العقيق اليماني

في بلد أَلْهَان (آنس حاليًا).

الأربعاء, 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2024

د. حسين العنسي

د. حسين العنسي

مُلَخّصَّ

      يتناول البحث العقيق اليماني في بلد أَلْهَان (آنس حالياً)، وتكمن أهميته في أنه تفرد بدراسة (منطقة محددة) من بلدان اليمن يستخرج منها العقيق، وفي حقبة زمنية محددة هي (الستة القرون الهجرية الأولى)، إذ لم تتم دراستها دراسة تاريخية جادة ومفصلة، باستثناء تناولات جزئية في بعض المقالات؛ ويهدف البحث إلى معرفة أماكن استخراجه في بلد ألهان، وأنواعه، وخصائصه، وطرق معالجته، واستعمالاته، وأهميته التجارية وعائداته المالية. وقد قسم البحث إلى ثلاثة محاور، الأول: مقدمة تمهيدية تتناول جغرافية تاريخية عن مخلاف ألهان، والْعَقِيق وأهميته، وابتكار اليمنيين طرق تحضير الْعَقِيق، وشهرة العقيق اليماني والاتجار فيه. والثاني: يتناول أماكن استخرج العقيق في بلد أَلْهَان، أما الثالث: فيتناول أنواع العقيق الملتقط من بلد أَلْهَان وخصائصه وأهميته التجارية، وعائداته المالية. وقد اعتمد البحث في جمع مادته من المصادر الأصلية، متبعاً في ذلك المنهج الوصفي الكمي القائم على المقارنة والتحليل والتفسير والاستنتاج. ولعل أهم نتيجة خرج بها البحث تتمثل في أن بلد أَلْهَان كانت من أشهر البلدان التي يلتقط منها أجود أنواع العقيق؛ ليس على مستوي اليمن فحسب، بل على مستوي البلدان المنتجة للعقيق آنذاك؛ لاسيما (العقيق الأحمر، والجَزْع العقيقي البقراني)، ولنقائه وصفائه وتعدد استعمالاته، صار سلعة تجارية رائجة ومربحة في البلدان المختلفة. 

الكلمات المفتاحية

اليمن، بلد ألهان، جبل أنس، جبل ألهان، العقيق، الجَزْع البقراني.

Onyx in the Country of Alhan: A Historical Study on its Types, Forms, Commercial and Economic Importance during the first six Hijri centuries / the seventh to the tenth AD

Abstract

The research deals with the Yemeni onyx in the country of Alhan (currently Anas). Its importance lies in the fact that it will be unique in the study of (a specific place) from the places in Yemen from which agate is extracted, which is the (Alhan) region and in a specific time period (the first six centuries of the Hijrah). There has not been serious and detailed historical study was conducted, except for partial considerations in some articles that did not reach the main objective that this research will address. The importance of this research lies in trying to disclose onyx existing places, its types, properties, methods of processing, its uses, its commercial importance, and its financial and economic benefits. The researcher relied on collecting the material from its original sources, following the quantitative descriptive approach based on comparison, analysis, interpretation and conclusion. The research consists of three sections: The first: a brief historical introduction about the Alhan area, its geography, with a review of the onyx and its importance. The second chapter has discussed the places of onyx.  The third deals with the types of onyx, its characteristics, and its commercial and economic popularity. The most important result of the research is that the Alhan area was one of the most famous places from which the finest types of onyx are extracted, not only at the level of Yemen, but at the level of the onyx producing countries at the time, especially (red onyx, Gazaa, and Bakani onyx). Because of its purity, its multiuse, it has become a popular and profitable commercial commodity in various countries.

Keywords: Yemen, Area of Elhan, Maqre, Jabal Anas, Jabal Alhan, onyx, Gazaa  Bakani.

المقدمة:

        تُعدُّ اليمن من أشهر البلدان التي يتوفر فيها أجود أنواع العقيق، نظراً لما يتمتع به من سمات وخصائص نادرة من حيث: صلابته وخلوه من الشوائب، وصفاء فصوصه، ولمعانها البراق، ومائيتها الرائقة، مع تنوع ألوانه وأشكاله الزاهية.

      وكان العقيق يجمع من بلدان عدة في اليمن، منها بلد (ألهان)، أو ما كان تعرف بـ(مخلاف ألهان)، كشف عنها تلك الإشارات المقتضبة التي جاءت في كتب البلدان، ومعاجم اللغة والمعادن، وكتب التاريخ؛ وهو الأمر الذي أثار أسئلة عدة عن هذا الموضوع منها: 

    أين تقع مناجم العقيق في بلد ألهان آنس حاليا؟ ما أنواع العقيق التي كان يستخرج منها؟، ما خصائصه؟ كيف كان يتم البحث عنه؟ ما هي وسائل استخراجه؟ ما الطرق التي كانت متبعة في تحضيره ومعالجته؟ ما الأسباب التي جعلت من العقيق سلعة تجارية رائجة ومربحة؟ وما العائدات المالية؟ ما البلدان التي كان يصدر إليها؟ وغيرها من الأسئلة المثارة الذي تحتاج إلى إجابة. 

    وتكمن أهمية البحث، بأنه سيتفرد بدراسة شاملة ومستقلة عن استخراج العقيق من (بلدة محددة) في اليمن، هي بلدة (ألهان)،  وفي نطاق زمني محدد هو (الستة القرون الهجرية الأولى)، إذ لا يوجد دراسة بحثية جادة لها وفقاً للنصوص التاريخية المبهمة والمتناثرة في بطون الكتب، وبين السطور غير واضحة المعالم، وتحتاج إلى تفكيك وتحليل وتفسير، وإلى صياغتها صيغة أفقية زمانية مكانية، وإن كانت هناك إشارات ضمنية، أو تناولات جزئية عن ذلك، فهي لا تتعدى المفردات المكانية واللغوية في معاجم اللغة، وكتب البلدان والأحجار الكريمة والمعادن، أو  دراسات عامة تناول العقيق اليماني وشهرته في اليمن بشكل عام؛ دون الغوص في تناول الأماكن التي يستخرج منها أمثال: كتاب: الأحجار النفيسة ومعادن البقران والعقيق في اليمن، لعبد الحكيم أحمد عثمان، طبعة 1998م صنعاء، ومقال بعنوان العقيق والجزع اليماني لمحمد يحيي، نشر في مجلة العرب، مجلد(1)، العدد(3) عام1966م، ومقال بعنوان: العقيق اليماني فصوص السلامة والبهجة لعلي المقري، نشر في مجلة الفصل العدد (272) يونيو 1999م، ومقال آخر حمل عنوان: العقيق اليماني حقائق وأساطير، أعده: صادق الحميدي، نشر في مجلة الفيصل، العدد (439-440)، لعام2013م وغيرها من الدراسات التي لا تفي بالإجابة عن  تلك الأسئلة المثارة سابقاً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن أي مقالات حديثة عن هذا الموضوع هنا أو هناك، فإنها تعد قاصرة رغم كثرتها، كونها لا تخرج عن المقالات الصحفية المنشورة في الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي؛ الغالب عليها التكرار والتماثل في الهدف والمضمون، كونها نوعا من الترويج الدعائي للعقيق اليماني في العصر الحالي، أو للتذكير بالاهتمام به كونه موردا من موارد الاقتصاد اليمني. 

      وتجدر الإشارة إلى أن تلك التناولات لم تلتزم بالمنهج التاريخي العلمي للبحث، لاسيما الحدود الزمانية والمكانية، الأمر الذي سيؤدي إلى الوقوع في اللبس والخلط بين ما هو تاريخي قديم ووسيط، وبين ما هو حديث ومعاصر على اعتبار أن بلد أَلْهَان لا يزال يستخرج منه العقيق في الوقت الحالي.

   والبحث مقسم على ثلاثة محاور:

  • المحور الأول: مقدمة تمهيدية تتناول جغرافية تاريخية عن مخلاف ألهان، والْعَقِيق وأهميته، وابتكار اليمنيين طرق تحضير الْعَقِيق، وشهرة العقيق اليماني والاتجار فيه.
  • المحور الثاني: يتناول أماكن استخرج العقيق في بلد أَلْهَان وطبيعتها، وما قيل عنها من قبل الرحالة والجغرافيين.
  • المحور الثالث: أنواع العقيق الملتقط من بلد أَلْهَان وخصائصه وأهميته التجارية، وعائداته المالية.

      وقد تم الاعتماد في جمع مادة البحث من مصادرها الأصلية، ولاسيما كتب الرحالة والبلدان ومعاجم اللغة وكتب المعادن، إذ تم جمع نصوصه، ومن ثم مقابلتها وتحليلها وتفسيرها وشرحها، يتلوها صياغتها بأسلوب سهل ومبسط على شكل ظواهر تاريخية مدعمة بالأدلة.     

     واعتمد البحث على المنهج التاريخي الوصفي التحليلي المطعم بالمنهج الكمي. ثم ذُيل بما تم التوصل إليه من نتائج، ثم ملاحق توضيحية، وقائمة بأسماء المصادر والمراجع. 

 المحور الأول: مدخل تمهدي 

أولاً: جغرافيا تاريخية عن بلد ألهان

      كانت اليمن منذُ القدم مقسمة إلى بلدان وقبائل ونواحٍ عدة أطلق عليها اسم (الْمخاليف). (ياقوت 1995م:/36،37)(1)، وهو نوع من أنواع التقسيم الإداري القائم على أساس قبلي. (الأكوع، 2002م: 8)، ومن هذه البلدان (بلد ألهان) المعروفة بــ(مخلاف ألهان). (ابن خرداذبه، د, ت:142، المقدسي، 1991م: 91).

   وكلمة أَلْهَان أتت من كلمة (لَهِّنُوا) ضيفَكم أي أطعموه، وقدموا له شيء يتعلل به حتى يدركه الغداء، وكأن أَلْهَان جمع (لَهْن)، واسم لما يأكله الضَّيف (لُهْنة). (ابن دريد، 1991م: 433). 

    أما مدلول (ألهان) فقد تعددت مدلولاتها، فهي تطلق على (حي) من العرب، أو على قبيلة من قبائل اليمن هي (قبيلة ألهَانَ)، أو على بلدة من بلدان اليمن هي (بلد ألهان)، كما تطلق على جبل من جبال اليمن هو جبل (ألهان)، أو على سراة من سراة اليمن هي (سراة ألهان). (ابن الفقيه، 1996م: 90، ياقوت، 1995م: 3/205)(2)، وعلى مخلاف من مخاليف اليمن هو (مخلاف أَلْهَان). وبطون أَلْهَان في أرض أَلْهَان من بلاد اليمن كثيرة منها: بطن أَنِس، وبطن بكيل، بطن ثمالة، وبطن صيحان، وبطن سهام، وبطن الجب). (الفيروز آبادي، 2005م:3/:1232، الهمداني، 1983م: 208، الهمدان 2004م: 8/30).

       وأَلْهَان بحسب ما جاء عند النسابة (اسم علم لرجل) هو: أَلْهَان بن مالك زيد مالك بن زيد بن أوسلة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، و(قحطان) الجد الأكبر لليمنيين، وأَلْهَان أخو همدان بن مالك(3). (الكلبي، 1988م:2/532،533، الهمداني، د، ت: 2/34،32،10). والنسبة إليه (الْأَلْهَانِي)، البكري، 2003م، 1/256، 441،442).

     ويرجح أن أول من ذكر ألْهَان بوصفه مخلافا من مخاليف اليمن في العصر الإسلامي هو ابن خُرْداذَبِ(ت:280هـ) (د،ت142)، إذ يقول: "مخاليف اليمن: مخلاف صنعاء ...فمن صنعاء إلى الجند ثمانية وأربعون فرسخاً، وذات الشمال راجعاً إلى صنعاء مخلاف ذي شعبين(4)... ومخلاف زبيد، وبإزائه ساحل غلافقة، وساحل المندب، ومخلاف رِمع، ومخلاف مُقْرَى(5)، و(مخلاف ألهَانَ)، ومخلاف جُبْلان(6)... ومخلاف ذي جُرة(7)، ومخلاف الحقلين(8)، ومخلاف الْعُرْف والأخروج".    

     وممن أشار إلى مخلاف أَلْهَان اليعقوبي (ت بعد: 292هـ)، (1988م:155)، والمقدسي (ت: 390هـ)(1991م: 91،112). وفي الغالب أن حديثهما لا يخرج عما قاله ابن خرداذبه.   

       أما الهمداني (ت. 344هـ) (1983م: 208)، فقد أفرد مساحة للحديث عن مخلاف أَلْهَان، ومما قاله: "ومخلاف أَلْهَان ومُقْرَى، وهو مخلاف واسع ينسب إليه غربي حقل جهران مثل: ذي خَشْرَان ومَعْبر(9)، وأَلْهَان في ذاتها بلد واسع، ومجمعها الْجبّ جَبْ ألهان، ويسكنها أَلْهَان بن مالك أخو همدان، وبطون من حمير، وقراها تكثر، ومُقْرَى يسكنها آل مُقْرَى بن سميع، ومما يصلى أَلْهَان إلى وادي الشّجبة(10) الذي يصبّ إلى شجبان(11) ثم رمع، جبل آنس: وفيه محفر البقر، ووتيح(12)، وسمْح(13)، وريمة الصغرى وحدا(14)، ومن هذا الصقع في حيز سهام هو وبُقْلان(15)، وعشار(16)، وكثير مما ذكرنا من غربي ذمار يعد في مُقْرَى". 

    أما ياقوت (ت.626هـ) (1995م: 1/247،248، 3/68، 289)، فله إشارات مقتضبة ومتناثرة عن أَلْهَان منها قوله:"أَلْهَانُ: بوزن عَطْشان: اسم قبيلة". 

     ووفقاً لما جاء عند ابن خُرْداذَبِه، والهمداني، والمقدسي، وياقوت عن مخلاف ألهان، يمكن استنباط موقعه وحدوده الطبيعية، ومساحته - خلال حقبة البحث- مراعياً في ذلك التغيرات الطارئة على حدوده، كونها غير ثابتة المعالم، فقد يكون في أوقات مخلاف واسع تلحق به مخاليف مجاورة له، وقد تضيق مساحته حتى تصبح منطقة صغيرة تتمثل بــــ(جبل ألهان). 

     فمن حيث الموقع يتبين أنه يقع جنوب غرب مدينة صنعاء، يبعد عنها خمسة وثمانين كيلوا متر تقريباً، يفصل بينهما مخلاف حضور ومخلاف الْعُرْف، أو الأخروج (بني مطر والحيمتين)، أما من جهة جنوب شرق صنعاء، فيكون مخلاف أَلْهَان أقرب إليها، بحيث لا يفصل بينهما سوى مخلاف ذي جره (سنحان وبلاد الروس حالياً)، وتقدر المسافة بأربعين كيلو مترا تقريبا. 

      وبخصوص حدود مخلاف ألهان، فإنه يحده من الشمال الغربي مخلاف حضور، ومخلاف حراز، ومخلاف الْعُرْف، أو الأخروج، والأجزاء الشمالية من مخلاف جُبْلان الأشابط(ريمة)، ومن الجنوب الغربي يحده مخلاف رمع، ومخلاف زبيد، والأجزاء الجنوبية من جُـبْلان الأشابط، ومخلاف جُبْلان العركبة (وصابين)، أما من الجنوب الشرقي فيحده مخلاف ذمار، ومخلاف عنس، وحقل جهران، كما يحده من الجهة الشمالية الشرقية مخلاف ذي جرة. (الحجري، د. ت:1/29). 

     ومن خلال حدوده يتبين "أنه مخلاف واسع" حسب إشارة الهمداني (1983م:208)، كونه الحق به مخلافي الحقلين ومقرى، والأجزاء الغربية من حقل جهران، وفي اعتقادي أنه كان يضم أجزاء مما يعرف اليوم بـــــ(عتمة وريمة).     

 أما مساحة مخلاف ألهان، فيمكن إيجادها من خلال معرفة مسافتي الطول والعرض، ومن ثم ضربهما؛ بحسب ما جاء عند ابن خُرْداذَبِه، مع ما أشار إليه الهمداني في كتبه، والتقديرات التي بينها الحجري في كتابه. 

     فابن خُرْداذَبِه (د. ت :141) يقول: "فمن صنعاء إلى الْعُرْف ثمانية فراسخ، ومن الْعُرْف إلى أَلْهَان عشرة فراسخ، ومن أَلْهَان إلى جبلان أربعة عشر فرسخاً". (ينظر: المقدسي، 1991م:113).

    وبالنظر إلى كلام ابن خُرْداذَبِه يتبين أن مخلاف الْعُرف يقع شمال مخلاف ألهان، وأن مخلاف جبلان جنوبه، والمسافة بين الْعُرْف وجبلان الذي يفصل بينهما مخلاف ألهان أربعة عشر فرسخاً، وهي مسافة العرض التي تقدر بحوالي 67,2 كيلو متر. 

    وابن خُرْداذَبِه لم يذكر مخلاف جهران الذي عده الهمداني (1983م:153) من مخاليف اليمن (في منتصف القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي)، ولعله لم يكن مخلافاً مستقلاً في التقسيم الإداري لليمن في زمان ابن خُرْداذَبِه، ولهذا كان معظم بلدانه تتبع إما مخلاف ألهان، أو مخلاف ذمار، المعروف الآن بــ(عنس)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الهمداني (:208،209) ضم إليه مخلافي مُقْرَى والحقلين الواقعين شمال بلد أَلْهَان وجنوبه،  وفي هذه الحالة سوف تزداد مسافة عرض مخلاف ألهان، وعلى وجه التقريب ستكون ستة فراسخ، ليصبح عرضه عشرين فرسخاً، وبهذا يكون مسافة عرضه(96) كيلو متر تقريباً.   

     أما طول مخلاف أَلْهَان من الشرق إلى الغرب، فأول نقطة له حقل جهران شرقاً، وآخرها وادي رمع، ووادي زبيد، ومنطقة جبلان غربًا. (الهمداني: 208،209). وهي مسافة كبيرة، وبناء على ما قاله الحجري (د. ت:1/29) بأن مسافة عرض أَلْهَان (آنس) في عهده بما فيها جهران: "من الشرق إلى الغرب مسافة ثلاث أيام مشياً تقريباً، ومن الجنوب إلى الشمال مثل نصف ذلك أي يوم ونصف تقريباً أو يومين"، والثلاث المراحل تقدر مسافتها بالكيلو متر مائة وخمسة عشر كيلو متر تقريباً".

     ومما سبق تحليله ومقارنته يمكن إيجاد مساحة بلد أَلْهَان، بضرب مسافة الطول المقدرة (115) كيلو متر، في مسافة العرض المقدرة (96) كيلو مترا، التي تساوي (11040) كيلو متر مربع تقريباً. 

    وتتميز جغرافية بلد أَلْهَان بتضاريسها الجبلية المتفاوتة الارتفاع، بدءا من جنوبها الشرقي (جبل أنس)، المتصل غرباً حتى جبال جبلان ريمة، وعتمة، ووصابين، وجبل بُرع(17)، وأرض لِعْسان(18)، وكذلك السلسلة الجبلية التي تعرف بـــ(سراة أَلْهَان)، وهي سلسلة جبلية مترامية الأطراف، بدايتها (جبل أنس) جنوباً لتتجه شمال شرق ألهان، وأعلى هذه السلسلة الجبلية: جبل ضوران، ومُقْرَى، والحقلين، وأَلْهَان، ونقيل السود، وحقل سِهْمان(19)، وجبل حضور (جبل النبي شعيب)، وتتصل هذه السراة حتى أسفل وادي سهام وصابح(20)، لتختلط بسراة اليمن (المرتفعات الجبلية الغربية لليمن). (الهمداني 1983م: 122).

     وقد تشكلت هذه الجبال فيما يعرف لدى الجيولوجيين في (الزمن الثالث وأوائل الرابع)، وهو الزمن الذي تكونت فيها الجبال البركانية المحملة بمجموعة من الحفر والثقوب؛ داخل القشرة الأرضية، إذ يغلب عليها الصخور البازلتية والرواسب البركانية الرمادية، ليحدث ينابيع مياه تخرج من بطونها، أشهرها تلك التي تنبع مياهها من جنوب جبل أَلْهَان المعروفة بـــ(السربة)، أو(الشلالات) دائمة الجريان. (آغا، 1982م: 174).

     وبعض ينابيع هذه السلسلة الجبلية تكون حارة، للاستحمام الطبيعي ومنها: (عين جارف، وعين العُقِر، وعين قُمعان)، وتسكب من الجبال المحيطة بقاع الحقل، بين مخلاف بني سويد، ومخلاف بن حاتم، وبلاد الروس، ومنها: (عين محين، وعين سيبان)، في مخلاف بني أسعد مديرية جبل الشرق، وأشهر هذه العيون هي: (عيون حمام علي، وعين النَائِجة)، تفيض مياههما من جبل (الجاهلي)، وهو ضمن السلسة الجبلية لجبل أنس (الدامغ) غرباً.       

   وتخترق هذه السلاسل الجبلية سهول ووديان كثيرة، تتدفق مياهها في أشهر واديين يخترقان بلد أَلْهَان هما: وادي (رِمع) جنوباً، ومنابعه من غرب حقل جهران وغربي ذمار، ويجتمع فيه أودية بلاد أَلْهَان الجنوبية، وهو ما بين وادي زبيد ووادي سهام، كما أنه الفاصل بين جبال وصاب وجبال ريمة، ويستمر جريانه حتى يظهر في ذوال(21)، فيسقى مزارعها، وما فاض منه يصب في البحر الأحمر. (المقحفي، 2002م: 1/928، الهمداني، 1983م: 123). ثم وادي سِهَام شمالاً ورأسه قبلي السَّود من صنعاء، وينابيعه على بعض يوم إلى ما بين جنوبها ومغربها، ويمر في جانبه الأيمن جنوبي حضور، وجنوبي الأخروج، وجنوبي حراز، وشمال مخلاف أَلْهَان، وعشار، وبقلان، وشمالي أنس، وصيحان، وشمالي جبلان ريمة، والصُّلي(22)، وجبل بُراع، ويظهر بالكدراء، وتصب وديان أرض أَلْهَان الشمالية فيه، لتسقي ذلك الصُّقع، والفائض يصب في البحر الأحمر. (الهمداني، 1983م: 133). 

      وتشتهر بلد أَلْهَان بعدد من القعيان الزراعية أشهرها: قاع جهران، وقاع بكيل ألهان، وقاع آنس، والحقلين، أو ما يعرف بقاع الحقل في مخلاف بني سويد. 

     وتشمل بلد أَلْهَان (آنس) في العهد الحالي على أربع مديريات تابعة لمحافظة ذمار، وهذه المديريات مقسمة إلى عشرة مخاليف هي: (مخلاف ضوران، ومخلاف بن حاتم، ومخلاف حمير، ومخلاف بني خالد، ومخلاف بني سويد) جميعها تتبع مديرية ضوران آنس، و(مخلاف بنى أسعد، ومخلاف بني قُشَيب، ومخلاف جبل الشرق) تلحق مديرية جبل الشرق، ومخلاف جهران (العلو، والموسطة، والسفل) مديرية جهران، و(مخلاف المنار، ومخلاف بني سلامة) يلحقان مديرية المنار. 

 ثانياً: الْعَقِيق وأهميته: 

    أصل كلمة الْعَقِيق عربية مشتقة من الفعل (عَقَّ)، بمعنى عَقَّ الأرض يَعُقُّها عَقًّاً، إذا شقها، وكل شيء شققته في الأرض فهو عقيق ومَعُقوق، والْعِق: الحفرة المستطيلة، والعِقَّة: الحفرة في الأرض. ويأتي الْعَقِيق بمعنى الوادي الذي شقه السيل في الأرض ووسعه، وهو الوادي المعروف قرب المدينة بـــ (وادي العقيق). والجمع عَقَائِق أعِقَّة. (الزبيدي، د، ت: 26/167-178، الفارابي، 1987م: 4/1527،1528.

  والْعَقِيق: خرز أحمر تتخذ منه الفصوص، والواحدة منه (عَقِيْقة)، وهو نوع من أهم الأحجار الكريمة، ذات الشكل البلوري(23)، والطبيعة الشفافة، يأتي على شكل مجموعة كبيرة من الألوان والأنواع المختلفة، (الفارابي،1987م: 4/1527،1528، الهمداني، 1983م: 321). 

    ويتواجد الْعَقِيق عادة في الجبال البركانية، نتيجة نشاطها البركاني، التي ينتج عنها رواسب رمادية، على هيئات طبقات، يكون الْعَقِيق في أسفلها، إذ يتكون أساساً من الطين، والسيليكا ((silica(24)، والكالسيت Calcite))(25)؛ إلا أن أهم عنصر في تكوينه هو السيليكا الذي يتشكل بفعل انفصاله عن الفلسبار (Feldspat)(26) عند خروج الصهارة البركانية السائلة إلى السطح، ويشكل السيليكا المنفصل في ظروف ومراحل معينة (حجر العقيق)، كما يمكن أن يتشكل الْعَقِيق عند ذوبان الكوارتز(27) في الصهارة البركانية السائلة، بفعل حركة البازلت ((Basalt(28)، وعند انخفاض درجة حرارته تهتز الصهارة البركانية،  وتتحرك كتل الكوارتز في الصهارة، فيؤدي ذلك إلى تشكل أشرطة العقيق(29). (أفندي 2014م: 88، الجميلي، 1999م :80،81). 

     وينتمي معدن العقيق إلى مجموعة الكالسيدوني (Chalcedony)(30)، وإلى عائلة (الكوارتز) غير المتبلورة، ويتكون من أكسيد السيليكا، وصيغته الكيميائية (SiO2)، ويعد من الأحجار شبه المعتمة التي لا ينفذ من خلالها الضوء بسهولة، كما أنه لا يتأثر بعوامل التعرية نتيجة صلابته التي تقدر بمقياس موس 7تقريباً(31). (أفندي 2014م: 85، الجميلي، 1999م: 80).

      وكان ينقب عن العقيق في الجبال البركانية الظاهرة فيها عروقه، بواسطة الحفر في الصخور الأشد صلابة، وبأعماق متفاوتة بين الثلاثة أمتار، والعشرين متراً، ويتم العثور عليه بصورة غير منتظمة، لإحاطته بالأتربة والصخور الأخرى، وتكون قطع أحجاره حال العثور عليها متفاوتة الحجم ما بين (صغيرة، ومتوسطة وكبيرة)، بعضها يصل وزنه إلى عشرين رطلاً، وقد تكون ضعف ذلك(32). (البيروني، 1995م: 282، ياقوت، 1995م: 5/173). 

ثالثا: ابتكار اليمنيين طرق تحضير الْعَقِيق: 

    يبدو أن اليمنيين أول من ابتكر طرق تحضير العقيق ومعالجته؛ لِقِدم اشتغالهم فيه، وهي تختلف إلى حد كبير عن طرق معالجته وتحضيره في الوقت الراهن، إذ تبين أنه بعد التقاط قطعة من بطون الجبال، يضعها معالجوه على حر الشمس في أشد أوقات السنة ارتفاعاً لدرجة الحرارة، وهو ما يعرف (بشمس القيظ).  (البيروني، 1995م: 281، شيخ الربوة، 1923م: 69،70). وشمس القيظ تكون في شهر (يوليو) من كل سنة، حيث ترتفع درجة الحرارة فيه ما بين (45-50) درجة مئوية. 

      بعد ذلك يأخذون قطع الْعَقِيق ويضعونها في حفر على الأرض تشبه التنانير مملوءة بـــ(أبعار الإبل)، على شكل طبقات؛ بين كل طبقة وأخرى أبعار الإبل، وتوضع قطع الْعَقِيق في أوعية أعدت لها تعرف (تكنّه)(33) ، حتى لا يلامس الْعَقِيق النار (وهو ما يشبه اليوم القِصْدِير)، ويوقد عليها بالقدر المعروف لديهم، ثم يتركونها حتى تبرد، والنار في هذه الحالة تنقص من وزن قطع العقيق؛ إذ لم يبق منها سوى جوهر العقيق الأكثر جودة، وما عداه يصير رماداً، وبعد ذلك تلتقط القطع من الحفر بحديدتين حادتين، وتوضع على حديدة حارة لضربها بمطرقة صغيرة بهدف اقتلاع الزوائد غير المناسبة، ثم يقومون بحكه على أحجار خاصة من أجل تشذيب الشوائب التي عليه، ليعاد حكها مرة أخرى بحجر (السُّنْباذَج)(34) لتهذيبه، بعد ذلك يقومون بــ(تجليته وتنعيمه وصقله) بخشب العشر حتى يخرج بصورته النهائية، استعداداً لجلبه إلى الاسواق التجارية لبيعه. (البيروني، 1995م: 286، ابن ماسويه، 1388هـ: 67،68). وأحياناً كان معالجوه يعيدون قطع الْعَقِيق الصافي إلى النار بهدف تليينها، من أجل الكتابة عليها، وزخرفتها بدقه عالية بماء (القلي والنُّوشادر)، ثم تقرب من النار لتبييضها(35)، فتظهر تلك الكتابات والزخارف حسنة المنظر والجمال. (البيروني، 1995م: 281، ياقوت، 1995م: 5/173).

    وهناك أنواع أخرى من العقيق اليماني كان لها طرقها الخاصة في التحضير، لاسيما ما يعرف بــ(الجَزْع العقيقي)، فبعد أن يتم نزعه من الجبال، يوضع في قدر بعد ملئه بـ(الزيت)، ويشعل النار تحت القدر، ليظل يغلي في الزيت لمدة يقدرها صانعوه، ثم يرفع من القدر ويجفف، ويتم تحضيره حتى آخر مرحلة، وبعض من الجَزْع كان يوضع في قدر بعد ملئه بــ(العسل)، ويشعل النار تحت القدر ليوم أو يومين في الغليان، ثم يخرج من القدر ويبرد، لتستكمل بقية خطوات تحضيره، وبتلك الطريقتان تشتد عروق الجَزْع، ويظهر وَشْيُه وألوانه العجيبة، مع ازدياد عرقه الأبيض بياضاً ولمعانًا. (الأكفان، 1930م: 70 البيروني، 1995م: 286، الهمداني، 2009م:177، 287). 

     ويفيد ابن ماسويه (1388هـ:69) أن هناك نوعا من الجَزْع اليماني، ولاسيما (البقراني)، لا يحتاج لتلك الطرق السالف ذكرها في معالجته، إنما كان يقتلع من باطن الأرض، و"يعمل على حاله دون أن تمسه النار"، وهذا يدلل على أن هذا النوع من العقيق لا يحتاج إلى جهد كبير لتحضيره. 

     وكان للعقيق اليماني شهرة تاريخية كبيرة منذ القدم، بدليل الروايات المتناقلة منها: أن قوم (عاد) غزوا اليمن؛ لأن بني قحطان (اليمنيين) يعيشون في رغد من العيش ورزق عظيم، بسبب تنقيبهم عن العقيق وبيعه، فيدر عليهم أموالاً كثيرة، ومنها ما تشير إلى أن رياح كشفت تلاً فيه منبر (النبي هود)، ووجدوا بجانب المنبر عموداً من الجَزْع اليماني الأحمر مكتوب عليه بخط المسند، وأن النبي سليمان صمم منبراً له من العقيق اليماني، كما أن صرح ملكة سبأ اليمنية كان من العقيق. (ابن وهب، د، ت: 41، الهمداني، 2004م: 8/156، الحميري، 1999م: 24، جواد علي: 2001م،2/292).

رابعًا: شهرة العقيق اليماني والاتجار فيه:   

   استمر اليمنيون في التنقيب عن العقيق والتقاطه، وتصديره إلى مختلف البلدان، وصار من السلع التجارية الرائجة والمربحة، بدليل أنه كان يصدر إلى عدد من البلدان أمثال: الإغريق، واليونان، والرومان، ومصر، وبلاد فارس، والعراق، وقد شهد فلاسفة اليونان والرومان بجودة العقيق اليماني ومنهم: الفيلسوف اليوناني أرسطو (384 - 322ق، م) القائل: "العقيق أجناس كثيرة وأجوده ما يجلب من اليمن". (العمري، 1423هـ: 22/286).

      وكانت شعوب تلك البلدان تهتم بشراء العقيق اليماني لصفائه، ونقائه، ولمعانه، وجودته، ولاعتقاداتهم (الدينية، والروحية، والنفسية، والطبية)، فهو في نظرهم يطرد الأرواح الشريرة، ويحميهم من التسمم، فضلاً عن تنوع استعمالاته كفصوص لخواتم الرجال، وفي تحلية مجوهرات النساء، مع صناعة القلائد والتمائم، إذ حظيت الخواتم المركبة فصوصها من العقيق اليماني الأحمر بمكانة كبيرة في بلاد الرومان، كما نسجت حوله الأساطير  والخرافات في مصر أيام الفراعنة، لإيمانهم بقدرته العالية في الشفاء الروحاني نتيجة حث الكهنة لهم على استخدامه.  (الجميلي، 1999م: 80)(36).

      وكان الإغريق واليونان يستخدموه قديماً في صناعة القدور والحلي لاسيما الخرز، أما الرومان فكانوا يصنعون منه الأختام، فضلاً عن تصميم قطعه كموائد للطعام، وما يتبعها من أدوات (ملاعق، وجامات لشرب الماء)، وغيرها من التحف والمزهريات الغالية الثمن. (أفندي، 2014م: 117، البيروني، 1995م: 291، نشوان: 1999، 7/4297 الهمداني، 2004م: 8/30).

     واستمر العقيق اليماني محافظاً على مكانته وشهرته في العصر الإسلامي، وذلك لما ورد عنه من مأثر وحكايات؛ قد تكون أشبه بالأساطير والخرافات(37)، ولهذا وسمته المصادر الإسلامية بـــ(الْعَقِيق اليماني)، أو (الجَزْع اليماني)(38). (البيروني، 1995م: 122، 287، الجاحظ، 1994م: 15، الحلبي، 2008م: 383، الحميري، 1980م: 24، ابن فضلا، 2003م: 98، القزويني، د، ت: 145، النويري،1423هـ: 13/65، الهمداني، 2004م: 8/30). 

    وممن شهد بتميزه العلماء المسلمين، أمثال: جابر بن حيان (ت.200هـ)، وعطارد بن محمد البغدادي (ت.206هـ)، وابن ماسويه (ت.243هـ) (1388هـ)، وإسحاق الكندي (ت.260هـ)، وعالم الطب الشهير الرازي (ت.311هـ)، والدينوري (ت.397هـ) (2008م)، والهمداني (ت بعد443هـ) (1983م)، والبيروني (ت.440هـ) (1995)، والتيفاشي (ت.651هـ)، وشَيْخ الرَّبْوَة (ت.654هـ) (1923م)، والأكفاني (ت. 749هـ) (1939م)، وغيرهم ممن كتبوا عن الأحجار الكريمة، وجميع أولئك العلماء أجمعوا بأن أجود أنواع العقيق هو المستخرج من اليمن. وعن هؤلاء العلماء ومؤلفاتهم يمكن الرجوع إلى: (ابن ماسويه، 1388هـ من مقدمة المحقق: 6-12). 

    ومما يجب تحريه أن معالجيه من اليمنيين في حقبة البحث، بلغوا درجة عالية من المهارات الفنية والإتقان في تحضيره وزخرفته وتشكيله، وهو ما يعجز عنه صانعوه في العهد الحالي، بدليل أنه وجد كثيرا من المزهريات المصنوعة من البلور، والجَزْع الْبُقْرَاني، في بلاط خلفاء الدولة الفاطمية في مصر، التي كانت تبعث من اليمن هدايا من قبل ملوك الدولة الصليحية للخلفاء الفاطميين، وفي هذا يقول الحمادي (1939م :43): "وكتب علي بن محمد الصليحي إلى صاحب مصر، وهو معد المستنصر من بني عبيد، ووجه إليه بهدايا سبعين سيفاً، مقابضها عقيق، وعشرين سكيناً نصبها عقيق، لأن العقيق عندهم قدر؛ لأنه لا يكون إلا في اليمن، وخمسة أثواب وشْي، وجام عقيق وفصوص عقيق".

    ونختم الحديث عن العقيق اليماني وأهميته، بتلك الأقوال المختصرة الشاملة الدلالة والمعنى المتفرد بها اليمن دون غيرها من البلدان منها: قول الأصمعي: "أربعة أشياء قد ملأت الدنيا؛ لا تكون إلّا باليمن" فذكر منها الْعَقِيق اليماني، والمعروف بــ(العصب الجَزْعي). (الدينوري، 2008م: 1/313، 2/125، ابن الفقيه، 1996م: 94). وقول ياقوت (1995م :1/471، 4/448)" الجَزْع البقراني، وهو أجود أنواعه، قالوا: وقد يبلغ الفصّ منه مائة دينار". (القزويني، د، ت: 65). كما اعتبر الحلبي (2008م:368) أن من الخصائص الأساسية لليمن: "العقيق الذي ملأ الدنيا كثرة".. 

المحور الثاني: أماكن استخراج الْعَقِيق من بلد ألهان:

     هذا المحور سيتناول مواقع العقيق في بلد ألهان، والبداية ستكون بمناقشة اللبس والخلطـ الذي وقع فيه بعض المؤرخين عن تلك المواقع وتحليلها، لاسيما فيما يخص بلدة (مقري)، وهي على النحو الآتي: 

 1- مُقْرَى: 

      اختلف علماء اللغة والبلدان في كتابة كلمة (مُقْرَى)، فبعضهم يكتبها (مقرأ) كَمُكْرَم بألف الهمزة، ومنهم من يكتبها (مُقْرا) بحرف الألف بعد الراء، و(مُقْرئي) بالهمزة على نبرة يتبعها الياء. (البكري، د، ت: 12/396،397، الحازمي، 1996م: 116، الزبيدي، د، ت: 1/373، الفيروز آبادي، 2005م: 49)، وأحياناً (مُقْرَى) بألف المد. (ابن خرداذبه، د، ت: 141، الهمداني، 1983م: 208). أو مُقْري بالياء. (الكلبي: 1988م: 2/546).  والراجح أنها تكتب (مُقْرَى) بألف المد كما درج على كتابتها أغلب اللغويين والمؤرخين والنسابة. 

    ومُقْرَى على وزن (مُعْطَى) اسم علم (لرجل)، هو عبد الله بن سبيع بن الحارث بن زيد بن الغوث... يتصل نسبه إلى الهميسع بن حمير بن سبأ". (الهمداني، د، ت: 2/233،234). وهو مُقريّ؛ ومَقَرّةَ. (الكلبي، 1988م: 2/546. ومَقَرة تأنيث المقر، وهو الموضع الذي يستقر فيه، (ياقوت، 1995م: 5/175). مُقْرَى اسم علم (لمخلاف) مُقْرَى في اليمن. (ابن خرداذبه، د، ت: 141،142، المقدسي، 1991م: 91، نشوان،1999م: 8/5432، الهمداني، 1983م: 104،105ياقوت، 1995م: 2/569،175).

       ومخلاف مُقْرَى هو الاسم القديم لما يعرف في الوقت الحالي بـ(بمخلاف المنار، ومغرب عنس، وجزء من بلاد وادي الحار من محافظة ذمار). (الأكوع، 2002م: 56). إذ عده ابن خُرْداذَبِه (د، ت: 91)، واليعقوبي (د، ت:155) -القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي- أحد مخاليف اليمن الذي يتبع إدارياً مخلاف صنعاء، ويقع في الجهة الجنوبية من مخلاف ألهان، مما جعل غالبية أراضي المخلافين مختلطة بعضها ببعض. أما الهمداني (1983م: 104،105) فقد ألحق مخلاف مُقْرَى بمخلاف أَلْهَان يتضح ذلك من قوله: "مخلاف أَلْهَان ومُقْرَى".   

    ويرى بعضهم أن الجَزْع الْبُقْرَاني يلتقط من مخلاف (مُقْرَى)، ومنهم: ابن الفقيه (1996م:93) المعاصر للهمداني، إذ يقول: "ويحمل الْعَقِيق من مخاليف صنعاء، وأجوده ما أتي به من معدن يسمّى مُقْرَى". وممن وافق قوله الحازمي (ت: 584هـ) (1991م:136)، ففي مادة بَقَران يقول:" بِفَتْحِ الباء والقاف ويُقَالُ بسكون القاف وكسرها بُقعة باليمن، في مخاليف بني نُجيد، تُجلب منها الفصوص البُقرانية". 

    أما ياقوت (ت. 626هـ) (1995م: 1/471،501، 5/69، 173)، فقد ألتبس عليه الأمر كلياً حينما استحدث مناطق جديدة في اليمن أعتقد أنها من البلدان التي يستخرج منها الجَزْع البقراني، ففضلا عن (مخلاف مُقْرَى)، ومخلاف (بَقِران)، نجده يشير إلى أنه يقتلع من قرية (مُقْرَى)، وكذلك من مخلاف (بني نُجَيْد). ولعل هذا الخلط الذي وقع فيه ياقوت عائد إلى تعدد مصادر نقله وتنوعها، فقد نقل من كتاب "المسالك والممالك" لابن خُرْداذَبِه، وكتاب "نسب معد واليمن الكبير" لابن الكلبي، وكتابي الهمداني "صفة جزيرة العرب" و"الإكليل"، وكتاب "البلدان" لابن الفقيه، وكتاب "الأماكن" للحازمي وغيرها، فمثلا: في مادة (مخلاف مُقْرَى) يأخذ اسم المخلاف من ابن خُرْداذَبِه (د، ت: 141).  في حين ينقل نسب المخلاف وموقعه من الهمداني. (2004م: 2/233،234، الهمداني، 1983م ص208).

    ومن الملاحظ أن ياقوت لم ينقل نص الهمداني حرفياً؛ بل تصرف فيه وبصورة مختصرة، يتضح ذلك من خلال العودة إلى النص الأصلي للهمداني (1983م:208)، إذ يقول: "ومُقْرَى يسكنها آل مُقْرَى بن سميع، ومما يصلى أَلْهَان إلى وادي الشّجبة الذي يصبّ إلى شجبان ثم رمع، جبل أنس وفيه محفر الْبُقر، ووتيح، وسمح، وريمة الصغرى، وحدا، ومن هذا الصّقع في حيز سهام هو وبقلان، وعشار، وكثير مما ذكرنا من غربي ذمار يعد في مُقْرَى". في حين يقول ياقوت (1995م:5/69): "مِخْلافُ مُقْرَى: ... هذا المخلاف مخالط مخلاف ألهان، وفيه وادي رمع، وفيه محفر البقران وريمة الصغرى وهما في غربي ذمار". 

  وبالمقارنة بين النصين يتضح أن الفرق بينهما واضح، فياقوت لم يذكر جبل أنس المشهور بمحفر الْبُقران كما بينه الهمداني، بل جعل وادي رمع من ضمن مخلاف مُقْرَى، وأشار إلى أن محفر الْبُقران فيه، بعكس ما قاله الهمداني، وقول الأخير هو الأصح؛ لمعرفته بطبيعة بلده وما تجود به من خيرات. 

     وفي مادة (مُقْرَى) جعلها ياقوت (1995م:5/69،173) (قرية)، وهي تبعد عن صنعاء مرحلة، وبها معدن العقيق، وفي مكان ثانٍ جعله مخلاف.  وربما أن ياقوت نقلها من كتاب البلدان لابن الفقيه ( 1996م :93). وبالرجوع إلى كتب المعاجم والبلدان، ولاسيما كتب الهمداني، لم يجد الباحث قرية يمنية باسم مُقْرَى، بل وجد اسما لمخلاف هو (مخلاف مُقْرَى) السالف ذكره، هذا من جهة، ومن أخرى فإن ياقوت أكمل بقية كلامه في (مادة مُقْرَى) عن نسب مُقْرَى من الهمداني (2004م: 2/233،234). وابن الكلبي ( 1988م، 2/546)؛ إلا أن  الهمداني وابن الكلبي لم يذكرا أن أرض مُقْرَى يستخرج منها الْعَقِيق اليماني البقراني. 

     وفي مادة (بَنُو نُجَيْد) أشار ياقوت (1995م:5/122) بأنه مخلاف يقتلع منه العقيق الْبُقْرَاني؛ لكن هذا الكلام يخالف ما جاء في كتب البلدان والرحالة، إذ لم تذكر البتة أن هناك مخلافا في اليمن باسم (بني نجيد)، ولعله يقصد مخلاف (بني مجيد)، الواقع على ساحل البحر الأحمر، يمتد من باب المندب جنوباً إلى المخا شمالاً، ومن بلدانه (موزع)، وهي منطقة ساحلية. (المقحفي،2002م: 2/2388). وليس بها معدن العقيق، إنما كانت تشتهر بتربية البقر، وهذا ما سيتم بيانه أثناء الحديث عن أصل كلمة (الْبُقراني). 

  وأخيراً فإن ياقوت (1995م:1/471) في مادة (بَقرَانُ) يذكر أنه من مخاليف اليمن لبني نجيد.  والأصح لبني مجيد، ويجتلب منه الجَزْع البقراني، وهو أجود أنواعه، ولعل ياقوت اعتمد في نقله على كتاب الحازمي (1991م: 136).

     لكن ما ذكره ياقوت والحازمي يخالف ما جاء في كتب الهمداني، إذ لم تذكر أثناء حديثها عن مخاليف اليمن وجود مخلاف باسم (بَقران لبني نجيد)، أو بلدة من بلدان اليمن بهذا الاسم، وإنما بَقِرَان حالياً اسم قرية تقع في الشمال الشرقي من مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء بمسافة 13كيلو مترا. (المقحفي،2002م: 1/184).

     من ذلك يمكن القول: إنه لا صحة لوجود الجَزْع الْبُقْرَاني في مخلاف بني مجيدي، أو قرية مُقْرَى، أو مخلاف بُقران، وإنما هذا النوع من العقيق يقتلع من ديار أَلْهَان، ولاسيما (جبل أنس، أو جبل الدامغ)، حسب ما جاء عند الهمداني، كونه المعول عليه لمعرفته بجغرافية بلده، وما تحمله جبالها من جواهر ومعادن. 

     أما بشأن استخراج العقيق من مخلاف مُقْرَى (المنار حالياً)، فالهمداني لم يتطرق في جميع كتبه إلى ذلك، مما يدل على عدم التقاطه من هذه المنطقة في زمانه، كما أن الوثيقة المعروفة بـ(وثيقة المعادن في اليمن)، المدونة بداية القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي، لم تذكر أنه يستخرج العقيق من مخلاف مُقْرَى في زمن كتابتها البتة. (أرسلان، 2007م: 331-347)(39). وفي الوقت الحالي يتم استخراج العقيق من مخلاف مقرى (مخلاف المنار حاليًا)، وهذا بحسب ما أفاد به أحد أبناء المنطقة وهو الأستاذ/على سعد عمر بأن العقيق يقتلع في الوقت الحالي من سباع، وبيت العولقي، وبيت الشامي، وبيت سوادة، وهجرة الجيلاني، بيت الخضر، وهجرة الفاضلي، وجبل القرون ف قراضه، وبيت الطيبي، وجبل ظلمان الشعب.   

2-جبل أَنِس (الدامغ): 

        أَنِس بفتح أوله وكسر ثانية وسين مهملة على وزن (بناء فِعْل). (البكري، د، ت: 1/199).  وتكتب في العهد الحالي (آنس) بالمد وكسر النون على وزن (فاعل وصاحب). (الحجري، د، ت: 1/24).  وبما أن البحث يتناول أنس في الستة القرون الهجرية الأولى، فإن منهجيته تقتضي كتابتها بالهزة المفتوحة (أنس)، وليس بالمد، حسب ما جاءت بها مصادر البحث لتلك الحقبة. 

   وأنس اسم علم لرجل هو: أنس بن أَلْهَان بن مالك بن زيد بن أوسلة، وإليه ينسب أحد بطون قبيلة أَلْهَان، وهو (بطن أنس)، كما ينسب إليه مخلاف (أنس). (الهمداني، 1983م: 208،309م، الهمداني، 2004م: 8/30)، فضلاً عن أنه يطلق على (جبل أنس) من ديار ألهان. (البكري، د، ت: 1/199).  

    والهمداني (1983م: 208،209،121،122) عدّ جبل أنس جزءا من (سراة جُبْلان)، بدليل قوله: "ثم يتصل بهما سراة جُبْلان، فأعلاه أنس والجبجب وسُرْبة وجمح"، ويضيف: "ومما يصلي أَلْهَان إلى وادي الشَّجَبَة الذي يصب إلى شجبان ثم رمع، جبل أنس ...، وما بين جبل أنس وحقل جهران ضوران ومذاب". 

      ومن الملاحظ أن الهمداني (1983م: 208،209) أطلق اسم جبل أنس بصيغة المفرد، وكأنه جبل وحيد، وليس سلسلة جبلية متصلة تمتد جنوب مخلاف أَلْهَان من شرقه إلى غربه؛ وقد يكون ذلك ديدنه أثناء الحديث عن الجبال المترامية الأطراف، يتضح ذلك من قوله: "جبل السراة...فإنه ليس بجبل واحد وإنما هي جبال متصلة على نسق واحد من أقصى اليمين إلى الشام".. وهذا ينطبق على قوله: "جبل أنس"، فلم يكن بجبل، وإنما هو سلسلة جبلية متصلة على نسق واحد في الارتفاع، قد تتسع في بعض أجزائها وتضيق في الأخرى. 

       ويقع جبل أنس شمال غرب مدينة ذمار، بمسافة تقدر بثلاثين كيلو مترا، ويمتد إلى أطراف جبال ريمة ووصابين، وفي اعتقادي أن الهمداني قصد من كلامه أن الجبال الواقعة جنوب غرب حقل جهران، وكذلك الجبال القريبة من غرب مدينة ذمار أمثال: الشَّجَبَة(40)، وسُرْبة، وجمح، ووتيح، وريمه الصغرى، وحدا(41) تعد متصلة بجبل أنس، إن لم تكن جزءاً منه، بدليل أنها تتشابه في التكوين الزمني والتركيبة الصخرية.  ويمثل جبل آنس في الوقت الحالي ثقلا بشريا كبيرا، إذ اقيمت على سفوحه وفي بطونه ومرابضه قرى وعزل عدة، الأمر الذي جعل التركيبة الديمغرافية والعمرانية تختلف اختلافاً بيناً عما كانت عليه زمن الهمداني(42).

    وبالعودة إلى جبل أنس، فإنه من الجبال البركانية التي تكونت في الزمن الجيولوجي الثالث وبداية الرابع، وهذا ما جعل صخوره بازلتية نارية، ورواسب رمادية، مع ما تحمله من ثقوب بداخل قشرته الأرضية المكونة لها، بسبب الترسبات البركانية. (آغا، 1982م: 125،126)، الأمر الذي سهل تشكل العقيق، مع كثرة ينابيع المياه الذي كانت تسيح منه، ولهذا وصفه الهمداني (2004م:8/58-60) بأنه" كثير الأنهار الجارية". وبعض هذه العيون باردة صالحة للشرب ولري الزراعة، والأخرى حارة لاسيما التي تنبع من الجهة الجنوبية الغربية من الجبل والمعروف بـ(جبل الجاهلي) المتدفق منها المياه الحارة لما يعرف بـ(حمام  علي) مركز مديرية المنار، كما تنبع منه مياه عين (النائِجة) الواقعة في أسفل جبل الجاهلي من جهة الغرب، تبعد عن حمام علي حوالي عشرة كيلو مترات(43). (آغا، 1982م: 174، الهمداني، 1983م: 237، الهمداني 2004م: 8/58-60).

     وأعلى قمة في جبل أنس هي قمة (جبل الدامغ)، التي يطلق عليها الهمداني (2004م: 8/58، 1983م: 237) تسميات مختلفة منها إلى جانب الدامغ: جبــل (ضوران، وجبل مَرْكبان، والجبل الأشهب). (ياقوت، 1995م: 3/464)(44).

     واسم ضوران في هذا العهد يطلق على مخلاف ضوران، ومديرية ضوران آنس التابعة لمحافظة ذماؤ(45)، وكذلك على مركز المديرية الذي يقع شمال غرب ذمار، بمسافة تقدر بحوالي اثنين وثلاثين كيلو مترا، وكانت قبل زلزال عام 1982م تقع في إحدى عقبات جبل الدامغ الشمالية، وبعد الزلزال انتقلت المدينة إلى الأطراف الجنوبية لقاع بكيل أَلْهَان، المقابل لجبل الدامغ من جهة الشمال. 

       وجبل الدامغ من الجبال اليمنية المنيفة شاهقة الارتفاع، إذ يبلغ ارتفاعه حوالي (2800) متر عن سطح البحر، ولهذا يشاهد من أعلى قمة له جميع الأراضي الممتدة جنوباً منه بما فيها مدينة ذمار ومغرب عنس (مقرى) ووادي الحار، وعلى شمال الجبل يشاهد جبل حضور (النبي شعيب) الواقع في بني مطر، وجبل عانز(46)من بلاد الحيمة، وقاع جهران المحجوب بالجبال، وبلاد الحداء، وهو جبل محصن لا أحد يستطيع الوصول إلى قمته إلا من مدخل واحد، يتحكم كلياً بالطرق القادمة منه أو الآتية إليه(47)، وقمته أرض مسطحة صالحة للزراعة، وتسكنه حالياً قريتان آهلتان بالسكان، وهما (قرية بيت مشكل وبيت السنيدار)، ولأن قمة الجبل كذلك، فقد قال عنها ابن الوزير (2008م:60)(48): "إنها أرض في سماء". وعلى مرابضه وفي أحزمته المتناثرة والمسطحة قامت في هذا العهد قرى وعزل عدة تابعة لمحافظة ذمار(49). 

    ولشهرة جبل الدامغ وعلو منزلته التاريخية والأثرية والسياسية والاقتصادية، أفرد الهمداني (2004م: 8/58-60) باباً خاصاً للحديث عنه نقتطف منه قوله: ((دامِـــــــــــــــــــــــــــــــــغ، ومنها دامِغ، قال الحسن الهمداني: هو ضُوران، جبل أنس بن أَلْهَان بن مالك بن مالك بن ربيعة بن أوسلة ...، واسمه ايضاً مَركبَان، وهو جبل منيف، فوق بكِيل...، وفيه عمارة بالصخور العظام من أعجب البنيان ... ويقال إنه جبل المنصور منصور حمير... ودامغ هو ما بين صنعاء وذمار كثير الأنهار الجارية، وكان يصلح فيه أيام حمير شجر الورس(50)، وسائر الفواكه، وفيه معدن الحجر النفيس الْبُقْرَاني اليماني مالم يكن في غيره...، وقد قيل أن دامغ الجبل الأشهب". 

    وحديث الهمداني يدل على أن جبل الدامغ من الجبال اليمنية المنيعة شاهقة الارتفاع، وله شهرة تاريخية قديمة، سكنته أقوام وملوك من حمير، وفي جوانبه تلال تسمى بالمصانع، بنيت عليها قصور ملوك حمير، وكان يتميز بكثرة العيون الجارية بالمياه، ولهذا كان يطلق جبل (الدامع)، إذ جعلت منه تلك العيون طبيعة ساحرة تتوشح بالخضرة وتدفق المياه، ويتمتع بحدائق خضراء وبساتين يزرع فيها أنواع مختلفة من الفواكه؛ إلا أن هذه العيون قد جفت في الوقت الحالي ولم يعد لها أي وجود(51). ويذكر الهمداني (2004:8/60). أن من أنواع النباتات الذي كان يزرع فيه نبات (الورس)، الذي اشتهرت بزراعته اليمن؛ وكان سلعة تجارية رائجة التداول، إذ يصدر من ميناء عدن إلى الهند والصين لصباغة الملابس لاحتوائه على مادة حمراء. 

       وجبل الدامغ (أنس) من الجبال اليمنية المشهورة تاريخياً بمناقب العقيق، لا سيما (الجَزْع البقراني)، بدليل أن الهمداني (1983م:208) أكد على ذلك في مختلف كتبه، فمما قاله في حديثه عن مخلاف أَلْهَان ومقرى: "جبل آنس: وفيه محفر البقر"، وفي باب معادن الجواهر في اليمن يقول الهمداني: "وبها فصوص البقران ... والبُقران ألوان ومعدنه جبل أنس". وحينما تحدث الهمداني (د، ت :2/30) عن نسب أَلْهَان وبطونه قال: "ومن بطون أَلْهَان "(أنساً)، وإليه ينسب جبل أنس... به معدن البقران من ديار ألهان"، وفي باب معادن الجَزْع من اليمن يقول الهمداني (2004م: 8/30): "والبقران النفيسي ومعدنه بجبل أنس"، ويضيف في حديثه عن جبل الدامغ قوله: "وفيه معدن الحجر النفيس الْبُقْرَاني اليماني مالم يكن في غيره". (8/60).  

     وأمام تلك النصوص الخمسة المدونة في كتب الهمداني، يتبين أنها تؤكد بأن نوع من العقيق يسمى (الجَزْع الْبُقْرَاني) يستخرج من جبل أنس، وليس من مخلاف (مُقْرَى، أو قرية مُقْرَى، أو مخلاف بني مجيد) كما يزعم بعضهم؛ لكن من أي موقع في جبل أنس؟ وهنا يجيب الهمداني (2004م:8/30) في إحدى نصوصه؛ إنه يستأصل من (جبل الدامغ)، وليس ذلك فحسب؛ بل يؤكد أنه الموقع الوحيد -في عهده- في اليمن الذي يستخرج منه الجَزْع العقيق دون سواه.. 

    ولا بد أن الهمداني يعرف جبل الدامغ وطبيعته، إذ لا يستبعد أنه قام بزيارته والصعود إلى قمته والطوف في أرجائه ومنحدراته، فشاهد محافر الجَزْع البقراني، يتضح ذلك من قوله (1983م:208) "وفيه محفر البقر"، ومحفر مفرد، وجمعها (مَحافِر)، وهي من حفر الحفيرة في الأرض الجبلية، لالتقاط الْعَقِيق منها، إذ تشكل الآن أخاديد على هيئة جروف وأغوار وخنادق.

     وكما أشير سابقاً أن جبل أنس يحتل مساحة شاسعة من جنوب أرض ألهان، فإن بعض أجزائه قد تمتد إلى غرب حقل جهران وغرب ذمار، وهو ما يعرف اليوم بسفل جهران، وأجزاء من عنس قريتي (مُلُص ويَعر)(52)، بدليل أن بعض هذه البلدان مثل قرى: (شارح، وبني خضير، والمصنعة، والصياد) تتبع في الوقت الحالي مخلاف الجبل (أي جبل الدامغ)؛ هذه من جهة؛ ومن جهة أخرى، فإن بعض مواقع هذه المناطق يقتلع منها الصنف نفسه من العقيق الذي يقتلع من جبل الدامغ، يتضح ذلك من خلال تلك الإشارة التي وردت في (وثيقة المعادن. (أرسلان  7 200 م: 331)(53). 

     وخلاصة القول إن بلد أَلْهَان (آنس حالياً) اشتهر باستخلاص العقيق المعروف بـــ (الجَزْع الْبُقْرَاني)، وتحديداً من جبل أنس، أو ما يعرف بجبل الدامغ، أو جبل ضوران، إذ تبين أن هذه المنطقة هي الوحيدة في اليمن التي يقتلع منها هذا النوع من العقيق في حقبة البحث، بحيث لا يزال يستخرج منها هذا الصنف من العقيق حتى الوقت الحالي.

  3- جبل ألهان: 

     سمي جبل أَلْهَان بهذا الاسم نسبة إلى أَلْهَان بن مالك، وهو جبل من جبال سراة ألهان، المذكورة لدى الهمداني(1983م: 121،122) إذ يقول: و"مبدأ هذه السَّراة ... أرض الْمَعافر... ثم تتصل بسَراة الْكِلاع سَراة بني سيف(54)، ثم تتصل بهما سراة جبلان، فأعلاها أنس ... ثم يتصل بها (سراة ألهان)، فظاهره ضوران، ومذاب، وألهان، ومُقْرَى، والحقلين، وعشار، وبقلان، ونقيل السَّود، وحقل سهمان، وجبل حضور، وأسفلها وادي سهام وصابح(55)، والأخرج وأرض حراز". 

    وسراة أَلْهَان تُعد سلسلة جبلية ممتدة، تبدأ من جنوب شرق أَلْهَان، وتحديداً (جبل الدامغ)، ومنه تتفرع سلسلتان جبليتان هما: السلسة الجبلية الواقعة شرق قاع بكيل ألهان، وقاع الحقل، وهي الحد الفاصل بين أرض أَلْهَان وحقل جهران، ومخلاف ذي جرة (سنحان حالياً)، وتتصل إلى جبل عشار، ومنها تمتد إلى جبال بقلان من بلاد حضور (جبل النبي شعيب) حتى الأخروج الحيمتين، وجبال حراز جنوب صنعاء. أما الثانية فتبدأ من جبل (هَدَّاد) المعاند لــ (جبل الدامغ) من جهة الشمال، والمشرف على قاع بكيل أَلْهَان من جهة الغرب، ويمتد إلى جبل السلف وجبل ظفار جنوب غرب قاع الحقل(56)، وتتصل هذه السلسلة الجبلية بــــ(جبل ألهان)، وأعلى قمة لهذا الجبل تسمى جبل (صِنْعان) حسب ما جاء عند الهمداني (1983م: 149). 

    ووفقاً للمعالم الجغرافية في الوقت الحاضر، فإن جبل أَلْهَان يقع شمال غرب جبل الدامغ، بمسافة لا تتجاوز العشرين كيلو مترا، أي إلى الشمال الغربي من مدينة ذمار بمسافة خمسة وأربعين كيلو مترا تقريباً، وجنوب مدينة صنعاء بحوالي مائة كيلو متر، وفي الأطراف الشمالية للجبل تقع قرية (ظليم) المذكورة في النقوش اليمنية القديمة "، ومخلاف أَلْهَان ومُقْرَى ... ومجمعها الجب جب ألهان"(57). (الهمداني، 1983م: 208).   

    وجبل أَلْهَان من الجبال البركانية الذي تشكل في الزمن الجيولوجي الرابع، نتيجة تدفق الحمم البركانية الصغيرة، وتطايرها، وتراكمها ببطء، فضلاً عن تكسر أجزاء من القشرة الأرضية وتداخلها مع بعضها، الأمر الذي أبرز الجبل، وجعله واضحا، والغالب عليه الصخور البازلتية النارية، وبعضها صخور بلقاء مائلة للسواد والبياض.   

    وكان لعوامل التعرية من رياح وأمطار وسيول أثر في استواء الأجزاء المرتفعة منه، إذ خلقت كتلة جبلية مسطحة تشبه إلى حد كبير هضبة مصغرة -إذا جاز التعبير- يقدر ارتفاعها عن سطح البحر بحوالي (2500) متر تقريباً، وتتميز جميع جوانبها بشدة انحدارها، إلا ما ندر منها فكانت منافذ لخروج مياه الأمطار من على سطحه، لتصب في عدد من الأودية المحيطة به من جميع الجهات، ففي شماله وغربه وادي الظلمة، ووادي شِعيرْة، ووادي الصيْد، وجميعها تصب في وادي سهام الواقع شمال أرض ألهان، وفي شرقه وادي جرف يعِيْش، ووادي سناف، ويصبان في وادي مونى الواقع جنوب غرب الجبل، فضلاً عن  وادي الحلة، ووادي العبارة جنوب الجبل، وجميعها تصب في وادي حباب، ومنه إلى وادي رمع، الواقع جنوب أرض ألهان. ومما يميز جبل أَلْهَان كثرة ينابيع المياه الجارية من جوانبه المنحدرة، وأشهرها ينابيعه الجنوبية الآتية من قرية (شَمْهان، وبيت النويدي، وهجرة الشاوري)، وتسكب مياهها بــ(السربة) فوق حلة بني فضل، وهي شلالات دائمة الجريان طوال العام(58).

      ومما يتوجب ذكره أن لجبل أَلْهَان امتدادات جنوبية تظهر أجزاء منه فيما يعرف اليوم بـ(جبل حضران)(59)، يدل على ذلك ارتباط هذه الجبل بشريط جبلي يربط بينه وبين جبل أَلْهَان المعروف الآن بـ(جبل الْعَودي)، وجبل (القُبَب)، فضلاً عن تشابه التركيبة الصخرية البركانية للجبلين، وهذا ما ساعد على وجود العقيق في هذه المنطقة؛ لاسيما فيما يعرف بقرية (دَهَم)(60). 

     ويبلغ ارتفاع جبل ألهان (2500)متر  عن سطح البحر، أما مساحته فتقدر  بثمانين كيلو مترا مربعا تقريباً، وعلى سطح الجبل يوجد تلال مبعثرة، الغالب عليها الانخفاض، وبين هذه التلال ما يشبه القيعان الصغيرة المبعثرة، أوسعها (قاع مَرِحْ، وقاع هجر)، وتسكن على سفوح جبل أَلْهَان، وفي عقباته، ومرابضه في الوقت الحالي كتلة بشرية كبيرة، موزعة بين قرى عدة وعزل، تتبع مخلافي حمير وبني خالد مديرية ضوران محافظة ذمار(61).

          وجبل أَلْهَان يُعدٌّ من أهم الجبال المستخرج منها العقيق في اليمن منذ القدم، بشهادة العلماء؛ لكن بعضهم اختلط عليه الأمر في رسم كلمة (ألهان)، مما أدى إلى اختلاف الاسم وتعدده، ومنهم: ابن ماسويه (ت.242هـ) (1388هـ:68)، حينما تعرض للعقيق اليماني، إذ يقول: "واليماني ويؤتى به من بلاد اليمن من قرى متفرقة منها مغربي (أي مقري)، وهو أجوده، وقرية إبهام". وابن الفقيه (ت. 365هـ) (1996م:93،94) إذ يقول: "ويحمل الْعَقِيق من مخاليف صنعاء، وأجوده ما أوتي به من معدن يسمّى مُقْرَى، وقرية أخرى تسمّى (الهام)". أما البيروني (ت. 444هـ) (1995م:281)) فيقول: "في ذكر العقيق ... ومعدنه بالسند واليمن في قريتي مُقْرَى و(نعام) وما حولهما".. كما يقول البكري (ت.487هـ) (د، ت:3/904):"والْعَقِق الجيد من ألهان"، في حين يذكر ياقوت (ت.626هـ) (1995م: 5/389)) في مادة (الْهَام): "الْهَام: بلفظ الهام الذي هو الرأس، والهام الصدى: وهي قرية باليمن بها معدن العقيق"..  وقد وافقه على ذلك الزبيدي (ت.1205هـ) (د، ت: 34/127)، بقوله: "والهام باليمن بها معدن العقيق".

     ومن الملاحظ أن جميع المتكلمين السالف ذكرهم أجمعوا على أن أجود أنواع العقيق يؤتى به من اليمن، وبالتحديد من بلدة قرب صنعاء؛ لكنهم أخطأوا في كتابة اسم هذه البلدة التي ينتزع منها العقيق، فابن ماسويه يوسمها بـــ(إبهام) على وزن إفْعال، في حين يكتبها البيروني (1995م) بــــ(نَعَام) على وزن فَعَال، أما البكري فيذكرها (ألهان) على وزن أفْعال. فضلاً عن ابن الفقيه وياقوت والزبيدي الذين رسموها بـــ(الهام) على وزن فَعال. 

      وبالعودة إلى الهمداني المعول عليه يتبين عدم وجود بلدان في اليمن بتلك الأسماء -باستثناء ما ذكره البكري- فمثلاً: كلمة (إبهام) تعني (إبهام اليد والرجل) عند ياقوت (ياقوت، 1995م:5/389). وليست بلدة أو مكان، وكلمة (نَعَام) تعني جنس النعامة من الحيوان، واسم لوادٍ في اليمامة (البحرين). (الهمداني، 1983م: 253،266، ياقوت، 1995م: 5/292،293). وكلمة (الْهام) تعني رأس كل شيء، أو الصدى. (ابن سيده،2000م: 4/441). وأطلق عليها الهمداني (1983م:236) بــ(ذات الْهَام) من ضمن ديار ربيعة في اليمامة.

    ولعل سبب الخلط في تعدد تسميات (ألهان) ناتج عن (تَصْحيف)، إذ أهملت حروف واستبدلت بأخرى، مما غير رسمها ومعانيها، وصارت متعددة الألفاظ بين (إبهام) بحذف الألف واستبداله بالباء، وما بين (نعام) بحذف حرفي البا والهاء واستبدالهما بحرفي النون والعين، وما بين (الهام) بحذف حرف النون واستبداله بحرف الميم، وقد يكون هذا الخلط ناتجا عن قلم النساخين وأخطائهم، أو أخطاء من قاموا بتحقيق كتب أولئك العلماء، كونهم لم يتحروا الدقة في كتابتها والتعريف بها. 

     ومما يزيد الأمر وضوحاً من أن تلك الأسماء الذي ذكرها ابن ماسويه، وابن الفقيه، والبيروني، وياقوت والزبيدي، لا تخرج عن اسم علم لجبل (ألهان) من بلاد اليمن؛ ما أفصح عنه خبير اليمن وعالم أسراره الهمداني، ودونه في كتبه، ففي موضوع حديثه عن المساجد الشريفة في اليمن يقول (1983م:149): "ومسجد جبل صِنْعان في رأس جبل أَلْهَان المشهور فيه البياض ليلة كل جمعة".. ويضيف قائلاً في المصدر نفسه: "والعقيق الأحمر والعقيق الأصفر العقيقان من ألهان، وبها الجَزْع الموشّى والْمُسَّير، وهو في مواضع منها". (:322). وقوله: والْعَقِيق اليماني من أَلْهَان وجبل أَلْهَان معروف من مخلاف أنس بن أَلْهَان بن مالك". (2004م: 8/30). والهمداني في نصوصه هذه أكد - بما لا يدع مجالاً للشك - أن الجبل الذي ينقب منه العقيق اليماني -في الحقبة الزمنية للبحث- هو جبل ألهان، ورأسه جبل صِنْعان، الذي لا يزال يطلق عليه التسمية نفسها. (الهمداني: 122،133،206،212،216،322، الهمداني 2004م: 8/30، 58،59). كما لا تزال التسمية نفسها تطلق على جبل أَلْهَان في العهد الحالي(62)، فضلاً عن أن جبل أَلْهَان لايزال في الوقت الحالي من الجبال المشهورة باستخراج مختلف أنواع العقيق في اليمن(63). 

 المحور الثالث: أنواع الْعَقِيق المستخرج من بلد ألهان 

     سوف يخصص هذا المحور للحديث عن أنواع العقيق الملتقط من بلد ألهان، وخصائصه، واستعمالاته ومكانته التجارية والاقتصادية في الحدود الزمنية للبحث، بعيداً عن تلك الخرافات والأساطير التي قيلت في فوائد العقيق ومنافعه، كونها تعد من المعتقدات الخاطئة، التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وهذه الأنواع نعددها على النحو الآتي:

أولاً: العقيق الأحمر (Agate  (Carnelian  

     يُعدُّ العقيق الأحمر من أشهر الأحجار الكريمة ذات الأصل المعدني الصخري الصلب، إذ اكتسب شهرته وأهميته من صلابة معدنه، وصفاء فصوصه، ولمعانها، وخلوها من الشوائب، واستوائها، وتعدد ألوانها، فضلاً عن تعدد استخداماته، إذ كان من أهم استخداماته جعله فصوصا لخواتم الرجال؛ لأن التختم به بحسب اعتقاداتهم له فوائد ومنافع دينية، وروحية، ونفسية، وطبية، كما يستخدم في صياغة مجوهرات النساء.

       ولذلك كان العقيق الأحمر يستخلص من (جبل ألهان) في اليمن، ومن ثم يتم تحضيره ومعالجته استعداداً لجلبه إلى الموانئ اليمنية (عدن، وموزع)، ومنهما يصدر إلى مختلف البلدان، بوصفه خير أنواع العقيق اليماني وأجودها وأغلاها ثمناً، وهذا ما شهد به الجاحظ (ت:255هـ) (1994م:15) عند تناوله السلع التجارية ذات الجودة العالية والأغلى ثمناً في قوله: "وَخير العقيق الْيَمَانِيّ الشَّديد الْحُمرَة الَّذِي يرى فِي وَجهه شبه الخطوط، وَكلما كَانَ أصفى وأضواء كَانَ أَجود فِي الثّمن". 

      وقد ظل العقيق الأحمر المستخرج من جبل أَلْهَان في اليمن في القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي هو الأجود والأغلى ثمناً في الأسواق التجارية، يشهد على ذلك البيروني (1995م:282) بقوله: "ومنه ما ترجح حمرته على الصفرة، فيسمى عقيقاً أحمراً وهو أصلب جوهراً وأغلى ثمناً، ويبلغ الفص منه إلى ثلاثة دنانير أو يزيد... وقيل في المختار من اليماني الذي تشتد حمرته، ويرى على وجهه كالخطوط". 

      ومما يميز العقيق الأحمر المستخرج من جبل أَلْهَان تنوع ألوانه ما بين: التمري (الينع)، والكبدي، والرطبي، والرماني، وهذه الأنواع سوف نوجز الحديث عنها على النحو الآتي:       

- الْتَمْري (line Corna): 

      ويطلق عليه العقيق (اليَنْع)، كون مظهر فصوصه يماثل حبات التمر اليَنْع الناضج الثمر، والخرزة الواحدة منه تسمى (يَنْعة)، ومن خصائصه أنه يتحول لونه من اللون الأحمر المُدْمي إلى اللون الأحمر الضارب إلى الصفرة. (البيروني، 1995م: 282). الأمر الذي جعله يحتل المرتبة الأولى بين ألوان العقيق الأحمر المستخرج سواء من اليمن أم من بلدان أخرى. 

     ونتيجة للطلب المتزايد على هذا الصنف من العقيق في الأسواق التجارية، كان يلتقط بكميات كبيرة من (جبل (ألهان)، ثم تتم معالجته بتحضيره، وتصديره إلى ميناء (البصرة)، ومنها يجلب إلى بلاد خرسان وفارس لرغبة أهلهما فيه، إذ كان يباع الفص منه بمبالغ مالية كبيرة. (البيروني، 1995م: 282). 

- الكبدي: 

      هو نوع من أنواع العقيق الأحمر، ويسمي بـــ(الكبدي)، لأن لونه يشبه لون كبد الإنسان، أي أحمر غامق، أو داكن، ونتيجة لاستعمالاته المتعددة كفصوص لخواتم الرجال، لما له من فوائد روحية، وسعادة نفسية، وشفاء مستدام من الأمراض؛ فقد شهد طلباً متزايداً عليه، مما شجع اليمنيون على البحث عنه والتقاطه من (جبل ألهان)، والقيام بمعالجته وتحضيره، ثم جلبه إلى الموانئ اليمنية، ومنها يصدر إلى بلدان شتى، ومن تلك البلدان التي كان يصدر إليها (خُرسان)؛ حيث كان أهلها يهتمون بشراء هذا النوع من العقيق لرغبتهم الكبيرة فيه. (البيروني، 1995م: 282). 

- الْرَّطْبي:

      هو نوع من أنواع العقيق الأحمر، ولم تدلنا مصادر الدراسة عن سبب تسميته بالرطبي؛ ولعل التسمية آتية من أصل الكلمة (رَّطْب): وهي ضد اليابِس، ورَّطْب أو رُطْبي كناية عما فيه من ماء الرونق (الندى)، والبهاء، ونعمة البشرة، وتمام النقاء؛ لأن الرطوبة فضل يقوم للماء نفسه، وهي تنوب عنه في الذكر. (الزبيدي، د، ت: 2/500).  ولهذا أتت تسميته بالرطبي من كون فصوصه يعتريها شكل قطرات الماء أو الندى، مما زاده رونقاً وجمالاً. 

     ومن خصائصه أنه أحمر مشرب، مشوب بالصفرة، خالية فصوصه من الشوائب، مما جعله حسن المنظر، فضلاً عن استعمالاته لاسيما فصوص خواتم الرجال، لاعتقادهم أنه يجلب السعادة، ويحقق الأماني، وأيضا في صناعة التمائم وتزيين المجوهرات، لهذا كان يلتقط من جبل أَلْهَان في اليمن بكميات كبيرة، ثم يجلب إلى ميناء عدن، ومنها يصدر إلى مختلف البلدان؛ لاسيما بلاد العراق، لرغبة أهلها في هذا النوع من العقيق. (البيروني، 1995م: 282).

- الْرُماني: 

    سمي بهذا الاسم، لأن لونه يشبه لون الرمان، وهو أحمر فاتح اللون، يميل إلى الياقوتي، وقد يطلق عليه (الرومي)، ولا يعني ذلك أنه يستخرج من بلاد الرومان، إنما سمي بذلك تجاوزاً كونه من السلع التجارية المحببة إليهم، أي أن التسمية أتت من استحسان الرومانيين لهذا النوع من العقيق؛ وإقبالهم على شرائه، وفي هذا يقول البيروني (1995م:290): "وأما الذي يسمى رومياً، فإنه نسب إليهم لاستحسانهم إياه؛ لأن له معدناً بالروم؛ ولكن كما يقال: السلعة الفلانية بابه ببلد كذا". (ابن ماسويه، 1388هـ: 69). 

      وكان العقيق الأحمر الرماني يستخرج من جبل أَلْهَان بكميات كبيرة، نتيجة الإقبال على شرائه، الأمر الذي صيره سلعة تجارية رائجة ومربحة، لاسيما في بلاد الرومان (أوروبا حالياً)، نظراً لما يتمتع به من خصائص نادرة قل وجودها في أنواع العقيق الأخرى، يقول البيروني (1995م:290) في وصفه بأنه "ما يشرب صفرته حمرة يسيرة مع صقال ورطوبة، وهو المسمى (رومياً) لولوعهم به". (ابن ماسويه، 1923م:69). بمعنى أن له أشكال تعرف بــــ(المنور، والنوراني، والمشع)، المتميز بخاصية الفاعلية الإشعاعية، كالشمس حينما ترسل ضوءها مع إشراق ولمعان. 

ثانياً: العقيق الأصفر ( (White Agate 

       يأتي العقيق الأصفر في المرتبة الثانية بعد العقيق الأحمر، إذ تعددت أسماؤه نتيجة للاعتقادات السائدة في أبراج الكوكب، فبعضها يطلق عليه شرف الشمس (المشمسي) وخاصيته أصفر خالص يشبه شكله الياقوتي،  وينسب إلى النقش الذي يكون في ساعة شـرف الشمس، للاعتقاد أن لكل كوكب ساعة سعيدة، وساعة نحسة، والساعة السعيدة  تأتي في الدرجة التاسعة عشر من (برج الحمل)، وتستمر أربعة وعشرين ساعة، فضلاً عن تسميته بــ(خاتم سليمان)؛ لأنه بحسب الاعتقاد السائد أن النبي سليمان حينما امتلك هذا النوع من (الخاتم الأصفر)، تمكن من السيطرة على بني آدم، ولهذا اكتسب أهميته من المعتقدات التي كان الناس يؤمنون بها في جلب السعادة والحظ، وهي معتقدات تشبه إلى حد كبير الأساطير والخرافات. (الجميلي، 1999م: 80).

   والعقيق الأصفر لا يقل أهمية عن العقيق الأحمر، فهو ينتمي إلى العائلة نفسها، والمجموعة نفسها، كما يمتاز بصلابته، وصفائه، ولمعانه؛ الأمر الذي منحه منظراً يشبه إلى حد كبير الصفرة الذهبية، ولهذا أطلق عليه البيروني (1995م:282) اسم (المذهب)، ويتضح ذلك من قوله: "خاصية اليماني الصفرة الذهبية المشرقة بالاستواء في اللون والصفاء ويسمى (مذهباً)، وهو الأغر الأطرف".  (الجميلي، 1999م، ص80). والأغر من الغرة، أي أصفر مائل للبياض، وهو ما يعرف بحجر الشمس؛ شفاف اللون، وبراق، ومائل للبياض، كما يتميز بتنوع ألوانه فمنه ما هو مصفر مائل إلى البرتقالي، ومنه ما هو مصفر قاتم مائل إلى اللون البني، ومنه ما هو مصفر فاتح مبهر في المنظر.

  ونظراً لما يتميز به العقيق الأصفر من خصائص، فقد صار من السلع التجارية المنتشرة في الأسواق التجارية والمربحة، وهذا ما دفع إلى التنقيب عنه واستخراجه جنباً إلى جنب مع العقيق الأحمر من (جبل ألهان)، ومن ثم يؤتى به لمعالجته وتحضيره استعداداً لتصديره إلى ميناء البصرة؛ ليباع هناك، وكان لهذا النوع من العقيق رغبة كبيرة لدى أهل العراق وفارس، إذ كانوا يهرعون إلى شرائه بمبالغ مالية كبيرة، قد يصل ثمن الفص منه ما بين ثلاثة إلى خمسة دنانير. (البيروني، 1995م: 282، الهمداني، 1983م: 321،). 

ثالثاً: الجَزْع العقيقي (Onyx Agate): 

     الجَزْع: بفتح الجيم وسكون الراء، كلمة عربية مشتقة من الفعل جزع، بمعنى قطع، ومصدره: جَزَعْتُ الواديَ، إذا قطعته عرضاً، والجَزْع بالكسر: منعطَفُ الوادي، والجَزْعةُ أيضاً: القليل من المال والماء، وطائفةٌ من الليل. يقال: جَزَعَ له جِزْعَةً من المال، أي قطع له منه قطعةً، واجْتَزَعْتُ من الشجرة عوداً: اقتطعته واكتسرته، والجَزْع بالتحريك: نقيض الصَّبر أي الخوف والهلع، والجازع: الخشبةُ التي توضع في العريش عَرْضاً. (ابن دريد، 1987م: 312، الفارابي، 1987م: 3/1195-1197).

   والجَزْع: بالفتح والسكون ضرب من الخرز اليماني، وهُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ تُشَبَّهُ بِهِ الْأَعْيُنُ، وسمي جَزْعا؛ لأنه مُجَزَّع أي مبرقش ومقطع بألوان مختلفة، إذ قطع سواده بياضه وصفرته، وجمعه: أجْزَاع، وليس كل الخرز جزع، وإنما المجزع المقطع بالألوان المختلفة، لذلك قيل: للحم البقر مجزع، إذا كثر فيه الشحم؛ لأنه يقطع حمرة اللحم ببياضه. (الزبيدي، د، ت: 20/437-442الفارابي، 1987م: 3/1195،1196، نشوان الحميري، 1999م: 2/1077، 1078).

    وقد شبه أمرؤ القيس الجَزْع بعيون الوحش(64) في ظهور بياضها المحدق بسوادها الذي لا يبدو من أعينها، إلا بتقليب مُقْلتيها، بــ(النزع أو الموت)، فالجَزْع لا يغادر منها شيئاً سوى الثقب، فإن المُقْل ليست بمثقوبة، يقول: أمرؤ القيس:

                                    كأن عُيُونَ الوَحْشِ حَوْلَ خِبائِنــــــا                            وأَرْحُلِنا الجَزْع الَّذي لَمْ يُثَقَّـبِ.

   ويجوز أن يكون معناه أن عيون الوحش المشابهة للجزع؛ ليست تنتظم في القلائد، وإنما تقع باتفاق متفرقة؛ كالخرز التي لم ينظمها سلك لعدم الثقب، وبعضهم يرى أن قول امرئ القيس فيه إيغال في الشعر، وهو أن يأتي الشاعر بمعنى ويستوفيها؛ قبل بلوغ القافية؛ ثم يعطف عليه في القافية، فيزيدها في تجويده كعطفه في قوله: (الَّذي لَمْ يُثَقَّبِ)، فإنه أراد في قول المعنى الكامل قبله حسناً كصفاء الجَزْع غير المثقوب. (البيروني، 1995م: 288،287. الحلبي، 2008م: 204).

     ويقال إن الجَزْع أقدم أنَواع العقيق الذي عرفه اليمنيون، والاسم العلمي له (Onyx)، وهو نوع من أنواع الأحجار الكريمة (العقيق)، وبينهما تشابه؛ فخصائصه الكيميائية والفيزيائية هي نفسها التي توجد في العقيق بشكل عام، كما أنه مقاوم للصقيع. (أفندي، 2014م: 117). وطبعه صلب يابس في الدرجة الأولى، إذ تبلغ صلابته على مقياس موسى (- 6.5-7) نقاط. (الجميلي،1999م: 80)، يدل على ذلك أنه كان يستخدم في "مداخل الماء في البنكانات(65) المقدرة للساعات؛ التي تعمل من جِزْعة مثقوبة مركبة في بكيندان(66) ملحم على أسافلها، واختير لذلك بسبب صلابته كي لا يسرع تأثيره من الماء الدائم الجريان، فتتسع الثقبة، فيزول عنها التقدير". (ابن ماسويه، 1388هـ: 69). ونتيجة صلابته لا يكاد يجيب معالجوه بسرعة، وإنما يحسن إذا طبخ بــ(الزيت أو العسل)، فتنتفخ عروقه، ويتلون بألوان مختلفة (من أبيض إلى أبلق إلى رمادي)، وبأشكال مختلفة وبراقة، قد تكون مربعة الشكل، أو تظهر خطوط ترابيع صغار تشبه إلى حد كبير (عيون الوحش)، أو خطوط مستديرة، أو متوازية، أو مستقيمة لا عوج فيها، أو مضلعة، وهذه الخطوط تتميز بألوان زاهية وعجيبة، وقد يكون الجَزْع على شكل شرائح متوازية (طبقات) وسماكات مختلفة، وألوان متعددة شفافة معتمة ملساء وناعمة نسبياً. (ابن ماسويه، 1923م:69). وبعد أن يطبخ الجَزْع يقوم معالجوه بتشذيبه، وتهذيبه، وإبعاد الزائد منه بحكه حتى يستوي مقاديره في المرأى وحسنه في الخلق. (الأكفاني، 1931م: 87، البيروني، 1995م: 286، الهمداني، 2009م: 177).

    وكان يصنع من الجَزْع العقيقي فصوصا لخواتم الرجال، وألواحا للكتابة، أو الزخرفة والنقش عليها، بطرق فنية عالية الدقة والجمال، كما تصنع منه الأواني الكبيرة كــ (القدور، والجامات، وموائد الطعام وأدواتها)، فضلا عن لعب الأطفال، إذ كانت تعمل من "جزع أصله بياض اللون، وقد أحاط به سائر الألوان، فاجتهد من تولى نحتها حتى وفق بين أسوده وشعر الرأس والحاجبين، وبين الحمرة وبين الشفتين، وعلى هذا القياس سائر أعضائها". (الأكفاني، 1931م: 87، البيروني، 1995م: 286، الهمداني،2009م: 177،).   

   وهناك أنماط مختلفة من الجَزْع كانت تستخرج من جبل أَلْهَان وجبل أنس (الدامغ) أهمها: الْمُسيَّر، والْمُوشَّى، والجَزْع الْبُقْراني، وهنا سوف نعطى نبذة مختصرة عن كل نوع من هذه الأنواع تباعاً على النحو الآتي: 

 1- الجَزْع الْمُسيَّر (Banded Agate): 

     الْمُسيَّر: كمعظم، وتطلق على الثياب التي عليها خطوط كالسيور، أو على البرود التي يخالطها الحرير، ويقال: ثوب مسير وشيه، مثل السيور. (الزبيدي، د، ت: 12/120،121، 21/425، ابن سيده، 2000م: 1/410، نشوان، 1999م: 5/3292، 3303). وكلمة الْمُسيّر أطلقها الهمداني (1983م:332) على نوع من أنواع الجَزْع المستخرج من جبل ألهان.  وكلمة المسير كناية عن شكله ومظهره الذي يشبه إلى حد كبير الثوب الأبيض المخطط المعمول من (القز والحرير) كالسيور المضفورة بألوان مختلفة.

   ولم تدلنا المصادر التي بين يدينا على استخدامات هذا النوع من الجَزْع؛ لكن إشارة الهمداني عليه يدل على أنه كان في عهده متداولاً في أيدي الناس، وعند الصاغة؛ لنقش الأحزمة، وكأزرار للثياب، وفي صياغة مجوهرات النساء للتزين، ومن المؤكد أن هذه العملية لا تخلوا من فوائد مالية كبيرة، كونه من السلع التجارية المطلوبة لتعدد استعمالاته. 

2- الجَزْع الْمُوشَّى

      أتت كلمة الْمُوشَّى من وَشَّيْت الثوب وشْياً ووشَّيْته، أي زينته، ونقشته، ونمنمته، وزخرفته بألوان متعددة، وبطريقة فنية تجعله جميل المنظر، وقد أشار الفارابي(1987م:6/2524). والهمداني (1983م: 332) إلى أن هذا النوع من الجَزْع يلتقط من جبل ألهان، كما أن فصوصه تشبه إلى حد كبير وشْي الثياب، والبرود ذات الأشكال المزينة والمنقشة بألوان مختلفة.

       ومما يميز هذا النوع من الجَزْع تنوع تشكيلاته المحملة بألوان مختلفة، فقد تكون على شكل صور طبيعية، وهو ما يعرف بـــ(المصور Landscape Agate)، إذ تظهر في فصه رجل مرتحل، أو مناظر طبيعية، أو طير بمنقار منقش، وبعضه يكون (مزهراً Agate   (flowering، وتسميته أتت من الزهور المشرقة المضيئة المتلألئة على فصوصه، التي تبعث البهجة والسعادة في النفس، كونه يحمل ألوانا متمازجة ما بين (الأبيض، والأحمر، والأسود، والسماوي، والذهبي)، ومن أنواعه الموشي (المشجرDendritic Agate) بحيث يكون منظر فصوصه كثيرة الشجر المتداخلة على وجهه، وبعضه تماثل خطوط وشيه ريش الطيور، أو يحمل خطوطا مربعة ومضلعة ومكعبة، أو ستة مربعات متساوية المقاس والزوايا، وفي هذا يقول البيروني (1995م:286) في وصفه: "وعروقه دقاق كالشعر، مختلط الألوان أحمر وأسود وأبيض، وربما وقع فيه صور أشجار وأحجار ... ومركب من ألوان مختلفة متحدة المواد متباينة الوسائط، كأنها نضدت سافات، ثم لم تترك كما تقدم في الْبُقْرَاني والفارسي والحبشي؛ ولكنها عجنت ومدت على هيئات وأشكال يظهر الإتقان فيها عند التقطيع والحك صوراً عجيبة غير مقصودة". 

       ويذكر البيروني (1995م:286) على لسان أحد المخبرين له من بلاد خرسان، أنه كان معه لوح: "من جزع أملس الوجه، معوج الخطوط، وعليه منها صورة بطة عديمة الرجلين، كأنها تسبح في الماء، أو تحضن البيض بالجلوس عليه، لم يكد أحد ينكر من صورتها شيئاً على مثل ما يصور النقاش الماهر. 

     ونظراً لما يمتلك هذا النوع من الجَزْع العقيقي من ألوان وأشكال عجيبة وسمات مميزة، فلابد أن يكون له استعمالات مختلفة، أهمها فصوص خواتم الرجال، ولزيادة الطلب عليه صار سلعة تجارية رائجة واسعة الانتشار في العراق وفارس وخرسان والرومان، ويؤكد ذلك قول البيروني (1995م:286): بـ"أن أكثر ما يتردد في الأيدي في زمانه هو هذا النوع من العقيق". 

    ومصادر الدراسة لم تذكر ثمن الفص الواحد من هذا النوع؛ لكن بالإمكان تقدير ذلك، من خلال معرفة أسعار الأصناف الأخرى التي كانت تباع آنذاك، إذ تبين أن الفص الواحد كان يباع ما بين ثلاثة إلى خمسة دنانير أو يزيد، وبما أن الجَزْع العقيقي الموشي كان كثير التداول في أيدي الناس، حسب ما أفاد البيروني (1995م:286). فمن المرجح أن ثمنه سوف يتجاوز الخمسة دنانير.   

2-الجَزْع الْبُقْرَاني Sardonyx)  (Onyx

     قبل الحديث عن الجَزْع الْبُقْرَاني، لابد من الإشارة إلى أن معاجم اللغة -على حد علم الباحث- لم تأتِ على أصل كلمة (الْبُقْراني)، إلا أن الراجح أن أصلها (بَقَرة) للمفرد، وهو اسم جنس من البقر، وجمعها (بَقَر، وبَقَرات، وبُقَّار، وأبْقور، وأبقر)، والبَقَرَةُ تقع على الذكَر والأنثى، وإنما دخَلته الهاء على أنَّه واحدٌ من جنس، وأما (باقِرٌ، وبَقيرٌ، وبَيْقورٌ، وباقورٌ، وباقورَةٌ) فأسْماءٌ للجَمْعِ، وأهل اليمن يسمون البقرة بــ(اقُور). (ابن دريد، 1987م: 1/322،323، الزبيدي، د، ت: 10/226-236، الفارابي،1987م: 2/594،595، الفيروز آباد، 2005م: 1/353).   

        ويعتقد أن أول ذكر لكلمة (الْبُقْرَاني) في المصادر التاريخية، كان عن طريق ابن ماسويه (ت 243هـ) (1388هـ: 70،69،68). لكنه لم يبين أصلها، ولا المصدر الذي نقل منه، ليأتي بعده ابن خرداذبه (ت: نحو 280هـ) (د، ت: 40). وأثناء حديثه عن مخاليف اليمن يقول: "ومخلاف بنى مجيد وفيه البُقرانىّ الجيّد". ولعله أراد بالْبُقْرَاني جنس البقر الذي يشتهر بتربيتها مخلاف بني مجيد؛ لأن ذلك يتماشى مع ما ذكره البكري (ت: 487هـ) (2003م: 2/362)، في معرض حديثه عن مخلاف بني مجيد بقوله: "والبقر المُتلمّعة، وهي في مخلاف بني مجيد، يباع النَعْل من جلودها بدنانير، فيها تلميع من بياض وصفرة كأحسن الوشي".   

     ومما يزيد الأمر تأكيداً، على أن أصل كلمة الْبُقْرَاني (بَقَرة)، ما أشار إليه نشوان الحميري (1999م) – وهو الخبير بلغة أهل اليمن- من أن (البُقْرَان، والبَيْقُور): جماعة البقر، و(البَاقِر): جماعة البَقَر مع رعاتها. (:1/593،594).

        ومن كلام ابن خُرْداذَبِه، والبكري، ونشوان الحميري يمكن القول: إن أصل كلمة (الْبُقْران) أتت من كلمة جنس (بَقَرة)، وجمعها (بُقْران)، وهي الْبُقْران التي كان يشتهر بتربيتها (بني مجيد)، كون ألوان جلودها تشبه إلى حد كبير ألوان العقيق الْبُقْرَاني، من حيث البياض، والصفرة، والحمرة اللماعة، مع ما تحمله من خطوط خفيفة ملونة، أو ما يعرف بـ(الْمُوشَّى)، وهذا ما يتميز به الجَزْع الْبُقْرَاني المستخرج من جبل أنس في اليمن(67).  (الحازمي، 1996م: 1/136). 

       والاسم العلمي للجزع الْبُقْرَاني (Sardonyx)، ويتميز بخصائص عدة منها: أن الفص منه يتكون من ثلاث طبقات مختلفة الألوان، طبقة حمراء؛ لا مستشف لها، يليها طبقة بيضاء لا تستشف، يليها طبقة بلورية تستشف. (الجميلي، 1999م:55). فضلاً عن تنوع أشكاله وخلوه من الشوائب مع صفاء فصوصه ونقائها واستواء عروقها في السمك والرقة، فضلا عن أن بعض طبقاته تلك تحتوي على خطوط خفيفة ممتدة مستقيمة. (البيروني، 1995م:285). الأمر الذي جعله يحتل الصدارة بين أنواع الجَزْع المستخرج من بلدان أخرى، ويؤكد ذلك شهادة علماء المعادن في العصر الإسلامي وإجماعهم بأن أعز أنواع الجَزْع. هو الجَزْع البقراني الملتقط من جبل آنس في اليمن. (الأكفان،1939م: 86،87، البيروني، 1995م: 585، شيخ الربوة، 1923م:69‘70، ابن ماسويه، 1388هـ: 68، الهمداني، 1983م: 321، الهمداني 2004م:8/30، ياقوت، 1995م: 1/471،501، 5/69، 173).   

     ومن الملاحظ أن كلمة (الْبُقْرَاني)، ذات الأصل اليمني لغة ومدلولاً، انتشرت في البلدان المختلفة، بدليل ظهورها في المصادر التاريخية، فضلا عن ذلك أن كلمة الْبُقْرَاني صارت تطلق على بعض أنواع العقيق المستخرج من بلدان أخرى كالعقيق (الهندي، والفارسي، والحبشي)، والمشابه له في بعض الخصائص، مما يدل على انتشار التسمية في تلك البلدان. (البيروني، 1995م: 585، ابن ماسويه، 1388هـ: 68، الهمداني، 1983م: 321، الهمداني 2004م:8/30). وهي لغة يمنية خالصة.   

        وقد ظل الجَزْع الْبُقْرَاني اليمني محافظاً على مكانته التجارية والاقتصادية في الستة القرون الهجرية الأولى، ويؤكد ذلك علماء المعادن والأحجار الكريمة الذين كتبوا عنه في تلك الحقبة، ومنهم: ابن ماسويه (1388هـ:68،69)، إذ أفرد له باباً خاصاً يقول فيه: " ومنه الْبُقْرَاني، ويأتي من أرض اليمن ... وقرية أبهام وهو أجوده". ويعني قرية ابهام أي بلد أَلْهَان في اليمن كما بينا سابقاً.

     وابن ماسويه عاش في عاصمة دولة الخلافة العباسية (بغداد)، ولم يدخل اليمن، ولعله أخذ معلوماته عن الجَزْع الْبُقْرَاني اليمني من أفواه التجار والصاغة في البصرة وبغداد، إذ أوضح أنه كان يباع في عهده الجَزْع الْبُقْرَاني ذو الطبقة البيضاء، والطبقة السوداء بأكثر من خمسة دنانير، ويتضح ذلك من قوله (1388هـ:68): "ويباع فيه الْبُقْرَاني ببياض وسواد فيبلغ خمسة دنانير". أي الْبُقْرَاني الذي يحمل طبقتين أسود وأبيض والمعروف بــ(الجَزْع الحبشي)، الأقل  جودة من الجَزْع الْبُقْرَاني  الذي يتميز بثلاث طبقات  (حمراء، صفراء، سوداء)، ولهذا سيكون سعر الأخير أغلى من الجَزْع الحبشي، ولعل سعره قد يتجاوز السبعة دنانير.

     أما عالم اليمن الهمداني الخبير بمعادنه وجواهره(68)، فقد عدّ الجَزْع الْبُقْرَاني، الملتقط من جبل أنس من معادن الجواهر الثمينة، وليس ذلك فحسب، بل وصفه بأنه من المعادن (الْنَفِيْسة). (2004م: 8/30،60). ولا يطلق مصطلح (نَفِيس) إلا على الأحجار الطبيعية ذات المظهر اللامع، والأشكال الزاهية البراقة غالية الثمن فقط، ولهذا يقول الهمداني (1983م:321): "الْبُقْرَان النَفِيْس"، وفي موضع آخر يقول: "ومعدن الحجر النَفِيْس الْبُقْرَاني اليماني"، كما أطلق عليه "فصوص الْبُقْران".

     والهمداني (1983م: 200،321، الهمداني 2004م: 8/30،60)) أشاد بتميز العقيق الْبُقْرَاني المستنبط من جبل أنس، كما أوضح أن أجود أنواعه هو الْبُقْرَاني الذي يكون "وجهه أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود"، ولجودته كان يباع المثلث من فصوصه بمبالغ مالية كبيرة. 

     واستمر الجَزْع الْبُقْرَاني المستخلص من جبل أنس متفرداً في الأسوق التجارية عن أقرانه، بدليل أن البيروني (1995م:282) وضعه في المقدمة، إذ اطلق عليه (النوع الأصلي)، تمييزاً له عن بقية الأنواع المشابهة والمستخرجة سواء من اليمن أم من غيرها من البلدان، ويتضح ذلك في قوله: "إنه يوجد في معادن العقيق الهندى عقيق خلنج فيه سواد وبياض(69). فيسمى جزعاً بقرانياً، وقيمته أقل من البقرانى الأصل". (يذكر ابن ماسويه (1388هـ) أن هذا النوع من العقيق يؤتى به من اليمن: ويستخرج من منطقة سعوان في اليمن شمال صنعاء. الهمداني، 1983م: 321).

     ولجمال وصف البيروني (1995:م282) للجزع الْبُقْرَاني المجلوب من جبل أنس في اليمن بوصفه شاهد عيان له سوف نضمنه هنا، إذ يقول أثناء حديثه عن الجَزْع: "وهو أنواع، أعزها المعروف بالبقراني، وخطوطه ممتدة على استقامة لا عوج فيها؛ لأنها مقاطع صفائح متراكمة، ونهايتها واستواء النهايات يدل علي استواء الصفائح وسطوحها، وألونه الثلاثة تكون صفيحة حمراء وبسدية عليها بيضاء غير مشفه، فوقها بلورة مشفاه، وربما كانت إحداها سوداء، فإن كانت صفراء أو خضراء زمردية جهلة وجه الفص ، وكلها خَلْقة لا صناعة، إلا أن تكون عاليها أو سافلها أغلظ من الوسطانية، فيحك الأغلظ حتى تستوي مقاديرها في المرأى وحسنه في الخلقي، ومن ألوانه البياض وغرابته بالخضرة، وقلما تجاوز الألوان الثلاثة، ويختار باستوائها تمايزها مع صقالة الوجوه وكثرة الماء". 

      ومن خلال وصف البيروني، يتضح أن الجَزْع العقيقي أنواع، أعزها (الجَزْع البقراني)، الملتقط من اليمن (جبل أنس في بلد ألهان باليمن)، كما يتبين أن له سمات جذابة ومميزة منها: تساوي سطوح طبقات الفص واستقامة خطوطها الفاصلة بين تلك الطبقات، مما جعلها متراكمة طبقة فوق أخرى، كما يتبين أن الفص منه يتكون من ثلاث طبقات، طبقة الوجه ذات لون أحمر رقيقة متساوية، يليها طبقة بيضاء غير مشفاه أي متداخلة الألوان ما بين البياض والحمرة، يليها طبقة مشفه بلورية أي مائلة الألوان ما بين الأسود والأبيض والأخضر الزمردي، مما جعل وجه الفص متداخل الألوان ذات رونق وجمال، وكل ألوانه وأشكاله خلقت  بصورة طبيعية، لم يتدخل في تشكيلها ونقشها معالجوه، سوى قيامهم بحك الزوائد وتشذيبها منه، سواء في أعلى الفص أم في أسفله حتى استوت مقاديره في المرأى والحسن والجمال. 

ومما سبق يستخلص الباحث عددا من النقاط نجملها فيما يأتي:

1-لم يكن لأرض أَلْهَان حدود ثابتة، فأحياناً تكون مساحتها شاسعة، لإلحاق بعض المخاليف المجاورة بها، وقد تتقلص حتى تنحصر على (جبل الهان)؛ إلا أن أقصى اتساع لها قدر بأحد عشر ألف وأربعين كيلو مترا مربعا، وهي مساحة تقريبية.

2-تكـْسو أراضي أَلْهَان سلاسل جبلية، أهمها (جبال آنس، وسراة ألهان)، وهي متفاوتة الارتفاع، بعضها يصل ارتفاعها إلى حوالي (3000) متر عن مستوى سطح البحر، ومعظمها جبال بركانية، تشكلت في الزمن الجيولوجي الثالث وبداية الرابع، مما جعل صخورها نارية بازلتية محملة برواسب رمادية، يتخللها ثقوب وتجاويف، مما أوجد بينابيع مياه (باردة وحارة)، نتيجة الأنشطة البركانية، كما ساعد في تكوين أشرطة الأحجار الكريمة (العقيق) وبكثرة.

3-كانت هناك طرق عدة لمعالجة العقيق وتحضيره في اليمن بعد التقاطه من الجبال، وهي تختلف في معظمها عن طرق تحضيره في الوقت الحالي، وكان معالجوه آنذاك لديهم من المهارات الفنية العالية والدقة والإتقان في الزخرفة والنقش، ما لم يمتلكه معالجوه في الوقت الحاضر.

4-تبين من خلال البحث أن هناك موقعين أساسين في بلد ألهان، كان يستخرج منها العقيق بأنواعه وأشكاله المختلفة هما: 

أ‌-جبل أنس أو ما يعرف بــ(جبل الدامغ، أو جبل ضوران): الواقع شمال غرب مدينة ذمار، وهذا الجبل هو المنجم  الوحيد الذي كان يلتقطـ منه ما عرف بـــ(الجَزْع العقيقي البقراني)، على مستوى اليمن، وهذا يخالف ما جاء عند بعض العلماء من أن هذا النوع يقتلع من بلدان (مُقري وبَقِران ومُقْرَى بني نُجَيْد) في اليمن. 

ب‌-            جبل ألهان: الواقع جنوب مدينة صنعاء على بعد 100 كيلو متر، إذ  يُعدٌّ من أشهر الجبال التي يلتقطـ منها أجود خامات العقيق، كما تبين أن هناك لبسا وخطأ من قبل بعض العلماء في كتابة اسم جبل (ألهان)، المستخرج منه العقيق، ما بين (إبهام، ونعام، والهام)، وهي اسماء بلدان لا أصل لها في اليمن، مما يؤكد أنها أخطاء وتحوير لبلد (ألهان) الملتقط منها العقيق،  وقد اشتهر هذا الجبل باستخراج أنواع وأشكال وألوان مختلفة من العقيق منها: الأحمر بجميع ألوانه (التمري والكبدي والرطبي والرماني) بأشكاله (المشح والمنور والنوراني)، والعقيق الأصفر بألوانه  (المشمسي والشمسي والسليماني)، والجَزْع بنوعيه (المسير والموشي) بأشكاله وألوانه (المضلع والمربع والمشجر والمصور والمزهر). 

جــــ- تبين أن العقيق كان يوجد في هذين الموقعين بكثرة، بدليل العثور على عروقه بسهولة لظهورها على سطح الصخور، دون عناء البحث عنه في مساحات شاسعة كما يحدث الآن، فضلاً عن أنه كان يتم العثور على كميات كبيرة من العقيق وبأحجام متفاوتة، بعضها قد يصل وزنه إلى أكثر من خمسة عشر كيلو جراما. 

5-تبين من خلال البحث إجماع العلماء أن أجود أنواع العقيق وأشهره في الأسواق التجارية، هو العقيق المجلوب من بلد أَلْهَان، ليس على مستوى اليمن فحسب، بل على مستوى البلدان المختلفة المنتجة للعقيق آنذاك، وسر شهرته تتمثل في الآتي:

أ‌-لصلابة معدنه، وصفاء فصوصه ولمعانها نتيجة خلوها من الشوائب مع تعدد طبقاته، واستواء صفائحه في السمك والرقة، واستقامة خطوطه، وتنوع تشكيلاتها وألوانها الزاهية والعجيبة، فضلاً عن الأعمال الفنية التي كان يقوم بها معالجوه من حيث الزخرفة والنقش والكتابة، الذي أضاف له جمالاً آخرا إلى جماله الأصلي، الأمر الذي جعله متفرد السلعة في الأسوق التجارية.

ب‌-للفوائد والمنافع الدينية والروحية والنفسية والطبية التي كانت سائدة الاعتقاد في المجتمعات العائدة على من يقتني العقيق ويتختم به. 

ت‌-لاستعمالاته المتعددة كفصوص لخواتم الرجال، وفي صياغة مجوهرات النساء والقلائد والتمائم والمسابح، وصناعة المزهريات والتحف مع عمل الأواني الكبيرة منه كالقدور، وأواني الطعام والموائد، وأنصاب السكاكين ومقابض السيوف واللعب وغير ذلك.     

6-تبين من خلال الدراسة أن العقيق اليماني المستخرج من بلد ألهان، كان له رواج تجاري واقتصادي كبير في العصر الإسلامي، نتيجة الطلب المتزايد عليه، ولهذا صار سلعة تجارية مربحة، إذ كان يباع الفص منه في الأسواق التجارية في البلدان التي كان يصدر إليها ما بين أربعة إلى سبعة دنانير، أي ما يعادل في الوقت الحالي (عشرة آلاف دولار)، الأمر الذي جعله مصدر دخل كبير للعاملين فيه، مقارنة بدخلهم في الوقت الحالي الذي لا يفي بتكاليف استخراجه وصناعته. وكانت أهم الأسواق التجارية للعقيق الملتقط من بلد أَلْهَان تتمثل في الآتي:

أ‌-أسواق العراق والشام، وكان الصنف المرغوب لدى أهلهما (العقيق الأصفر المشمسي، والأحمر، والرطبي).

ب‌-أسواق بلاد فارس وخرسان، وكان النوع المرغوب لدى أهلهما (التمري والكبدي ولأصفر).

ت‌-أسواق بلاد الرومان، وكان الصنف المرغوب لدى أهلها (الرماني).

جـــ- أسواق مصر وبلاد المغرب، وكان الصنف المرغوب لدى أهلها الأحمر بجميع ألوانه وأشكاله.

                        ملحق رقم (1) أسماء القرى والعزل القائمة على جبل أنس (جبل الدامغ أو جبل ضوران) في العصر الحالي. 

م

اسم القرية

موقعها من الجبل.

المخلاف 

المديرية والمحافظة

م

اسم القرية

الموقع 

المخلاف

المديرية /المحافظة 

1

بيت السنيدار

علي سطح الجبل

الحبل 

ضوران ذمار

26

النسمي 

شمال الجبل 

ضوران 

ضوران ذمار

2

بيت مشكل

علي سطح الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

27

الكعب

مرابض الجبل شمالًا 

ضوران 

ضوران ذمار

3

مذاب العليا

مرابض الجبل شمالا

الجبل 

ضوران ذمار

28

الحمراء 

مرابض الجبل شمالًا

ضوران 

ضوران ذمار

4

مذاب السفلى 

مرابض الجبل شمالا

الجبل 

ضوران ذمار

29

غاربين 

شمال الجبل 

ضوران 

ضوران ذما ر

5

ضوران القديمة

عقبة الجبل شمالا

الجبل 

ضوران ذمار

30

السلف

مرابض الجبل شمالًا

 

ضوران ذمار 

6

ضوران الجديدة

مرابض الجبل شمالا

الجبل 

ضوران ذمار

31

الحافة

شمال غرب الجبل

ضوران 

ضوران ذمار

7

 البستان 

مرابض الجبال شمالا

الجبل 

ضوران ذمار

32

الجبجب

مرابض الجبل جنوبا 

ضوران 

المنار ذمار

8

بيت حطْرم 

مرابض الجبل شمالا

 

ضوران ذمار

33

القاهر 

مرابض الجبل جنوبا 

ضوران 

المنار ذمار

9

اللحْج 

شمال غرب الجبل

الجبل 

ضوران ذمار

34

اليترة

جنوب شرق الجبل

ضوران 

المتار ذمار

10

الشَرْية

شمال غرب الجبل

الجبل 

ضوران ذمار

35

الجاهلي 

غرب الجبل 

ضوران 

المنار ذمار

11

رَحَبَه 

مرابض الحبل جنوبا

الجبل 

ضوران ذمار

36

المشاحذة

جنوب غرب الجبل 

ضوران 

المنار ذمار

12

بيت الجِشاري 

مربض الجبل جنوبا

الجبل 

ضوران ذمار

37

مطعنة. 

مرابض الجبل جنوبا 

ضوران 

ضوران ذمار

13

غاور 

مرابض الجبل جنوبا 

الجبل 

ضوران ذمار

38

القبة 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار

14

بيت الكلبي 

مرابض الجبل جنوبا

الجبل 

ضوران. ذمار

39

أفق

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار

15

عارضة محفوظ

مرابض الجبل جنوبا

الجبل 

ضوران ذمار

40

صنعه 

جنوب. شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار

16

جبل السوق 

شمال غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

41

السنام 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار

17

المسوح 

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار 

42

عيشان 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران. ذمار

18

بيت الزاب

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

43

نجيم 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران

جهران ذمار 

19

لكمة الشاوش

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

44

بني فلاح 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار

20

التشليل

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

45

خشران 

جنوب شرق الجبل 

سفل جهران 

جهران ذمار 

22

شارح 

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

46

بني سلامه 

شمال غرب الجبل 

بني سلامة

المنار ذمار 

23

بني خضير

جنوب غرب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

47

حمام علي 

جنوب الجبل 

ضوران 

المنار ذمار

24

المصنعة 

جنوب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

48

السلين

جنوب غرب الجبل 

ضوران 

المنار ذمار

25

بيت المجدوب

جنوب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

49

المقاطحة

جنوب الجبل

الجبل 

ضوران ذمار

 

 

 

 

 

50

الصيد 

جنوب الجبل 

الجبل 

ضوران ذمار

                     ملحق رقم (2) بأسماء القري والعزل والمخاليف القائمة على جبل ألهان في العصر الحالي

م 

اسم القرية 

موقعها من الجبل 

المخلاف 

المديرية والمحافظة 

م 

اسم القرية 

الموقع من الجبال 

المخلاف 

المديرية والمحافظة 

1

الغذم 

سفح  الجبل جنوبا

حمير خمس بنني فضل

ضوران ذمار

36

هجرة عقبه

شمال غرب الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

2

محليت 

سفح  الحبل جنوبا

حمير خمس بني فضل 

ضوران ذمار

37

الجيه 

مرابض الجبل شمالا

بني خالد

ضوران ذمار

3

بيت سبيع 

سفح الجبل جنوبا 

حمير خمس بني فضل 

ضوران ذمار

38

بيت العنسي 

مرابض الجبل شمالا

بني خالد

ضوران ذمار

4

السارة

شمال الجبل شرقا  

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

39

بيت الهندي 

مرابض الجبل شمالا 

بني خالد

ضوران ذمار

5

الشمه

سفح الجبل 

حمير خمس الوسط

ضوران ذمار

40

موغر 

شمال الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

6

بيت العميسي 

سفح الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

41

بيت الحجري 

سفح الجبل الشمالية

بتي خالد

ضوران ذمار

7

بيت جبهان 

سفح الجبل 

حمير خمس الوسط

ضوران ذمار

42

بيت السلامي 

مرابض الجبل جنوب شرق 

بني خالد

ضوران ذمار

8

صاعه

سفح الجبل 

حمير خمس الوسط

ضوران ذمار

43

بوقه 

شمال شرق الجبل 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

9

مدوم 

سفح الجبل 

حمير خمس الوسط

ضوران ذمار

44

اسلع 

شمال شرق الجبل 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

10

خرابة الحرازي

سفح الحبل جنوبًا 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

45

بيحان 

شمال شرق الجبل 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

11

شمهان 

سفح الجبل جنوبًا 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

46

الأحصم 

سفح الجبل الشرقية

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

12

بيت النويدي 

سفح الجبل جنوبًا 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

47

بيت المحنشه 

سفح الجبل الشرقية 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

13

هجرة الشاوري 

سفح جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

48

الضلعه

سفح الجبل الشرقية 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

14

ظليم 

سفح شمال الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

49

الحبس 

مرابض الجبل الشرقية

حمير خمس الحبس

ضوران ذمار

15

حدقة 

سفح شمال الجبل 

بني خالد 

ضوران ذمار

50

بيت العدواني 

مرابض الجبل الشرقية 

حمير خمس الحبس 

ضوران ذمار

16

بيت العياني 

سفح شمال الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

51

لكمة الرعيني 

مرابض الحبل الشرقية 

حمير خمس الحبس 

ضوران ذمار

17

عرجز 

سفح الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

52

بيت المحنشه

سفح الجبل الشرقية 

حمير خمس الحبس 

ضوران ذمار

18

ثمانه 

سفح الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

53

الشرذوف 

سفح الجبل الشرقية 

حمير خمس السلف

ضوران ذمار

19

بيت الرخمي 

غرب الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

54

وينان

جنوب شرق الجبل   

حمير خمس حزيم

ضوران ذمار

20

بيت عيسى 

سفح الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

55

لكمة الرباعي 

جنوب شرق سفح الجبل

حمير خمس الحبس

ضوران ذمار

21

لكمة الصيصي

سفح الجبل شملاً

بني خالد

ضوران ذمار

56

بيت حاتم

سفح الحبل جنوب شرق 

حمير خمس الحبس 

ضوران ذمار

22

عفار 

سفح الجبل شمال غرب 

بني خالد

ضوران ذمار

57

الجلب 

سفح الجبل جنوباً 

حمير خمس بني فضل

ضوران ذمار

23

الراحة 

غرب الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

58

حزيم 

سفح الجبل جنوبا 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

24

المقداح 

غرب الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

59

الحطب

سفح الجبل جنوبا 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

25

بيت القاري 

غرب الجبل 

بني خالد

ضوران ذمار

60

المحرم 

مرابض الجبل الجنوبية 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

26

المرون 

مرتبض الجبل غربًا

بني خالد

ضوران ذمار

61

وحر 

سفح الجبل الجنوبية 

حمير خمس حزيم

ضوران ذمار

27

الجلب 

سفح الجبل 

حمير خمس حزيم

ضوران ذمار

62

لكمة صلاح 

جنوب الجبل 

حمير خمس الحبس

ضوران ذمار

28

مطار 

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

63

حضارة 

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

29

بيت بعاس 

جنوب الحبل 

حمير حمس حزيم 

ضوران ذمار

64

الضبره

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

30

العارضة 

جنوب الحبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

65

مداره 

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم

ضوران ذمار

31

يهقر 

جنوب الحبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

67

بيت المغني 

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

32

حرثان 

جنوب الجبل 

حمير خمس حزيم 

ضوران ذمار

68

كربه 

جنوب الجبل

حمير خمس بني فضل

ضوران ذمار

33

حلة بني فضل 

جنوب الحبل 

حمير حمس بني فضل 

ضوران ذمار

69

بيت السبلاني

جنوب الجبل 

حمير خمس بنى الساقي

ضوران ذمار

34

حرف بني قضل 

جنوب الجبل 

حمير خمس بني فضل 

ضوران ذمار

70

هجر 

جنوب شرق الجبل

حمير خمس الحبس 

ضوران ذمار

35

بيت معيض 

جنوب غرب الحبل

حمير خمس بني الساقي

ضوران ذمار

 

 

 

 

 

 ملحق رقم (3) مقارنة عن أوجه الشبه والاختلاف بين العقيق في الستة القرون الهجرية الأولى المستخرج من بلد أَلْهَان، وبين ما هو قائم في الوقت الحالي 2024م. 

أوجه  المقارنة

في الســـــــــــــــــــتة القـــــــــــــرون الهـــــــــــــــجرية الأولى

في العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهد الحالي 2024م

أماكن تواجده

كان هناك موقعان فقط يستخرج منهما العقيق في بلد ألهان آنس في اليمن هما: جبل أَلْهَان وجبل أنس، أو ما يعرف بجبل الدامغ، أو جبل ضوران.

لا يزال حتى اليوم يستخرج أشهر أنواع العقبق اليماني من جبل (ألهان) وجبل (أنس). فضلاً عن اكتشاف مناجم أخرى للعقيق في أزمنة مختلفة منها: (بلدة دَهَم) في بني قشيب جبل الشرق، و(جبل العِر) شرق قاع الحقل مديرية ضوران، وفي (قرية سباع هجرة الجيلاني، بيت الشامي، بيت العولقي، بيت سواده، بيت الخضر، هجرة الفاضلي، جبل القرون قراضة، بيت الطيبي جبل ظلمان الشعيب) جميعها في مديرية المنار. وكذلك (جبل عثمان) قرب قرية أفك في مديرية جهران.

البحث. عنه والتقاطه

تم اكتشاف العقيق قديماً عن طريق الصدفة، أثناء ما كان اليمنيون يقتلعون الحجار من الجبال لبناء السدود والقصور والمدرجات، وكانت عروق العقيق واضحة على الصخور مما يسهل العثور عليه دون مشقة، فيقومون بالحفر بأعماق متفاوتة ما بين الثلاثة أمتار إلى العشرين مترا. 

على الرغم من معرفة مناجم العقيق في اليمن؛ إلا أن المنقبين عنه يجدون صعوبة في الحصول عليه؛ لاختفاء عروقه، الأمر الذي يضاعف من جهود البحث عنه بدليل أنهم يقومون بالحفر في مساحة كبيرة في الصخور، قد تتجاوز المائتي متر حتى يتم العثور على عروقه، ومن ثم يتابعون الحفر بعمق ما بين خمسة إلى عشرين مترا حتى يتم العثور عليه. 

الأدوات المستعملة في استخراجه

لا تخرج عن الإداوة المستعملة في ذلك الوقت في قلع الأحجار، وتفتيت الصخور؛ لاسيما المعول، والفأس، ويبدو أنه كان يشترك في استخراجه مجموعة كبيرة من الأفراد، أي ليس عملا فرديا؛ بل عملا جماعيا، وهذا ما كان يسهل استخراجه.

على الرغم أننا في عصر التقنيات والتكنلوجيا، ووسائل التنقيب الحديثة؛ إلا أن العقيق لا يزال يستخرج بالطرق (البدائية)، عن طريق الحفر في الصخور بالأزمير (الفرص) والمطرقة (الزبرة) والمفرس (الفأس)، ولعدم العثور عليه بسهوله لاختفاء عروقه يحفر في مساحة شاسعة الأمر الذي جعل المنقبين يستعينون بأدوات تفجر الصخور (الكمبريشان) ومادة التفجير (الدنميك)؛ فضلاً عن أن عملية التنقيب ليست عملية جماعية، أو رسمية تتبناها الدولة، وتحت إشرافها، أو عن طريق شركات استثمارية بل هي جهود شخصية فردية يقوم بها بعض الأفراد كونها مصدرا من مصادر العيش أو حرفة يتوارثها الأبناء عن الآباء.

أحجام قطعه وأوزانه

 كان يتم العثور على قطع كبيرة منه قد يصل وزن القطعة الواحدة منها خمسة عشر كيلو جراما، وكان وزن الفص منه يقارب مثقال أي يعادل خمسة جرامات (يساوي أربعة وستين وربع وثمن بالقطب الأكهب). أما الجَزْع العقيقي فكان يوجد على شكل قطع كبيرة.

قطع متفاوتة الحجم والوزن، قد يصل وزنها ما بين اثنين إلى ثلاثة كيلو جرامات، ويوزن الآن بالقيراط، والمثقال والجرام، والفص منه يساوي ما بين اثنين إلى ثلاثة جرامات. 

طرق تحضيره ومعالجته

1ـ بعد التقاط قطع العقيق من بطون الجبال يعرضها معالجوها على حر الشمس في أشد أوقات السنة ارتفاعاً لدرجة الحرارة، وهو ما يعرف (بشمس القيظ (.

2ـ بعد ذلك تؤخذ قطع الْعَقِيق ويضعونها في حفر على الأرض أعدت لهذا الغرض تشبه التنانير مملوءة بـــ(أبعار الجمال)، ويوضع العقيق في أوعيه خاصة، حتى لا تلامسه النار على شكل طبقات، ويوقد عليه بالقدر المعروف لديهم، وكان ينزل من قطع العقيق ماء في مجرى خصص لهذا الغرض، ثم يتركونه حتى يبرد، وذلك بهدف إزالة كل الشوائب والأتربة عن طريق النار؛ إذ لم يبق منها سوى جوهر العقيق الأكثر جودة، وما عداه صار رماداً.

3ـ بعد أن يبرد في الحفرة، يلتقطـ بواسطة حديدتين، ويوضع على حديدة حارة لطرقه بمطرقة خفيفة لإزالة ما تبقى من شوائب مع قلع المواضع التي يراد قلعها، وكذلك ترميله وتفصيله.

4ـ. بقوم معالجوه بتهذيبه، وتشذيبه، وصقالته، وحكه بحجر ملساء تسمى (السُّنْباذَج) ثم يلين الأسرب والسُّنْباذَج ثم يجلى على خشب العشر لجلاء البلور اللون وصفائه. 

٥- ثم يتم صقالته وتنعيمه وتلميعه.

  ٦- أحياناً كان معالجوه يعيدون فصوص الْعَقِيق الصافي إلى النار بهدف تليينه من أجل زخرفته، وتنقيشه، وكتابة ما يريدون كتابته بماء (القلي والنُّوشادر)، بدقة عالية، ثم يقرب من النار ويبيض المكتوب عليه، فتظهر تلك الزخارف والكتابات وبصورة تجعله حسن المنظر والجمال. 

أما الجَزْع بجميع أنواعه المسير والموشي فله طرقه الخاصة منها: 

١- بعد أن ينتزع من الصخور يوضع في قدر كبير بعد ملئه بالزيت، ويشعل النار تحت القدر، ليظل يغلي في الزيت لمدة يقدرها صانعوه، ثم يرفع من القدر، ويجفف، ومن ثم تستكمل مراحل تحضيره وفقا للخطوات السالف ذكرها.

٢- البعض منه كان يوضع في قدر بعد ملئه بالعسل، ويشعل النار تحت القدر، ويستمر يوم أو يومين في الغليان، ثم يخرج من القدر ويبرد، وبعد ذلك تستكمل بقية خطوات تحضيره، ومن الملاحظ أن الهدف من طريقة غليانه هو من أجل شد عروق الجَزْع وإظهار وَشْيُه وألوانه العجيبة، مع ازدياد عرقه الأبيض بياضاً ولمعاناً.

 أما الجَزْع البقراني: لا يحتاج لمثل تلك الخطوات، إنما يقتلع من الصخور ويعمل لحاله دون أن تمسه النار، ومن ثم تشذيبه وصقالته وتلميعه ومن تسويقه

ومن خطوات تحضير العقيق بشكل عام أن معالجوه كانوا يقومون بنقشه بطرق فنية عالية الدقة والجمال على شكل مزهريات فضلا عن الكتابة عليه.

بعد أن يقتلع المنقبين العقيق من الجبال، يقومون ببيع ما التقطوه (للحرفيين) في صنعاء (سوق الملح)، الذين لديهم معامل وورش فيها أدوات العمل، كمنشار القطع، وعجلة قطع غير مسننة، ومكينة الجراخة، وبهذه الأدوات يقومون بخطوات عدة لتحضيره ومعالجته منها:

1ـ فرز القطع، وتنقيتها واختيار الحجر الأنسب للشغل.

2- التكسير البدائي، وتنظيف الأحجار من الأتربة، وتسمى (القراش).

3- الترميل في نار هادئة على طبقة من الرماد، لتليينه (ترطيبه) - لأنه من أصلب الصخور - لمدة معينة حتى تسهل عملية التفصيل التي تسمى (التشتوف).

4- تركيب العقيق الذي تم تكسيره، وتفصيله في العيدان، ويلصق في كمية من اللوك، وهي مادة من اللبان والرماد لإزالة الشوائب.

5- ثم يبدأ بحكه في الحجارة الملساء المستوية وهذه الحجرة اليمنية يؤتى بها من قرية (القابل) أو منطقة (السر). 

6- ثم تأتي مرحلة إزالة النمش، وتسمى (القراب) بأحجار تؤتى من محطة التلفزيون حالياً في (الجراف).

7- مرحلة التمليس، وتسمى (الطسى) بحجرة تسمى (المطسية) يؤتى بها من منطقة حرض، أو منطقة ميدي إذ لا توجد في أي منطقة غيرهما.

8- ثم تأتي المرحلة الأخيرة، وتسمى الصقال وهي الصقل بالطباشير، وهي المادة الأخيرة التنعيمية ثم تقلع الألصاص ويمسح اللوك العالق وتجهز للبيع.

ومن الملاحظ: أن هناك فروقا واضحة في طريقة تحضيره في الوقت الحالي عما كان سابقا في حقبة البحث فمنها: 

وضع قطع العقيق على حر الشمس في الأوقات الأشد حرارة.

 كما لم يعد يوضع العقيق في حفر على الأرض على شكل طبقات، ويوقد عليه لمدة معينة حتى تظهر ألوانه؛ فضلًا عن عدم استخدم طريقة غليان العقيق بالزيت والعسل في قدور لأيام عدة، ولاسيما الجَزْع العقيقي حتى تنجلي ألوانه وتشكيلاته وتشتد عروقه ويظهر وَشْيُه وألوانه العجيبة، مع ازدياد عرقه الأبيض بياضاً ولمعاناً.

لم يعد الحرفيون يقومون بنقش قطع العقيق وزخرفتها والكتابة عليها بماء القلي والنشادر وكأن هذه العملية انتهت ولم يعد لها وجود. 

 ولعل تلك الطرق التي أهملت في الوقت الحالي هي سر شهرت العقيق اليماني وجودته.

أنواعه

 كان يستخرج أنواع مختلفة من العقيق أشهرها الأحمر بجميع ألوانه (التمري، الكبدي، الرطبي الرماني)، وبأشكاله المزهر، والنوراني، وكذلك العقيق الأصفر بالونات (المشمسي والسليماني)، والجَزْع العقيقي بأنواعه (المسير والموشي، والبقراني) وبأشكاله المصور، والمشجر، والمزهر) والْبُقْرَاني بطبقاته المختلفة الحمراء البيضاء السوداء.   

بحسب إفادة بعض المشتغلين في بالعقيق في الوقت الحالي فإنه لا يزال يستخرج أشهر أنواع العقيق وأجوده في اليمن من بلد ألهان (آنس حالياً)، وفي مقدمته (العقيق الأحمر) بما فيها (الينع، والكبدي، والرطبي، والرماني)، والأصفر بشقيه (المشمسي والسليماني)، وكذلك الجَزْع بأنواعه المختلفة. لاسيما الموشي بأشكاله المصور والمشجر والمزهر. 

ملاحظ: يفيد بعض المشتغلين في العقيق أنه يستخرج أنواع جديدة لم تفصح مصادر البحث عنها في الحقبة المدروسة منها: الكرزي والطحلبي، والخوخي، والأسود، والسماوي، والمائي، والجمشت، والعنابي، والتفاحي، وشفت العبد.

أخذت هذه المعلومات: من الأستاذ: محمد علي الخضر والأخ بشير المدربة.

استعمالاته

 - فصوص لخواتم الرجال وفي القلائد، والتمائم، والمسابح وتحلية مجوهرات النساء.

- يعمل زينة في قصور الملوك وبلاطهم، وفي صناعة المزهريات، والتحف، والألعاب، ويصنع منه بعض الأواني الكبيرة: مثل القدور وموائد الطعام، وفي صناعة الأختام، وكذلك بنكنات الساعات، ومقابض السيوف، وأنصاب السكاكين. 

- أما فوائد العقيق ومنافعه بحسب الاعتقادات الدينية والروحية والنفسية والطبية فهي كثيرة تشبه حكاية الأساطير والخرافات إذا جاز التعبير فلا مجال لذكرها هنا.

اقتصر استعمال العقيق على فصوص خواتم الرجال، وفي صياغة مجوهرات النساء، وفي عمل المسابح، والقلائد، والتمائم فقط. 

لا يزال محترفوه يروجون لأهمية العقيق بأساطير خرافية، لا يصدقها العقل أمثال: الحب، والكراهية، والغنى، وجلب السعادة، وصرف الأشرار، وزيادة في الارزاق، وفي علاج أمراض القلب، وأمراض الدورة الدموية وغيرها.

أوجه  المقارنة

كان العقيق اليماني المنتزع من بلد أَلْهَان في اليمن من السلع التجارية واسعة الانتشار في شتى البلدان؛ لما له من خصائص نادرة الوجود ليست في غيره، منها صلابته ولمعانه وصفائه وتعدد ألوانه وأشكاله وكان يباع الفص منه بحوالي ثلاثة إلى خمسة دنانير، لاسيما العقيق الأحمر بجميع ألوانه.  وهناك أنواع كانت تباع بأكثر من ذلك لا سيما الجَزْع العقيقي الموشي (المشجر والمصور والمزهر) وهو نادر كان يباع الفص منه ما بين خمسة إلى سبعة دنانير أي بما يعادل الآن عشرة ألف دولار. 

وهناك قطع كبيرة من العقيق كانت تباع بكاملها دفعة واحدة قد يصل وزنها عشرين رطلاً، وفي هذه الحالة ستكون قيمتها بمبالغ مالية كبيرة.

وقد مثل العقيق بجميع أنواعه أحد مصادر الدخل لليمن واليمنيين، حيث كان يعود بالفائدة الاقتصادية الكبيرة عليهما.   

في العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهد الحالي 2024م

أماكن تواجده

بعد معالجة العقيق وتحضيره كان يجلب إلى بعض الموانئ اليمنية (موزع وعدن) ومنهما يصدر إلى البصرة التي كانت تعد المركز الرئيس لتوزيعه في أسواق العراق، وبلاد الشام، وأسواق فارس وخرسان، وأسواق بلاد الرومان ومصر.

لا يزال حتى اليوم يستخرج أشهر أنواع العقبق اليماني من جبل (ألهان) وجبل (أنس). فضلاً عن اكتشاف مناجم أخرى للعقيق في أزمنة مختلفة منها: (بلدة دَهَم) في بني قشيب جبل الشرق، و(جبل العِر) شرق قاع الحقل مديرية ضوران، وفي (قرية سباع هجرة الجيلاني، بيت الشامي، بيت العولقي، بيت سواده، بيت الخضر، هجرة الفاضلي، جبل القرون قراضة، بيت الطيبي جبل ظلمان الشعيب) جميعها في مديرية المنار. وكذلك (جبل عثمان) قرب قرية أفك في مديرية جهران.

الهوامش: 

1 - تفرد أهل اليمن باسم المخلاف وهو يشبه إلى حد كبير (السواد) عند أهل العراق، و(الكورة)، و(الرستاق) عند أهل فارس، ويضاف نسب المخلاف إلى بطن أو قبيلة من قبائل اليمن، أي إلى أولاد قحطان جد اليمنيين، للمزيد ينظر: ياقوت، معجم البلدان، 1/36،37، (الأكوع، 2002م، ص9).   

2 - السَّراةُ هي: الأماكن المرتفعة عن سطح البحر تشبه أعلى ظهر الفرس ووسطه، وهي سلسة جبلية متصلة متفاوتة الارتفاع، وقد تشكلت نتيجة تصدع البحر الأحمر، وتعرف بالمرتفعات الجبلية الغربية من اليمن المطلة على سهل تهامة، ينظر: ابن الفقيه، 1996م: 90، ياقوت، 1995م: 3/205).

3 - وهمدان ليست همدان حالياً، بل كانت في العصر الإسلامي تضم (حاشد، وبكيل).   

4 - يقع في خولان العالية ما بين صرواح والأعروش وخولان العالية من شرق صنعاء إلى قرب مأرب، (المقحفي،2002م: 1/82‘83).

5 - سيأتي الحديث عنه لاحقا.

6 - جُبْلان: العركبة بلدة واسعة باليمن، وتقع بين وادي زبيد ووادي رِمَع، وتشمل وصاب وريمه حالياً، (الحجري، د، ت: 1/178).     

7 - هو الاسم القديم لمخلاف سنحان وبلاد الروس حالياً، يقع جنوب مدينة صنعاء.) الأكوع، 2002م، ص87).

8 - الحقلين يقع شمال حقل بكيل ألهان، ويعرف اليوم بقاع الحقل في مخلاف بني سود مديرية ضوران آنس م/ذمار. (الأكوع، 2002م، ص21). 

9 - خشران: بلدة عامرة في أشراف جهرن ينابيع وادي رمع منها. وجمع: محل معاند لسربة من الشرق الشمالي مقابل لقرية السنام. سفل جهران. معبر: مدينة على خط صنعاء ذما وهي مركز مديرية جهران م/ذمار. (المقحفي، 2002م: 1/569).

10 - الشَّجِبة: وادي وقرية في مصنعة آنس على خط الأسفلت ذمار حمام علي، ويدعي اليوم وادي الهجرة، الهمداني، صفة من هامش المحقق الأكوع: ص122، ويتبع الآن مديرية المنار محافظة ذمار. 

11 - شجبان: وادي في أسفل وصاب العالي، ويصب في وادي رمع. (المقحفي، 2002م :1/850). 

12 - وتيح: جبل في مديرية مغرب عنس يبعد عن مدينة ذمار غرباً بحوالي (45)ك.م. (المقحفي، 2002م:2/1854). 

13 - سمح: قرية عامرة في الجهة الشرقية من قاع بكيل أَلْهَان مديرية ضوران أنس محافظة ذمار ذكرها الهمداني (1983م، ص208). 

14 - حدا: يسمى اليوم حداد في جبل مَوْشَك غربي مدينة ذمار. (الأكوع، 2002م، ص56).

15 - بُقْلان: صقع من دون زبيد في الحيمة الداخلية وإلى سهام من ناحية الكدراء. (ياقوت، 1995م:1/73).

16 - عِشَار: وادي في بلاد الروس جنوب صنعاء بمسافة 30 كيلو متر. (المقحفي، 2002م،:2/1070).

17 - بُرع ناحية وجبل يشرف على ساحل تهامة في الجهة الغربية من صنعاء. (الحجري، د، ت: 1/115،116.).

18 - لِعْسان يقع فيما بين باجل وبرع حراز. (المقحفي،2002م: 1374).

19 - سهمان وادي وحقل يطل عليه جبل النبي شعيب من الغرب الشمالي. (الحجري، د، ت: 2/ 435). 

20 - هو ما يسمى الآن صبح في بلاد الحيمة. (الهمداني، 1983م، ص122).

21 - ذؤال: يعرف اليوم بوادي جاحف شمال بيت الفقيه فيما بين وادي سهام ووادي رمع، الحجري، بلدان: 1/350،351. 

22 - قرية تحت جبل بُرع ما بين تهامة وصنعاء. (المقحفي، 2002م :1/916). 

23 - بلوري: اشتقاق من لفظ يوناني معناه (بارد كالجليد) ، وهو جسم صلب من الجسيمات المكونة من الذرات والجزيئات، (أفندي، 2014م، ص87).

24 - السيليكا: اسم يطلق على مجموعة المعادن الذي تتكون من السيليكون والأكسجين، وهما أكثر وفرة في القشرة الأرضية. (أفندي، 2014م، ص 85). 

25 - الكالسيت: معدن يتكون بشكل رئيس من كربونات الكالسيوم شفافة اللون صلب متجانس، تكونت بفعل عوامل طبيعية. (أفندي، 2014م، ص92).

26 -الفلسبار: مجموعة من الأملاح المعدنية المشكلة للصخور. (أفندي، 2014م، ص 93).   

27 - لكوارتز: هو ثاني أكثر المعادن وفرة على سطح الأرض، ويتكون من جزء واحد من السيليكون وجزئين من الأكسجين، ويأتي على شكل بلورات سداسية، وبألوان وأشكال عدة، ويتميز ببريقه الزجاجي وبصلابته. (أفندي، 2014م، ص94). 

28 - البازلت: صخور نارية بركانية سوداء تحتوي على نسبة أقل 53% من السيليكا. (أفندي، 2014م، ص73). 

29 - أفندي، أطلس الصخور:88. 

30 - الكالسيدوني: معدن سيليكاني خفي التبلور ويتكون من بلورات صغيرة جداً من الكوارتز والموغانايت. (أفندي، 2014م، ص87).

31 - (أفندي، 2014م، ص85). ومقياس موس هو مقياس لصلادة المواد يستخدم للدلالة على قدرة المواد المختلفة على مقاومة الخدش.

32 - والرطل يساوي نصف كيلوا إلا قيراط. 

33 - تكنه: خرقة من الحرير أو اسم دلو وسطل ووعاء يضع فيه الشيء. (الزبيدي، د، ت :16/71).

34 - السنباذج: حجر تجلى به السيوف والعقيق والأسنان. (نشوان، 1999م: 3/1721).

35 - والماء القلوي هي مياه معدنية يزيد فيها الأملاح والمواد المعدنية والحمضية. 

36 - يذكر الجميلي (1999م) أنه عثر في مقابر الفراعنة على عدد من المجوهرات المصنوعة من (الْعَقِيق الأحمر)، التي ظلت مدفونة تحت الرمال لقرون عدة، ولازال حتى الآن يحتفظ بالْعَقِيق الأحمر الموجود هناك. (ص122).

37 - هناك جدل بين علماء الإسلام عن أحاديث منسوبة للرسول (ص) يشيد بالعقيق وفوائده، للاستزادة يمكن الرجوع إلى: كتاب التعليق الرشيق للتاجي.   

38 - ويذكر: أنه في عهد المأمون دعت لهما بمائدة من الجَزْع اليماني قوائمها من قطعة واحدة، عليها ألوان غريبة، فقال المأمون: ما طعمت مثل هذا الطعام قط.

39 - هذه الوثيقة عثر عليها شكيب أرسلان(2007م) في آخر مخطوط كتاب الإكليل الجزء العاشر للهمداني من النسخة التي في المكتبة الملوكية في برلين وقد نقلها في كتابه الرسالة الحجازية: 331-347، وقد أشار إلى هذه الوثيقة الشرجبي، (2001م، ص40). 

40 - يقصد الهمداني (1983م) بالمنطقة الواقعة غرب ذمار وغرب حقل جهران هي المعروفة بالجبجب، ومصنعة أنس، وقرية الصياد، وقرية السنام، ووادي سربة التابع لقرية السنام، وإلى جواره قرية صنعة وعيشان ونجيم وبني فلاح والثنية: للمزيد ينظر الملحق رقم (1).

41 - تقع هذه المناطق في مديرية مغرب عنس عزلة موشك غربي ذمار.

42 - نظراً لضيق مساحة البحث صمم ملحق رقم (1) تم فيه ذكر أسماء هذه القرى والعزل بحسب مواقعها الجغرافي والإداري. 

43 - زار الباحث هذه المناطق وتعرف على جبالها ووديانها.

44 - لا يوجد تفسير لتعدد أسماء جبل أنس عند الهمداني سوى اجتهادات قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة. فالدامغ على سبيل المثال سمي بهذا الاسم دليل على هامة الجبل وارتفاعه الشاهق الذي يبلغ 3000م عن سطح البحر، أما تسميته بــ (جبل ضُوران)، فالزبيدي (د، ت) أشار إليه بقوله: " ضوران بالضم جبل في اليمن". (12/409)، ولعل الهمداني يقصد بذلك أعلى قمة جبلية لجبل الدامغ، بدليل أن ياقوت (1995م) يقول:" ضَوْرَانُ: من حصون اليمن لبني الهرش. وضوران: اسم جبل هذه الناحية فوقه سمّيت به". (3/464). ولهذا يطلق على ضوران حصن في اليمن، والحصون لا تشيد إلا في أعالي قمم الجبال. أما تسميته بــ(مَرْكَبان) فإنها كلمة مركبة مثنى مذكر، ومفردها مركب كـ (مقعد وسفينة)، وقد تقول: ركبت مركباً أي ركوباً، والمركب الموضع. (الفارابي, 1987م: 1/159).، ويعتقد أن الهمداني يقصد أعلى مكان في جبل ضوران الذي يشبه المقعد أو الموضع ويسمى في وقتنا الحالي (آية). أما تسميت الهمداني له بالجبل (الْأَشْهب)، فذلك بمعنى الأسد والأمر الصعب الشديد، والأصل هو الجبل الذي (تكتسيه الثلوج)، فتتشابه أجزائه وكأنها أرض بيضاء بعد أن كانت سوداء ناتج عن ارتفاع الجبل الشاهق عن سطح البحر وترامي أطرافه، إذ يتساقط عليه في بعض السنوات الثلوج ويتحول لونه من أسود إلى أبيض. (الزبيدي، د، ت: 3/167‘168).  

45 - للمزيد ينظر ملحق رقم (1).

46 - جبل عَانِز واسع يشتمل على قرى وحصون عدة من بلاد الحيمة الخارجية ويطل جنوباً على وادي سهام. (المقحفي، 2002م:2/994). 

47 - هناك بعض المؤرخين يذكرون أن الذي أطلق اسم الدامغ على الجبل هو الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم(1054-1085هـ)، وهذا وهم منهم، فجبل الدامغ مشهور بهذا الاسم منذ القدم، بدليل ذكره في أشعار الرائش الحارث، كما أن الهمداني في منتصف القرن الرابع الهجري أورد له مساحة في كتابه. (الإكليل، 8/58-60).   

48 - صعد الباحث إلى قمة جبل الدامغ، وفعلا كما قال ابن الوزير أرض في سماء. 

49 - للمزيد ينظر الملحق رقم (1).

50 - الورس: نبات يمكث في الأرض عشرين سنة، ولا يتعطل، اشتهرت اليمن بزراعته وهو نافع للكلف، كان يصدر إلى الهند لصباغة الملابس والغالب عليه الحمرة وله استعمالات أخرى.     

51 - هناك منطقة في أسفل جبل الدامغ الشمالية لا تزال يطلق عليها اسم (البستان) في الوقت الحالي.

52 - ملص: قرية من منطقة يعر في مديرية عنس محافظة ذمار. 

53 - القصد من هذه المنطقة التي تقع غرب مدينة ذمار وغرب حقل جهران وهب: (جمح ووادي سربة التابع لقرية السنام) وكذلك قرية يعر وقرية ملص الواقعتان غربي ذمار ولعل هذه البلدان هي التي عني بذكرها الهمداني، وجعلها من مخلاف ألهان، وأن الجبال التي تحيط بها والمستخرج منها العقيق الْبُقْرَاني في الزمن الحالي تتصل عروقها بجبل الدامغ، وهذا ما جعل التركيبة الصخرية لها متشابهة، ولاسيما ما يطلق عليه الآن بالجبل العثماني والجبال المحيطة بقرية ملص وقرية يعر وجبل هران وغيرها.     

54 - المعافر هي: ما تعرف الآن بالحجرية في جنوب مدينة تعز، وبنو سيف في مديرية القفر محافظ إب. (الحجري، د، ت: 1/233-240، 438). 

55 - صابح: لعلها صافح وهو جزء من جبل هوازن مديرية مناخه. (المقحفي، 2002م: 1/890).

56 - جبل ظفار في مخلاف بني سويد م/ضوران م/ذمار، وقد شيد عليه حصن أشيح من الحصون المشهورة تاريخيا اتخذه السلطان سبأ بن أحمد الصليحي مقرا لحكمه في القرن الخامس الهجري. (المقحفي، 2002م: 1/75).

57 - تتبع جب ألهان الآن عزلة بيت العميسي بني خالد م/ ضوران، وهي لا تزال تسمى بهذا الاسم حتى الآن، وهناك سد يسمى (سد الجب)، ولم يعرف متى شيد هذا السد، لكن بنائه قديم قد يعود للعصور القديمة.

58 - زار الباحث هذه المنطقة وشاهد شلالات المياه النازلة إلى سربة.

59 - تقع حضران في مخلاف بني قشيب مديرية جبل الشرق محافظة ذمار.

60 - قرية دَهَم من مخلاف بني قشيب مديرية جبل الشرق محافظة ذمار، أمدنا بهذه المعلومات الأستاذ/ يحيى حشيدان.

61 - جميع هذه القرى تقع جنوب جبل أَلْهَان، وقد شملهن محلق رقم (2).

62 - تنقل الباحث في أرجاء جبل ألهان، واستفسر عدد من الذي يشتغلون في العقيق (تنقيب، حياكة، تجارة)، ومنهم: الأستاذ/محمد علي الخصر، والأخ/ بشير محمد أحمد المدربة، وأفادا أنه يتلقط من مواقع عدة في جبل أَلْهَان أشهرها (الْغُذم، محليت، الشمه، بيت سبيع، هجرة الجلب، القبة، المشاعبة)، ومواقع العقيق هي: (المَفْرق، الجبايب، المِقَرَّنة، السَّواد، الْمُقضض، ذي الكار، الجبل، مأْرب، شِعْب الشيخ، ذي هجر، الْسَّوْداني)، وقد شاهد الباحث في هذه المناطق حفرا، وأخاديد كثيرة تم الحفر فيها، والتقط منها العقيق، وهناك عدد من الأماكن التي يتواجد فيها العقيق في جبل أَلْهَان سوف يشملها الملحق رقم (2)، وأفاد المذكوران أعلاه، بأنه يستخرج في الوقت الحالي أنواع مختلفة من العقيق تم بيانها في ملحق المقارنة رقم (3). واكتشف حديثًا عقيق سمي شفت العبد وبعض منها لم تعرف اسمائها حتى الآن.

63 - ينظر الملحق رقم (4) لمعرفة أوجه الاختلاف.

64 - الوحش هو حيوان البر، يقال: حمار وحشي وبقرة وحشي، وهو كل ما لا يستأنس. 

65 - البنكان هو: القدح أو الطاس، ويتكون من معدن النحاس، وفي قعره ثقب صغير ضيق يدخل منه الماء إذا ما وضع فيه، فيتسرب منه شيئاً فشيئاً، وكان يتخذ منه ساعة مائية يستعملها الفلاحون، لتحديد فرصة الماء في إسقاء زروعهم، وكان الهنود يستخدمونها للاستدلال بها على ساعات الليل والنهار. (البيروني، 1995م الجماهر من هامش المحقق، ص284). 

66 - نكندان هي: لغة فارسية تتكون من (نكين) وتعني فص الخاتم و(دان) كلمة لاحقة تفيد معنى المكان، هو المكان الذي توضع فيه قطعة الجَزْع المثقوب. (البيروني، 1995م، من هامش المحقق، ص284). 

67 - بينما حمد الجاسر محقق كتاب الأماكن للحازمي، وفي مادة (بقران) علق في الهامش على ذلك بقوله: "ولعل الْبُقْرَاني نسبة إلى بني مجيد لأنهم أصحاب موانئ اليمن، فكانوا يجلبونه إلى خارج اليمن يعني العقيق الْبُقْرَاني فنسب إليهم. (الحازمي، 1996م، من هامش المحقق، ص1/136). 

68 - يعد الهمداني من علماء الفلك والمعادن بشهادة مؤلفاته، وأهمها كتابه "الجوهرتان العتيقتان في الذهب والفضة" وهذا الكتاب أحد مصادر البحث. 

69 - يذكر ابن ماسويه (1388هـ) أن هذا النوع من العقيق يؤتى به من اليمن. (ص 69). ويستخرج من منطقة سعوان في اليمن شمال صنعاء. (الهمداني،1983م، ص321).

المراجع:

  1. آغا، أحمد شاهر، (1982م)، _جغرافية اليمن الطبيعية (الشطر الشمالي)_، مكتبة الأنوار، دمشق.
  2. أرسلان، شكيب(2007م)، _الرحلة الحجازية المسماة (الارتسامات اللطائف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف)_، صححه وعلق عليه: حسن السماحي، ط1، دار النور للطباعة والنشر، دمشق.
  3. الأكفاني، محمد (1939م)، _نخب الذخائر في أحوال الجواهر_، تحقيق: ماري البغدادي، المطبعة العصرية، القاهرة**.**
  4. الأكوع، إسماعيل (2002م)، _مخاليف اليمن_، ط2، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء.
  5. أفندي، عماد الدين (2014م)، _أطلس الصخور والمعادن_، ط1، دار الشرق العربي، بيروت.
  6. البكري، عبد الله (د، ت)، _معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع_، تحقيق: مصطفى السقاف، عالم الكتب، بيروت.
  7. البكري، عبد الله(2003م)، _المسالك والممالك_، تحقيق: جمال طلبة، ط1، دار الكتب العلمية بيروت.
  8. البيروني، محمد (1995م)، _الجماهر في الجواهر_، تحقيق: يوسف الهادي، الشركة الإيرانية للنشر والثقافي.
  9. الجاحظ، عمر(1994م)، _كتاب التبصر بالتجارة في وصف ما يستطرف في البلدان من الامتعة الرفيعة والأعلام النفيسة والجواهر الثمينة_، نشره: حسن حسني. ط3، مكتبة الخانجي، القاهرة.
  10. الجميلي، السيد (1999م)، _الأحجار الكريمة (دراسة تاريخية جغرافية دينية)_، مكتبة مدبولي القاهرة.
  11. جواد علي (2001م)، (ت.1408هــ)، _المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام_، ط4، دار الساقي.
  12. الحازمي، محمد (1415هـ)، _الأماكن أو (ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأماكن)_، تحقيق: حمد الجاسم، دار اليمامة**.**
  13. الحازمي، محمد(1996م)، _كتاب البلدان_، تحقيق: يوسف الهادي، ط1، عالم الكتب، بيروت.
  14. الحجري، محمد (د، ت)، _مجموع بلدان اليمن وقبائلها_، مراجعة: إسماعيل بن علي الأكوع، دار الحكمة اليمانية، صنعاء.
  15. الحلبي، عمر(2008م)، _خريدة العجائب وفريدة الغرائب_، تحقيق: أنور محمود زناتي، ط1، مكتبة الثقافة الإسلامية، القاهرة.
  16. الحمادي، محمد (1939م)، _كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة_، تحقيق: عزة العطار.
  17. الحميري، نشوان(1999م)، شمس _العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم_، تحقق: حسين بن عبد الله العمري وآخرون، ط1، دار الفكر المعاصر، بيروت.
  18. الحميري، محمد(1980م)، _الروض المعطار في خبر الأقطار_، تحقق: إحسان عباس، ط2، مؤسسة ناصر للثقافة، بيروت.
  19. ابن خُرْداذَبِه، عبيد الله (د، ت)، _المسالك والممالك_، مكتبة المثنا، بغداد.
  20. ابن دريد، محمد(1987م)، _جمهرة اللغة_، تحقيق: رمزي منير، ط1، دار العلم للملايين. بيروت.
  21. ابن دريد، محمد (1991م)، _الاشتقاق_، تحقيق: عبد السلام هارون، ط1، دار الجيل، بيروت.
  22. الدينوري، عبد الله(2008م)، _عيون الأخبار_، تحقيق: منذر محمد سعيد، ط1، المكتبة الإسلامية، بيروت.
  23. الزبيدي، محمد، (د، ت)، _تاج العروس من جواهر القاموس_، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية.
  24. ابن سيده، علي (2000م)، _المحكم والمحيط الأعظم_، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت.
  25. الشرجبي، رضوان (2001م)، _مقدمة تاريخية عن التعدين والمناجم القديمة في اليمن_، هيئة المساحة الجيولوجية، وزارة النفط والمعادن اليمن.
  26. شيخ الربوة، عبد الله (1923م)، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر.
  27. العمري، أحمد (1423هـ)، _مسالك الأبصار في ممالك الأمصار_، المجمع الثقافي، أبو ظبي.
  28. الفارابي، إسماعيل (1987م)، _الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية_، تحقيق: أحمد عبد الغفور، ط4، دار العلم للملايين، بيروت.
  29. ابن فضلان، أحمد، (2003م)، _رحلة ابن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة_، ط1، دار السويدي، أبو ظبي.
  30. ابن الفقيه، أحمد، (1996م)، _البلدان_، تحقيق: يوسف الهادي، ط1، عالم الكتب بيروت.
  31. الفيروز آباد، محمد (2005م)، _القاموس المحيط_، تحقيق: محمد نعيم، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  32. القزويني، زكريا، (د، ت)، _آثار البلاد وأخبار العباد_، دار صادر، بيروت.
  33. ابن الكلبي، محمد (1988م)، _نسب معد واليمن الكبير_، تحقيق: ناجي حسن، ط1، مكتبة النهضة العربية، بيروت.
  34. ابن ما سويه، يحيى(1388هـ)، _الجواهر وصفاتها وفي أي بلد هي وصفة الغواصين والتجار_، تحقيق: محمد عبد السلام رؤوف، طبعة إيران.
  35. المقحفي، إبراهيم أحمد(2002م)، _معجم البلدان والقبائل اليمنية_، ط1، دار الكلمة للطباعة والنشر، صنعاء اليمن.   
  36. المقدسي، محمد بن أحمد (1991م)، _أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم_، ط2، مكتبة مدبولي، القاهرة.
  37. وهب بن منبه، (د، ت)، _كتاب التيجَان في ملوك حِمْيَر_، تحقيق: مركز الدراسات والبحوث اليمنية، صنعاء، الجمهورية العربية اليمنية.
  38. الهمداني، الحسن بن أحمد(1983م)، _صفة جزيرة العرب_، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، ط2، مركز الدراسات والبحوث اليمنية، صنعاء.
  39. الهمداني، الحسن بن أحمد(2004م)، _الإكليل، ج8_، حرره وعلق عليه: نبيه أمين فارس، دار العودة بيروت.
  40. الهمداني، الحسن بن أحمد (د، ت)، _الإكليل ج2_، تحقيق: علي بن محمد الأكوع.
  41. الهمداني، الحسن بن أحمد(2009م)، كتاب الجوهرتين العتيقتين المائعتين من الصفراء والبيضاء (الذهب والفضة)، تحقيق: أحمد فؤاد باشا، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة.
  42. اليعقوبي، أحمد (د، ت)، _البلدان_، وضع حواشيه: محمد أمين ضناوي، دار الكتب العلمية، بيروت.
  43. ياقوت، بن عبد الله الحموي(1995م)، _معجم البلدان_، ط2، دار صادر، بيروت.
content

يعمل المركز، على إثراء البحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في اليمن والمنطقة العربية، وتعزيز فهم تلك القضايا والأحداث المرتبطة بها من خلال الأبحاث والدراسات الميدانية المعمقة، والتقارير والإصدارات المتنوعة، وأوراق السياسات العامة، والكتب العلمية المُحَكّمة، وعقد المؤتمرات وورش العمل والندوات المتخصصة، وبرامج التدريب ودعم قدرات البحث العلمي.