاء قاعدة بيانات حول تغيّر المناخ، وتطرق البرنامج إلى عدد من الإشكالات التي يواجهها سكان الريف، وسبل معالجتها من خلال برامج استعادة المدرجات الزراعية وإعادة تأهيلها، لكي يسهم في زيادة الأراضي الصالحة للزراعة، والمساعدة في تجديد طبقات المياه الجوفية، والحد من تآكل التربة الزراعية السطحية، وأوصى بإجراء البحوث، والتشجيع على زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف والحرارة والملوحة.
وتعد الإدارة المستدامة للأراضي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي مهمة وذات صلة بإدارة المياه والجوانب البيئية الأخرى، وعلى الرغم من تزايد عدد من المشاكل البيئية، لم تُنفذ الخطة الوطنية للحد من مخاطر الكوارث حتى عام 2022. فضلا عن أن دور وحدة الطوارئ البيئية التابعة لوزارة المياه والبيئة ومسؤولياتها فيما يتعلق بالاستراتيجيات والإجراءات يتسم بالغموض وعدم الوضوح حتى بالنسبة للأشخاص المعنيين بشكل مباشر بهذه المسائل، وثمة عدد من الأسباب تجعل تنفيذ التكيف البيئي في اليمن في الوقت الحاضر غير فعّال. ويتمثل أحد العوامل الرئيسة في عدم التزام القادة السياسيين لجميع الأطراف المنخرطة في الصراع الحالي، في حين تشمل العوامل الأخرى نقص التمويل والخبرة، فضلًا عن تعدد الجهات المعنية، والمؤكد أن السبب يُعزى إلى نقص التمويل لمبادرات التكيّف البيئي، وكذلك عدم التوازن بين ما يقال وما يتم تنفيذه من قِبل الممولين الدوليين. (لاكنر، 2024)..
ومن أجل الاستعداد للتكيف بفعالية، فان النظم الوطنية للتكيف تحتاج إلى قدرات قوية في مجالات عدة، كالآتي:
-التنسيق العام لأعمال التكيف على المستوى الوطني.
-تقييم الآثار والمخاطر وقابلية التأثر الخاصة بتغير المناخ على مستويات ومناطق وقطاعات
متعددة.
-تطوير الاستراتيجيات والأطر والخطط للتعامل مع الآثار، وقابلية التأثر، والحد من المخاطر.
-تحديد أولويات احتياجات التكيف، وتنفيذ المشاريع، والبرامج، والأنشطة التي تلبي تلك الاحتياجات، وتأمين الموارد اللازمة للتنفيذ.
-إدارة المعلومات (جمع وتحليل ونشر المعلومات لدعم أنشطة التكيف).
-استعراض، ورصد، وتقييم القدرات والجهود والموارد، للتعامل مع التكيف مع تغير المناخ.
وتختلف فجوات القدرات على التكيف واحتياجاتها من بلد إلى آخر، وذلك تبعا لعوامل متعددة تشمل: طبيعة تأثيرات تغير المناخ، وقابلية التأثر والمخاطر؛ وطبيعة عمليات التخطيط والتنفيذ؛ والتجارب السابقة والمستمرة لمبادرات التكيف. (فريق الخبراء المعني بأقل البلدان نموا. 2012، ص41).
ومن أجل إدماج التكيف في التخطيط بنجاح في اليمن، سوف تقتضي الاستجاباتُ السياسية الأكثرُ كفاءة للتغيرات المناخية والبيئية تعزيزَ مسعى تخفيف عوامل التغيُر البيئيّ كانبعاثاتِ الغازات الدفيئة، وتحسينَ التكيفِ مع الآثار، الأمريْن معاً. ويقفُ الفقرُ وتَقفُ معهُ حالاتُ انعدامِ المساواة وحالاتُ عدمِ التكافؤ بين الجنسين في الوقت الحاضر حجرَ عثرة دون تحقيقِ التنميةِ المستدامة، والتكيُفِ مع تغيُر المناخ في اليمن. ومن المرجَّح أن تكونَ الثقافةُ عاملاً أساساً لنجاح سياسات التكيُف في التركيبةِ الثقافية المتعددة شديدةِ التنوع لمختلف المناطق اليمنية، وتحتاجُ سياساتُ التكيُفِ المناخيّ والصمودِ البيئيّ، الهادفةُ إلى دعم المجتمعات المحلية والضعيفة، إلى أن تأخذَ في الحسبان أمورا مهمة كالعدالةِ، والمساواة، وتخفيفِ حدةِ الفقر، والإدماجِ الاجتماعي، وإعادةِ توزيع الدخل، وتوفير الفرص لتبادل المعلومات بطريقة تعزز التفاهم المتبادل التي يمكن أن تؤدي إلى تنمية المهارات والكفاءات اللازمة لإدماج التكيف على نحو فعال في عملية التنمية، وإلى دعمِ سياسات التنمية المستدامة بالأدلةِ العلمية حول التغيُرِ المناخيّ والبيئي. (كرامر، وآخرون، 2020، ص9).
وثمة أولويات لبناء القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية والبيئية في اليمن تتمثل في الآتي:
1-إعطاء الأولوية للأمن الغذائي وإمكانية الوصول إلى الفقراء: يعد الأمن الغذائي، وسيظل، أحد أكبر المخاطر الناجمة عن تغير المناخ. إذ تعتمد اليمن بشكل كبير على الواردات الغذائية، حتى في ظل السيناريو المتفائل، وهذا يجعلها عرضة لارتفاع أسعار الغذاء العالمية، وهي نقطة الضعف التي تفاقمت بسبب محدودية الوصول إلى النقد الأجنبي، وينبغي أن تشمل التدخلات السياسية تدابير لتحسين الإنتاجية الزراعية بطريقة مستدامة، مثل أنظمة الري الأكثر كفاءة؛ وزيادة إنتاج الغذاء مع التركيز على المحاصيل المقاومة للمناخ؛ ومعالجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وضمان حصول الأسر الفقيرة على الغذاء.
2-التأكيد على الأمن المائي والاستثمار فيه: سوف يعاني اليمن من ضغوط مائية خطيرة حتى بدون تغير المناخ، الأمر الذي يهدد بتفاقم المشكلة وتعقيدها.
3-مواصلة الجهود للتوصل إلى نهاية سلمية للصراع وتحسين الوضع الأمني.
4-الاستثمار في تمكين المرأة من أجل الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتسريع النمو بين السكان.
5- دعوة المجتمع الدولي لدعم اليمن: ستكون هناك حاجة إلى موارد مالية كبيرة لبناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في اليمن، فهي تشهد بالفعل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والتنموية في العالم، في حين أنها واحدة من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ، وهي مشكلة عالمية تسببها أغنى البلدان. ( (UNDP)، 2022، ص41).
6-الحفاظ على البيئة الطبيعية وإعادة تأهيلها، والتخفيف من حدة التدهور البيئي في المناطق كلها، وتوفير ظروف معيشية أكثر أماناً وصحة وكرامة.
7-تفعيل أنظمة إدارة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة، بما في ذلك إعادة التدوير، وإعادة الاستخدام واستعمال المواد لأهداف أخرى، وتحويل النفايات إلى أسمدة، وإنتاج الغاز الحيوي.
8- تعزيز فرص الوقاية من الأمراض المعدية واكتشافها ومكافحتها، من خلال تحسين مراقبة الأمراض ومكافحة ناقلات الأمراض والتحصين في برامج الصحة العامة المدعومة.
9- الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من خلال السعي المنتظم للحلول المحلية الصديقة للبيئة. (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2021، ص10 ).
وعليه يجب عمل تقييم مستفيض لمستوى ادماج التغير المناخي في السياسات والاستراتيجيات والخطط التنفيذية القطاعية، من أجل تحديد المشكلة الرئيسة، ووضع السياسات وخطط العمل المتعلقة بالحد من التغير المناخي، والتكيف معه؛ لتحقيق الهدف العام طويل الأمد للسياسة الذي ينص على: الدفع بالتنمية والجهود الوطنية لدعم وجود اليمن ضمن المنظومة العالمية الهادفة للوصول إلى حيادية الكربون بحلول العام 2050، مع تحصين كافة القطاعات من آثار التغيرات المناخية الحالية والمستقبلية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المدى المنظور، وكذلك لضمان توفير حياة ذات نوعية أفضل للجميع. (UNDP)، 2022، ص9).
5- التدابير اللازمة لمواجهة التغيرات المناخية والبيئية والتخفيف من مخاطرها:
باتت الظروف البيئية والمناخية القاسية تمثل مشكلة خطيرة بشكل متزايد بالنسبة لليمنيين، ويتعيّن عليهم مواجهتها والتصدي لها. وعلى الرغم من تفاقمها في السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد عانت البلاد من آثار تغير المناخ لعقود، قبل أن تصبح معالمها واضحة في أجزاء أخرى من العالم. وعلى الرغم من الحاجة الملحة إلى معالجة هذا الوضع الطارئ، فإن صناع القرار في اليمن لا يولون سوى القدر القليل من الاهتمام بالمشاكل البيئية، حتى مع تزايد تواترها وحدتها، كما يتضح من الفيضانات والصواعق وحالات الجفاف المتكررة على مدى العام الماضي، وفي ظل استمرار إشكالات المناخ قضاياه في لعب دور متزايد الأهمية في الحياة اليومية للسكان اليمنيين، يجب على الأطراف المعنية جميعها المحلية والدولية، الحكومية والخاصة إعطاء الأولوية للاستراتيجيات الرامية إلى التخفيف من هذه والإشكالات والقضايا، وتحسين رفاهية السكان. (لاكنر، 2024).
5-1- تدابير التكيف اللازمة لقطاع الصحة:
تطرح معالجة آثار التغيرات البيئية وتغيّر المناخ على الصحة العامة في اليمن تحديات كبرى نظراً إلى اتساع نطاق العوامل التي تؤثر على الصحة، بما في ذلك البيئة المادية والاجتماعية، وبروز تكنولوجيات جديدة، والمشهد السياسي المتغير الذي يعيد بلورة الظروف الاقتصادية والاجتماعية. وترتبط الصحة ارتباطاً مباشراً وغير مباشر بآثار تغيّر المناخ. فالآثار المباشرة لتغيّر المناخ على الصحة البشرية تتضمن الوفيات والأمراض الناجمة عن الحالات المناخية شديدة الحدة (الفيضانات، وموجات الحر، وموجات الجفاف والأعاصير) في حين أن الآثار غير المباشرة تضم التغيّرات المناخية طويلة الأمد التي تؤثر على نطاق ناقلات الأمراض، ومعدلات تكاثرها، إذ تطيل المواسم التي تنتقل فيها العدوى، وتزيد من تواتر الإصابة بالأمراض المنقولة بواسطة الطعام والمياه، وتؤدي إلى تدني نوعية الهواء وانعدام الأمن الغذائي. (الاسكوا، 2016)، ولذا يجب تعزيز قدرة قطاع الصحة على الاستعداد والتكيف للظروف المناخية المختلفة ومعالجة الآثار الصحية الناجمة عن تغير المناخ والأمراض الناشئة عنه، وذلك من خلال:
• تحسين جاهزية القطاع الصحي للتغير المناخي ضمن سياسة عمل وزارة الصحة وخطتها لمواجهة أثار التغير المناخي ولاسيما الصحية منها. (UNDP)، 2022، ص24).
• دعم استراتيجيات التنمية "الصحية" في قطاعات أخرى تحمي وتعزز الصحة وتخفف من حدة آثار تغيّر المناخ.
• تطبيق استراتيجيات التكيّف على المستويين المحلي والوطني من أجل خفض آثار تغيّر المناخ على صحة السكان إلى حدها الأدنى. (الاسكوا، 2016)؛
• تعزيز النظام الصحي الوطني وتطويره في مفهوم التغير المناخي ولاسيما المتصلة بالصحة، ليكون قادراً على أداء المهام التي تساعد في تحقيق الأهداف الوطنية العامة للصحة، ورسم الخرائط ومراقبة الأحداث الوشيكة، والتنبؤ بها وتحسين الاستجابة السريعة لها.
• تعزيز الأنماط الصحية للحياة ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع المحلي والمنظمات وصانعي القرار في القطاعات الحكومية وغير الحكومية المختلفة على مفهوم التغير المناخي والقضايا الصحية ذات الأولوية، ومن بينها القضايا المتصلة بالصحة البيئية والمهنية بهدف تحسين فعالية اتخاذ القرارات ذات الصلة.
• تفعيل التنسيق بين القطاعات الصحية المختلفة مع الشركاء للعمل من أجل السيطرة على العوامل البيئية التي تسهم في حدوث الأمراض وانتشارها، والتصدي للمحددات الاجتماعية للتنمية الصحية. (وزارة الصحة العامة والسكان، 2011، ص47).
• تعزيز البنية التحتية الصحية مثل: قطاع النفايات الطبية، وإدخال الطاقة المتجددة بالمؤسسات الصحية، واستصلاح المياه العادمة الخارجة من المنشآت الصحية، والعمل على تشجير ساحات المؤسسات الصحية...إلخ.
• إعداد الدراسات والمسوحات والتقييمات الصحية والفنية اللازمة لمعرفة الفجوات والاحتياجات والمشاكل الصحية الناجمة عن التغير المناخي وتنفيذها.
• وضع برامج لمكافحة الأمراض المرتبطة بالمناخ، وأنظمة مراقبة تستخدم خدمات الأرصاد الجوية لاستهداف مكافحة نواقل الأمراض في الزمان والمكان.
• إجراء تحليلات اقتصادية لتكاليف الآثار الصحية الناجمة عن تغير المناخ لتحسين فعالية اتخاذ القرارات المتصلة بالصحة.
• تبني نظام تبادل معلومات إلكتروني أكثر فعالية وسرعة لبيانات المراقبة من أجل التدخل السريع داخل الوزارة، ومع الجهات المعنية خارجها، وتأسيس القدرة على الوصول إلى بيانات مراقبة نوعية وإجراء الاستقصاءات الوبائية والمسحية التي يعتقد بأنها أدت الى حدوث المرض والوفاه بسبب التغير المناخي.
• إدخال مؤشرات جديدة مفيدة لحماية صحة الإنسان، مثل مؤشر جودة الهواء، ومؤشر الأشعة فوق البنفسجية، بالتعاون مع المؤسسات ذات الصلة.
• استخدام أدوات فعالة على سبيل المثال نظام المعلومات الجغرافية، الخرائط الصحية... (لربط العوامل البيئية والمناخية والمكانية بالنتائج الصحية. (UNDP)، 2022، ص24).
5-2- إجراءات التكيف اللازمة لقطاع المياه وتدابيرها:
تحتل اليمن المرتبة (20) بين الدول التي فيها إجهاد مائي من أصل 164، وهي ضمن دول الإجهاد المائي المرتفع (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص12)، وقد تمكّن الناس في هذه المنطقة من التكيف لآلاف السنين مع تحديّات تغيّر المُناخ والتغلب عليها من خلال مواءمة استراتيجيات البقاء والنجاة مع التغيّرات الحاصلة في معدلات الحرارة وهطول الأمطار. ومن المحتمل أن هذا التغيّر سيزداد عبر القرن المقبل، وأن مُناخ البلدان العربية ومنها اليمن سيشهد تطرفات قصوى ومعدلات غير مسبوقة، إذ سيطرأ على درجات الحرارة ارتفاعات جديدة، كما سيقل معدل هطول الأمطار في معظم الأماكن، وستنقص كميات المياه المتوفرة، ومع تنامي أعداد السكان فإنه قد لا يتوفر لدى المنطقة التي تعاني أصلاً من شح المياه الإمدادات الكافية لري المحاصيل، ودعم الصناعة، أو حتى توفير مياه الشرب. (المؤسسة الدولية للتنمية أو البنك الدولي، 2012م، ص19). لذلك فان الوضع المائي أكثر تعقيدا، إذ إنه يتحكم في الأنشطة البشرية، وفي توفير فرص العمل للسكان، وكذلك في ضرورة الاستخدامات البشرية اليومية من (زراعة، واستخدام منزلي، وصناعة) لهذا يزداد القلق من استنزاف المياه الجوفية غير المتجددة التي يذهب منها جزء كبير جد في هذه الاستخدامات. (العريقي،2006، ص261).
ونتيجة للاعتماد الكبير على الموارد المائية الجوفية ومياه الأمطار في المنطقة، بات لهذه الموارد أهمية استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة، لاسيما وأن اليمن تفتقر إلى موارد المياه السطحية كالبحيرات والأنهار دائمة الجريان، ومن ثم سيكون من الضروري دعم إمدادات المياه وتحسين إدارتها وتطوير البنية التحتية الأساسية ذات الصلة من خلال التدابير المتمثلة في الآتي:
• دمج التكيف مع المناخ والمنعة في إصلاح السياسات والمؤسسات في قطاع المياه.
• تحسين إدارة الطلب على المياه وتقليص الفجوة بين العرض والطلب على المياه.
• تحسين القدرة التكيفية لمرافق المياه.
• تحسين الكفاءة في استخدام المياه من أجل التنمية المستدامة.
• تحسين مساهمة موارد المياه غير التقليدية في موازنة المياه الوطنية.
• حوافز الحفاظ على المياه - تحفيز أنظمة تسعير المياه التي تكافئ الترشيد، مع مراعاة الاختلافات بين المناطق البيئية فيما يتعلق بظروف النمو والمحاصيل والاحتياجات الزراعية الأخرى.
• استغلال الفيضانات في العمل مع أصحاب المصلحة الراغبين بشكل طوعي في السماح لمياه الفيضانات المقيدة بممر فيضي بالتدفق على الأراضي الزراعية القادرة على الاستفادة من مرور مياه الفيضان بشكل يحقق زيادة العائد الاقتصادي ويعزز الإنتاج الزراعي المتوافق مع تحمل مرور الفيضان، وبما لا يؤثر على تخزين المياه في السدود.
• تحسين أنظمة الإنذار المبكر لهطول الأمطار والحد من مخاطر الفيضانات والجفاف.
• دعم إدارة مستجمعات المياه والأحواض بما في ذلك المياه العابرة للحدود. ( (UNDP)، 2022، ص25).
5-3- إجراءات التكيف اللازمة للقطاع الزراعي وتدابيرها:
نظًراً لضعف الإنتاج الزراعي وهشاشته في اليمن، فضلا عن انعدام الأمن الغذائي والتهديد بالمجاعة، فإن حماية المحاصيل الحالية وتحسينها تعد في غاية الأهمية، إذ بالنظر إلى الاستنزاف السريع للموارد المائية في البلاد، هناك حاجة ملحة لإدخال إصلاحات على السياسات الزراعية، والتحوّل إلى الأغذية المستدامة المزروعة محليًا التي لا تستنزف موارد المياه بهدف تعزيز حالة الأمن الغذائي. إذ يعتمد اليمن بشكل كبير على الواردات الغذائية من الخارج، إذ تشير تقديرات تقرير عام 2023 إلى أن الأغذية المستوردة تشكل 83 بالمائة من النظام الغذائي اليومي للسكان في اليمن. ففي عام 2022م، استورد التجار ما يقرب من 3,700,000 طن من المواد الغذائية الأساسية. وهذا الاعتماد الكبير على الواردات الخارجية يجعل اليمن عرضة للاختلالات الفجائية في الإمدادات الغذائية الخارجية، وتقلبات الأسعار العالمية. ووفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يحتاج الإنتاج الزراعي في اليمن إلى زيادة بنسبة قدرها 60 بالمائة لضمان الأمن الغذائي، ومع إعادة تركيز اليمن على الزراعة المحلية، هناك حاجة إلى بحث ودراسة حول تأثير الظروف المناخية القاسية وانعكاساتها على الأنشطة الزراعية حتى يتسنى وضع الحلول، وتطوير السياسات المناسبة للاستجابة ومواجهة التغيرات المناخية والبيئية والتكيف معها في اليمن. (عقلان، 2024. ص2). مما يتطلب تشجيع استخدام التكنولوجيا والتقنيات الزراعية التكيفية وتوفير الحوافز لتنمية الأعمال الزراعية الخضراء (نحو التوجه إلى آليات الزراعة الذكية مناخياً) وذلك لضمان استمرارية إنتاجية القطاع الزراعي والأمن الغذائي من خلال التدابير المتمثلة في الآتي:
• رسم السياسات الكفيلة ببناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ على مستوى الزراعة ولاسيما الزراعة صغيرة النطاق من خلال اعتماد ممارسات محسنة للإدارة المستدامة للأراضي والمياه ومصائد الأسماك والغابات على نطاق واسع.
• تعميم مراعاة اعتبارات التغير المناخي في سياسات التنمية الزراعية والريفية، وإعادة مواءمة السياسات وإدماجها بشأن التغير المناخي والزراعة والأغذية والتغذية وذلك لدعم التحول إلى الزراعة والأنظمة الغذائية المستدامة والأكثر إنتاجية ومرونة.
• توعية المزارعين بممارسات الإنتاج المستدام التي تعزز فعالية استخدام الموارد وصون التربة، وتحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الزراعة بحد ذاتها، وربط سياسات دعم المزارعين بتنفيذ هذه الممارسات فضلا عن دمج القضايا المناخية والبيئية ضمن النظام التدريبي والتعليمي. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، 2022، ص22).
• التحول إلى المحاصيل ذات الكفاءة في استخدام المياه.
• تعزيز أنظمة إدارة الجفاف ودعم الزراعة التي تحافظ على الموارد (مثل تعزيز الفلاحة العضوية والحيوية بالحد الأدنى من استهلاك المياه، وما إلى ذلك).
• تشجيع السماد العضوي ودعم استخدامه ليكون بديلا عن الأسمدة الكيماوية من أجل إثراء التربة، وزيادة تكنولوجيا مكافحة الآفات، ولا سيما بالنسبة للمحاصيل المكلفة.
• تحسين الإنتاجية المستدامة للسلاسل الغذائية.
• تعزيز نهج تآزر قطاعات الطاقة والمياه والغذاء في تصميم النظم الزراعية في المستقبل، على نحو تكاملي، مع اغتنام الفرص القائمة واستكشاف الفرص الناشئة.
• تعزيز إنتاجية إدارة المراعي (مثل تنويع سبل العيش والدخل في مناطق المراعي، وتحسين الإدارة المستدامة لاحتياطيات المراعي، وغير ذلك).
• تشجيع الممارسات الزراعية الحضرية وبرامج التوعية على مستوى الأسر والأماكن المعيشية صغيرة النطاق، وعلى المستوى التجاري الواسع النطاق من خلال استثمار التكنولوجيا ومشاركة المجتمعات المحلية.
• تعزيز تقديم الخدمات المناخية المصممة خصيصًا لاحتياجات المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة للتكيف بشكل أفضل مع تقلب المناخ. (UNDP)، 2022، ص22).
وثمة ابتكارات مهمة في ميدان تطوير محاصيل مختلفة واختبارها يمكن زراعتها في ظروف تتفاقم فيها شدة الجفاف أو الملوحة بفعل التغير المناخي، فمن خلال العمل مع المؤسسات الوطنية للبحوث الزراعية، يمكن اختبار الخيارات المتنوعة لأنواع المحاصيل ومن ثم ربطها بوضع النماذج الاقتصادية، كما يمكن توسيع نطاق المسوحات والتنمية الاجتماعية ضمن نظم إنتاج البذور لدعم خطط التكيف مع التغير المناخي. ICBA))، 2016 ).
ومن ثم لابد من قياس أثر التغيرات المناخية والبيئية على الزراعة والأمن الغذائي للوصول إلى الحلول اللازمة لمواجهة هذه التغيرات، وتخفيف الآثار والمخاطر على الأراضي الزراعية والتربة، وتبني السياسات والإجراءات اللازمة للاستجابة الطارئة لاسيما مع ما تشهده اليمن في الآونة الأخيرة من تأثرها بالأعاصير الناتجة عن التغيرات المناخية، وتفاوت الشدة المطرية، وزيادة السيول والأمطار التي جرفت عدد من الأراضي الزراعية، وأدت إلى تدهور التربة وزيادة الحشرات والآفات الزراعية. (قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، ص22).
5-4- تدابير التكيف اللازمة للنظم الإيكولوجية (البيئية):
يمتلك اليمن نظما بيئية وموائل طبيعية متنوعة، تختلف من حيث الخصائص والمؤهلات بحكم موقعه الجغرافي المتميز وخصوصيات غلافه الصخري وظروفه البيومناخية. وحتى يتسنى لهذه الأنظمة البقاء والاستمرار، لا بد من تدبيرها تدبيرا يدمج مختلف مكوناتها ويراعي خصائصها ومؤهلاتها ويتهيأ للتكيف مع تحولاتها الحالية والمستقبلية، ويمكن أن يكون ذلك من خلال اتباع التدابير الآتية:
1- تأهيل النظام البيئي وتعزيز سبل استعادة خدماته الحيوية، ومكافحة التصحر على هامش مناطق الحماية الحالية باستخدام البنية التحتية الخضراء ومشاركة المجتمع مثل (المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية والقطاع الخاص) لاسيما في تفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات.
2- تعزيز القدرة التكيفية لخدمات النظام البيئي في مواجهة التأثيرات الشديدة وطويلة الأمد على التغيُّر المناخي مثل (وضع خطة وطنية لتخفيف الكوارث الناجمة عن الحوادث الشديدة مثل حرائق الغابات، وتدهور الأراضي الرطبة) الذي من الممكن أن يؤدي إلى تعظيم الاستخدام المستدام لخدمات الأنظمة البيئية والموائل الرئيسية في اليمن.
3- زيادة نطاق التكيف القائم على النظام البيئي في المناطق المحمية ومناطق الحماية الخاصة مثل (تقديم الحلول القائمة على الطبيعة وتعزيزها من خلال تحديد أدوات التكيف القائمة على النظام البيئي المناسبة وتنفيذها لاسيما في المناطق المحمية ومناطق الحماية الخاصة، ... إلخ).
4- حسين تدابير الحفاظ على الطبيعة بالنسبة للأنواع والموائل المهددة بتأثير المناخ على سبيل المثال (تطوير خطط الإنعاش والإصلاح للأنظمة البيئية وأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بشدة بما في ذلك تطوير برامج واضحة للصون خارج المحميات، وبرامج الإكثار بالأسر، وبرامج إعادة تأهيل الموائل).
5- تحسين تدابير الحماية ضد ظهور الأمراض المعدية حيوانية المصدر وانتشارها (مثل –على المدى الطويل- وضع الخرائط والمراقبة المستمرة لجميع الموائل الحرجة التي تشمل وجود الأنواع ذات الصلة بنقل الأمراض حيوانية المنشأ، فضلا عن تحسين ترابط الموائل من خلال الربط بين المناطق المحمية والمناطق المهمة للحماية من خلال الممرات الحيوية).
6- تعزيز برامج المحافظة على المناطق ذات الحساسية الإيكولوجية (مثل مستمرة المراعي الطبيعية والأراضي الرطبة) ووضع التشريعات المناسبة لحمايتها.
7- تشجيع برامج استعادة الموائل الطبيعية المتدهورة في المناطق البرية مستمرة والساحلية. (UNDP)، 2022، ص24).
6- النتائج والمقترحات:
6-2- النتائج:
1- يُشكلُ التغيُرُ البيئيُ والمناخي تهديداً للنظم البيئية المختلفة وللسكان في اليمن.
2- أدتِ التغيراتُ البيئية في اليمن حتى الآن إلى آثارٍ واسعةِ النطاق على الصحة البشرية، ويُرجَّحُ أن تستمرَ معظمُ اتجاهاتِ التأثيرِ هذه.
3- يعد اليمن من أكثر البلدان عرض للتغيُيُّر المناخي ومن بين أقل البلدان استعداداً للتخفيف من آثاره.
4- التغيرات في أنماط هطول الأمطار وارتفاع مخاطر الفيضانات والسيول تهدد إنتاجية القطاع الزراعي بشكل متزايد، الأمر الذي قد يزيد من حالة عدم الأمن الغذائي والأزمات الاقتصادية في البلاد.
5- إن الحكومة اليمنية حالياً ليست في وضع يمكنها من الاستجابة بشأن التكيُّف مع تغيُّر المناخ واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز درجة التحمل.
6- تترك الظواهر المناخية المتطرفة آثاراً خطيرة على صحة الإنسان، وموارد المياه والنظم الزراعية، والبنى التحتية القائمة، والبيئة الطبيعية، وكذلك على قطاع الاقتصاد والتنمية المستدامة بشكل عام.
7- يمكن للجمهورية اليمنية، ولحسن الحظ، اتخاذ خطوات من شأنها التقليل من تأثيرات تغيّر المناخ والسعي للتكيّف واستعادة الوضع الطبيعي.
8- توجدُ لمعظم النظم الإيكولوجية خياراتٌ إدارية يمكن أن تُحسِّنَ القدرةَ على الصمود في ظروف التغير البيئي.
9- سيكونُ التكيفُ مع التغير البيئي ذا أهميةٍ أساسية للحد من آثار تغيُر المناخ في القطاع الغذائي والصحي أو موازنتِها جزئياً.
10- هناك حاجة إلى بنيةٍ تحتية صامدة للمناخ في مناطق اليمن جميعها لمواجهةِ آثارِ التغيرات البيئية وتغيُر المناخ الحالية والمستقبلية في العقود القادمة.
11- إنّ الاستثماراتِ في البحثِ والتطوير تقللُ كثيراً تكاليفَ التكييف.
6-3- المقترحات:
1- تحليل الاتجاهات الحالية في التغيرات البيئية وتغير المناخ والتدهور البيئي وتحديد المخاطر الأمنية استناداً إلى هذه الاتجاهات، ووضع خطة عمل بناءً على هذا التحليل للتكيف مع تغير المناخ بالتنسيق مع الوزارات المعنية ومنظمات المجتمع المدني وقادة المجتمعات والمنظمات غير الحكومية.
2- إجراء تقييم سنوي مشترك مع شركاء التنمية والمعنيين لمعرفة مدى التقدم في توجهات الاستراتيجية الوطنية الصحية والزراعية والمائية.
3- تعزيز قدرة الخطط والبرامج الوطنية المختلفة على التدخل في ظل التغيرات البيئية وتغيّر المناخ وتوسيعها.
4- الحفاظ على المكنونات البيئية وعلى “مناطق تركيز بيئي“ من خلال الحواف الميدانية، والمرتفعات، والأشجار، والأراضي السطحية، والملامح الطبيعية، والمنحدرات الحيوية، والمدرجات الزراعية، والمناطق الحراجية.
5- تطبيق استراتيجيات التكيّف على المستويين المحلي والوطني من أجل خفض آثار تغير النظم البيئية وتغيّر المناخ على صحة السكان إلى حدها الأدنى.
6- مراجعة تدابير التكيّف الممكنة كافة على صعيد إدارة الطلب على المياه، وإمدادات المياه إلى المساكن، وتطوير المياه السطحية وإعادة تغذية المياه الجوفية.
7- متابعة الجهات المانحة والمنظمات لزيادة الموارد المالية لتعزيز قدرات التكيّف المناخي وبناء القدرة على الصمود وضمان حصول اليمن على نصيبها العادل من التمويلات ذات الصلة بالمناخ.
8- استكشاف سبل الاستفادة من الخطوات العلاجية وتدابير إعادة التأهيل بعد النزاعات من أجل المساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية والقيام في الوقت نفسه بتعزيز المنعة البيئية في الأجل الطويل.
9- توفير أدوات نمذجة تغير المناخ للمساعدة في جهود إعداد السيناريوهات الوطنية والمحلية، ودعم نظم الرصد والإنذار المبكر للمخاطر المرتبطة بالمناخ.
المراجع:
الاسكوا، (2016)، وحدة تدريبية حول التكيّف مع تغيّر المناخ من أجل حماية الصحة البشرية.
البنك الدولي للإنشاء والتعمير/المؤسسة الدولية للتنمية أو البنك الدولي، (2012)، تقرير رقم 64635 - الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تقرير تنمية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التكيف مع مُناخٍ مُتغير في البلدان العربية، دراسة للقادة في بناء القدرة إزاء تغير المناخ، واشنطن.
الجمهورية اليمنية، وزارة التخطيط والتعاون الدولي، قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية، (2022). التغيرات المناخية وأثرها على الزراعة والامن الغذائي في اليمن، سلسلة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، العدد (74).
الجمهورية اليمنية. رئاسة الوزراء. الوحدة التنفيذية للنازحين، (2024.)، تقرير طارئ (1) عن أضرار المنخفض الجوي في مخيمات النزوح في محافظات (حضرموت والجوف وشبوة وابين والضالع والمهرة).
الجمهورية اليمنية، وزارة الصحة العامة والسكان، (2011)، الاستراتيجية الوطنية الصحية 2010- 2025، وزارة الصحة العامة والسكان.
الجمعية العلمية الملكية الاردنية، (د. ت) التكيف مع تغير المناخ، النشرة التعليمية ضمن نشاط التوعية الخاص بمشروع "القدرات التمكينية لإعداد تقرير البلاغات الوطنية الثالث لتغير المناخ". وزارة البيئة.
اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، (2019م)، تقييم تأثير التغيرات في المياه المتاحة على انتاجية المحاصيل الزراعية تقرير دراسة الحالة في اليمن، مكتب الامم المتحدة، بيروت.
المركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA)، (2016)، التكيف مع التغير المناخي، دبي، الإمارات العربية المتحدة.
المركز العالمي لدراسات العمل الخيري، ( 2023)، التغير المناخي المظاهر والآثار وسيناريوهات الحل، الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية. www.iico.org/ar/publications.
المركز الوطني للمعلومات، نبذة تعريفية عن محافظة المهرة”، https://yemen-nic.info/gover/almahraa/brife/.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤن اللاجئين، (2021)، الاستراتيجية العملياتية للقدرة على التكيف مع المناخ والاستدامة البيئية 2025 www.unhcr.org/environment-disasters-and-climate-change.
المفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR))، )2024(، اليمن.. تضرر 12 ألف مسكن بسبب الأمطار والفيضانات الأخيرة، https://www.youm7.com/story/2024/8/14.
إي. ليزا. أف. شيبير. سيغاران، ماريا باز. هيدجر، ماريلين مكينزي، (2008)، التكيّف مع تغيّر المناخ: التحدّي الجديد للتنمية في العالم النامي، ترجمة، كاتيا عنيسي، برنامج الامم المتحدة الانمائي.
الهيئة العامة لحماية البيئة، برنامج العمل الوطني للتكيف مع المناخ” (2009).
بوسبعين، تسعديت، (د. ت)، أثر التغيرات المناخية على الاقتصاد والتنمية المستدامة مع الإشارة إلى حالة الجزائر، الملتقي الوطني الأول حول: البيئة والتنمية المستدامة المحور المشارك فيه: التغيرات المناخية والتلوث، جامعة العقيد اكلي محند أولحاج، الجزائر.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، (2022). السياسة الوطنية للتغيُّر المناخي في المملكة الأردنية الهاشمية٢٠٢٢- 2050، https://www.jo.undp.org/.
برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، (2019)، العمل المناخي المحلي في المنطقة العربية. الدروس المستفادة والآفاق المستقبلية، مركز بحوث الإسكان والبناء.
جبران، محمد. التايقي، لحسن، (2014)، التأقلم مع التغير المناخي من المقاربة إلى الممارسة، الاتحاد العالمي لصون الطبيعة - مركز البحر المتوسط للتعاون.
الرخمي، محمد صالح، المشرقي، محمد حزام، الخرساني، محمد عبد الواسع، الغليبي، نجيب محمد، (د. ت). أثر التغير المناخي على حوض ذمار المائي، مركز الموارد الطبيعية المتجددة- الهيئة العامة للبحوث والارشاد الزراعي، ذمار.
رزق الله، وسيم وجيه الكسان، (2020) " أثر التغيرات المناخية على إنتاجية الحاصلات الزراعية في مصر"، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، (5). ص99-134.
فريق الخبراء المعني بأقل البلدان نموا. (2012)، خطط التكيف الوطنية، المبادئ التوجيهية التقنية لعملية خطة التكيف الوطنية. بون: امانة الاتفاقية الإطارية بشأن تغيّر المناخ.
العريقي، محمد عبدالله الماجد، (2006). المياه واقع ورؤيا، ألوان للتسويق والاعلان.
عقلان، مساعد، (2024)، “آثار الفيضانات والسيول على المجتمعات الزراعية في اليمن”، إعادة النظر في الاقتصاد اليمني، موجز سياسة رقم 28 ، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
عقلان، مساعد. (2023). إعصار تيج يُعيد تسليط الضوء على أزمة المناخ في اليمن – أهمية الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف. مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.
كرامر، ولفغنغ، وآخرون، (2020)، التغير المناخي والبيئي في حوض المتوسط: الوضع الراهن والمخاطر المستقبلية، تقرير التقييم المتوسطي الاول لملخص واضعي السياسات، MedECC.
لاكنر، هيلين، (2024م)، مدى تأثر اليمن بتغيّر المناخ: كيفية تعزيز استراتيجيات التكيّف، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، https://sanaacenter.org/ar/publications-all/analysis-ar/22040.
لعوينه، عبدالله، (13 يونيو، 2020)، التغيرات البيئية الشاملة وآثارها على التنمية المستدامة، كوكب الجغرافيا، https:llwww.merefa 2000.com.
ليا سيغهارت، (2012)، مواجهة تحدي تغير المناخ في اليمن، https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices/meeting-challengeclimate-change-yemen-arabic>
محمد، سالم محمد، (2020)، التغيرات المناخية وانعكاساتها على البيئة والإنسان في الإقليم الجنوبي والشرقي من اليمن، مجلّة جامعة عدن للعلوم الانسانيّة والاجتماعية، (1)، ص 18-26.
يعمل المركز، على إثراء البحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في اليمن والمنطقة العربية، وتعزيز فهم تلك القضايا والأحداث المرتبطة بها من خلال الأبحاث والدراسات الميدانية المعمقة، والتقارير والإصدارات المتنوعة، وأوراق السياسات العامة، والكتب العلمية المُحَكّمة، وعقد المؤتمرات وورش العمل والندوات المتخصصة، وبرامج التدريب ودعم قدرات البحث العلمي.