ميناء الحديدة

أكبر موانيء اليمن على البحر الأحمر في قلب أعاصير الحروب ومرمى نيرانها

الخميس, 25 يوليو / تموز 2024

خلاصات للأبحاث ودراسة السياسات

خلاصات للأبحاث ودراسة السياسات

في هذه التناولة، نُسلط الضوء على جانب من الحقائق والوقائع ذات الصلة بميناء الحديدة، الذي كان هدفاً للهجمات التي شنتها المقاتلات الإسرائيلية، مساء يوم الأحد 20 يوليو/تموز 2024، على ميناءي الحديدة والصليف ومحطة الطاقة الكهربائية، في مدينة الحديدة (شمالي غرب اليمن)، وذلك بعد يوم واحد فقط من أول هجوم لجماعة الحوثيين على تل أبيب بطائرة مسيرة، ورداً على الهجمات التي نفذتها الجماعة ضد إسرائيل خلال الأشهر السابقة.

التأسيس والموقع:

أنُشيء ميناء الحديدة عام 1961، بالتعاون مع الإتحاد السوفياتي، في منتصف الساحل الغربي لليمن -المطل على البحر الأحمر- جنوبي مدينة الحديدة، التي تحتوي على ثلاثة موانئ حيوية، ويتميز موقع الميناء بأنه غير معرض للرياح الموسمية، وبقربه من الخطوط الملاحية العالمية، كما أنه محمي حماية طبيعية من الأمواج والتيارات المائية، عند تأسيسه بدأ بـثلاثة أرصفة إجمالي طولها 410 أمتار، وبعمق 8 أمتار، وكان عبارة عن طريق مفتوح تضطر السفن إلى تفريغ حمولاتها فيه على مراكب شراعية صغيرة، ومنذُ قيام الثورة في 1962، تم تطوير البنية التحتية للميناء، ومع تطوير الاتحاد السوفياتي المستمر له، ارتفعت أهمية الميناء، إذ أصبح بإمكانه استيعاب السفن التي تصل حمولتها إلى 31 ألف طن، مقارنة بالميناء القديم الذي كان يستوعب قرابة 100 إلى 150 طنا من الشحنات يوميا لا أكثر.

وغرب مدينة الحديدة -التي تؤوي الميناء- تمتد خطوط الملاحة العالمية المستخدمة في نقل البضائع بين أوروبا وآسيا وأفريقيا عبر قناة السويس، وشمال ميناء الحديدة تقع محطة رأس عيسى النفطية، وهي منصة لتصدير النفط القادم من محافظة مأرب، والذي كان يقدر بنحو 125 ألف برميل في اليوم، قبل الحرب، كما يعدّ ميناء الحديدة، الممر الأول إلى كل الجزر اليمنية المهمة، ومنها جزيرة حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر.

بحلول عام 2014 أصبح ميناء الحديدة يضم 8 أرصفة و12 مستودعا لتخزين وحفظ البضائع التي لا تتحمل حرارة الشمس والرطوبة، حيث بلغت مساحته البرية الداخلية نحو 7.5 ملايين متر مربع، أما المساحة المائية فتبلغ حوالي 307 ملايين و455 ألفا و726 مترا مربعا.

الأهمية:

يُعد ميناء الحديدة أكبر موانئ اليمن على البحر الأحمر، وثاني ميناء رئيسي باليمن، ويُشكل قيمة اقتصادية كبيرة للبلاد، ويُمثل الشريان الرئيس لدخول ما يزيد عن 80‎%‎ من المساعدات والبضائع إلى البلاد، وذلك لاستقباله شتى الواردات وسفن الركاب والسياح، الساحل الغربي

مضيق باب المندب، بالإضافة إلى جزيرة ميون، وجبل الشيخ سعيد، والجزر اليمنية الأخرى، ومديرية ذوباب، والمرافئ اليمنية، مثل المخا والحديدة والخوخة والصليف، وشريط ساحلي طويل على البحر الأحمر، وإطلالات استراتيجية على خطوط الملاحة البحرية نحو الهند وأفريقيا، تُمثل كذلك نقاط اتصال مركزية لليمن ومصالحها الجيوسياسية المشتركة مع دول القرن الأفريقي.

النزاعات

كانت مدينة الحديدة من أوائل المدن التي سيطرت عليها جماعة الحوثين بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، وفي مارس/آذار 2015 أعلن الحوثيون توصلهم إلى اتفاق مع إيران يقضي بتوسعة الميناء، واستمر الصراع على الميناء بعد ذلك لأهميته الإستراتيجية.

يوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران 2018، أعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، إطلاق عملية النصر الذهبي، لتحرير مدينة الحديدة الساحلية، من سيطرة قوات جماعة الحوثيين، وصلت خلالها، وفي وقت قياسي، قوات التحالف، والتشكيلات المحلية، تخوم مطار الحديدة، ومديرية الدريهمي، الواقعة على بعد عشرة كيلومترات، جنوبي مدينة الحديدة، وحذر حينئذ متحدث باسم مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة من تأزم الوضع الإنساني، كما حذرت المؤسسات الإنسانية والوكالات الأممية من توسع النزاع في الحديدة، خصوصا أن حوالي 80% من المساعدات الإنسانية والوقود والضروريات التي يعتمد عليها 28 مليون يمني كانت تمر من ميناء المدينة في 2017 و2018، وعلى امتداد سنوات الصراع في اليمن، دعا مجلس الأمن الدولي مراراً إلى الفتح الكامل والمستدام لموانئ الحديدة والصليف وجميع موانئ اليمن، وشدد على أهمية الحفاظ على عملها وفتحها أمام جميع الواردات التجارية والإنسانية، بما في ذلك الواردات الغذائية والوقود والمستلزمات الطبية وإمدادات الإغاثة والواردات التجارية، ودعا الأطراف إلى "تسهيل وصول هذه الواردات الأساسية على الفور إلى كافة السكان المدنيين وتوزيعها في جميع أنحاء البلاد "، وأشار المجلس "بقلق بالغ" إلى تأثير القيود المفروضة على وصول الواردات التجارية وواردات المساعدات على الوضع الإنساني، حيث يحتاج 20.7 مليون شخص في اليمن إلى نوع من الدعم الإنساني أو دعم الحماية، مع وجود حوالي 9.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي أكد مراراً في بياناته على أهمية ميناء الحديدة بالنسبة لملايين السكان، وهو ما أكدت عليه الوكالات الأُممية والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية والمحلية على امتداد سنوات الصراع العشر.

في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2018، صدر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2541، الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها: الحديدة، والصليف، ورأس عيسى. ودعا إلى تعزيز تواجد وجهود الأمم المتحدة في مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة، وبعد نحو ستة أشهر من الصراع العنيف جنوبي مدينة الحديدة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة في 13 ديسمبر/تشرين الأول 2018، توقيع الأطراف على "اتفاق استكهولم"، بعد سبع أيام من المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة بين الأطراف.

وتولَّت الأمم المتحدة بدورها قيادة جهود دعم وتعزيز مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، حيث أجرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال الفترة من 15 يونيو/ حزيران إلى 8 يوليو/ تموز 2019، تقييماً من قبل خبراء من ميناء روتردام، لموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، أُقرت على ضوء نتائجهِ حزمة بقيمة إجمالية قدرها 46.570.000 يورو، نُفذت على ثلاث مراحل، غاياتها: الحفاظ على عمليات الميناء واستعادة العمليات فيه إلى حالته ما قبل الحرب، للمساعدة في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية الحيوية والشحنات التجارية والوقود والسلع الأساسية والمستلزمات الطبية، بما في ذلك ترميم الموانئ وبناء القدرات التشغيلية، وتطوير مرافق الموانئ، بما في ذلك -من بين أولويات أخرى- استبدال المساعدات الملاحية في الميناء الرئيسي، وتجديد مركز التدريب، وتعزيز الإضاءة المحيطة، وإعادة تشغيل مناولة البضائع بالحاويات، واستعادة أو تحسين سلامة واستدامة عمليات الميناء وأصوله، والمساهمة في تعزيز عمليات تشغيل وإدارة الموانئ والتفتيش فيها؛ حيث أخذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) زمام المبادرة بالتنسيق الوثيق مع السلطات ذات الصلة، ومع بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA)، وآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن ( UNVIM)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وبدعم من الجهات الدولية المانحة، ومن الجدير بالذكر أن برنامج الأغذية العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ساهما عام 2018، بتقديم أربع رافعات متحركة تصل سعة كل منها إلى 60 طنًا إلى ميناء الحديدة. ومع ذلك، فإن الميناء الذي يسيطر عليه الحوثيون لم يستخدمهم إلا بالكاد.

بصورة مُفاجئة، أعلنت تشكيلات حراس الجمهورية أو المقاومة الوطنية، التي يقودها طارق صالح، والمدعومة من الإمارات، يوم الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عملية انسحاب أحادية ومُفاجئة، من مواقع سيطرتها المتقدمة جنوبي مدينة الحديدة، بمساحة تقدر بنحو 100 كيلو على الساحل الغربي، ولم يكن لعملية الإنسحاب أي علاقة باتفاقية ستوكهولم، كما أنها تمت دون علم الأمم المتحدة أو أي من مكاتبها ووكالاتها، كما أنها تمت دون علم الحكومة المعترف بها دولياً أو أي من سلطاتها المحلية المعينة، ولم تكن عملية الإنسحاب كذلك، منسقة مع التشكيلات المسلحة المحلية الأخرى، الموالية للحكومة المعترف بها، وانحصر التنسيق فقط في حدود ضيقة بين القوات المشتركة والمجلس الانتقالي، المدعومة إماراتياً، وفي حين دفع الحوثيون بتعزيزات عسكرية لملء الفراغ قبل يومين من الانسحاب، حيث سيطروا على كافة المساحات المنسحب منها دون قتال.

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

وعقب أسابيع من هجوم الفصائل الفلسطينية، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على المستوطنات الإسرائيلية في منطقة غلاف غزة، شمال القطاع الفلسطيني المُحاصر منذ ما يزيد عن 15 عاماً، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في 19نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، عن احتجاز سفينة تجارية إسرائيلية في البحر الأحمر، وإجبارها على التوجه إلى ميناء الصليف بالحديدة، مُدشنةً أولى عمليات استهداف السفن والناقلات البحرية المتجهة من وإلى إسرائيل عبر مياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب، كردٍ على العمليات العسكرية الإسرائيلية المروعة التي استهدفت قطاع غزة، وسط تخاذل المجتمع الدولي عن واجباته الأساسية لحماية الفلسطينيين ووقف الجرائم الإسرائيلية. حيث أعلنت قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، مسؤوليتها عن عشرات الهجمات التي استهدفت السفن والناقلات البحرية الإسرائيلية، في مياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، وسط مساعٍ إسرائيلية وأمريكية وغربية، عَمِدتْ إلى حصر نطاق الصراع في إطار الحرب بين إسرائيل وحماس في حدود قطاع غزة، وعدم السماح بتوسيع الصراع إلى مدى إقليمي أوسع، لحماية إسرائيل أثناء عملياتها العسكرية وفظاعاتها المروعة ضد الفلسطينيين.

ورداً على سلسلة من عمليات الاستهداف الحوثية المؤثرة على حركة النقل البحري من وإلى إسرائيل، شنَّتْ القوات الأمريكية والبريطانية، ابتداءً من مساء الخميس 11 يناير/ كانون الثاني 2024، عملية عسكرية سُميت (حارس الازدهار)، حيث شنت عشرات الهجمات التي طالت مواقعَ في نطاق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في صنعاء والحديدة والبيضاء وتعز، وريمة، بالإضافة إلى سلسلة من التدابير الهادفة إلى الضغط على جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لوقف هجماتها على الناقلات المتجهة إلى إسرائيل أو القادمة منها، وسط تأكيدات مُتكررة أعلنها المسؤولون الأمريكيون بوقف تلك العمليات بمجرد وقف الهجمات التي أعلنت الجماعة أنَّ وقفَهَا مرهونٌ بإنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وبالتوازي مع العمليات العسكرية الأمريكية البريطانية في اليمن وإعلان إعادة إدراج جماعة أنصار الله على لائحة الإرهاب الأمريكية، وفرض العقوبات، وغيرها من الضغوط الدبلوماسية، إلا أن جماعة الحوثيين واصلت شن هجماتها.

ومنذ التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، حولت جماعة أنصار الله (الحوثيين) تلك المخاوف الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية الإسرائيلية-الأمريكية إلى واقع، حيث شنت من مناطق سيطرتها الواسعة في اليمن، سلسلة من الهجمات العسكرية استهدفت سفن الملاحة المتجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، رداً على الجرائم الإسرائيلية المروعة المرتكبة على نطاق واسع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أكثر من شهر من اندلاع الحرب الإسرائيلية المروعة وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وإحجام المجتمع الدولي عن مسؤوليات وقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، عقب هجوم واسع شنته الفصائل الفلسطينية على منطقة غلاف (مستعمرات) غزة، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وأكدت الجماعة أن وقف هجماتها في البحر الأحمر مرهونٌ بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وخلافاً للكثير من التصريحات الإسرائيلية والأمريكية التي عمدت إلى التقليل من أثر هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) على الوضع في إسرائيل، على امتداد أشهر من بدء الهجمات، فقد أسفرت عن توقف الحركة التجارية عبر باب المندب ومياه البحر الأحمر من وإلى ميناء إيلات الإسرائيلي، وأدت إلى توقف 85% من نشاط الميناء، في الثلاثة الأشهر الأولى منها، طبقاً لتصريح الرئيس التنفيذي للميناء، جدعون بورت، أدلى بها لوكالة رويترز في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2023، قال فيها: "لسوء الحظ، إذا استمر الأمر فسنصل إلى وضع عدم وجود سفن في ميناء إيلات"، وصولاً إعلان جدعون في 16 يوليو/ تموز 2024، خلال تصريحات صحفية أدلى بها لوكالة رويترز، بعد زهاء ثمانية أشهر من بدء الهجمات الحوثية، عن توقف نشاط ميناء إيلات كلياً وإغلاقه تمامًا، في ظل عدم استجابة الحكومة الإسرائيلية لمطالب إدارة الميناء بالحصول على مساعدة مالية، نظراً لانقطاع دخل الميناء منذ بدء هجمات الجماعة اليمنية المتحالفة مع إيران وحركة حماس. وقال جدعون: "الميناء مغلق تمامًا، ولم يكن هناك نشاط في الميناء منذ ثمانية أشهر، بسبب فشل دول التحالف البريطاني الأمريكي في وقف الهجمات في مضيق باب المندب والبحر الأحمر؛ لم يكن لدينا أي دخل خلال الأشهر الماضية، وقد حان الوقت لكي تضع الحكومة يدها في جيبها وتفهم أنه يجب مساعدة الميناء المغلق". وأكد جدعون أنه: "يجب الاعتراف أن الميناء في حالة إفلاس، وبأن سفينة واحدة فقط وصلت إلى الميناء في الأشهر الأخيرة، وأن اليمنيين قد أوقفوا فعلياً الحركة من وإلى الميناء". ووفقاً لصحيفة "ذامدلاين"، فقد أكد مسؤول إسرائيلي كبير "أن ميناء إيلات الإسرائيلي أعلن رسمياً إفلاسه بسبب الانخفاض الحاد في الأنشطة التجارية والإيرادات بسبب الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون في اليمن على سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل منذ نوفمبر الماضي"، وسط أعباء مالية واقتصادية متصاعدة تواجهها الحكومة الإسرائيلية بسبب الحرب التي تشنها في قطاع غزة، بالإضافة إلى العديد من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية العاصفة التي تواجهها حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.

هجمات إسرائيلية مدمرة

بعد يوم واحد فقط من أول هجوم لجماعة الحوثيين على تل أبيب بطائرة مسيرة، شنت المقاتلات الإسرائيلية مساء يوم 20 يوليو/تموز 2024، سلسلة غارات على ميناءي الحديدة والصليف ومحطة الطاقة الكهربائية في مدينة الحديدة (شمالي غرب اليمن)، وقال الجيش الإسرائيلي إن القصف كان ردا على الهجمات التي نفذت ضد إسرائيل خلال الأشهر السابقة، وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بعد الضربات الإسرائيلية على الحديدة، "يمكن رؤية النار المشتعلة حاليا في الحديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والرسالة واضحة: في المرة الأولى التي ألحقوا فيها الأذى بمواطن إسرائيلي، ضربناهم. وسنفعل ذلك في أي مكان قد يكون مطلوبا فيه".

واستهدفت الهجمات الإسرائيلية، منشآت بنية تحتية مدنيِّة ساهمتْ وكالاتُ ومؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول المانحة في إعادة إعمارها وتعزيز قُدراتها وتشغيلها، والتي كانت تُمثل شريانَ الحياة بالنسبة لملايين السكان؛ حيث يستقبل اليمن عبر ميناء الحديدة ما يزيد عن 80% من المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية والوقود، والتي يعتمد عليها ما يزيد عن 28 مليون يمني للبقاء على قيد الحياة، والتي كانت على امتداد زهاء عشر سنوات من الصراع تصل إلى ميناء الحديدة، بعد أن تمر بعمليات تفتيش ورقابة دقيقة وشاملة، عبر آلية الأمم المتحدة للرقابة والتفتيش.

عقب الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، أبلغ تجار مجموعة نافانتي، أن الرافعات التي كانت تعمل أو تم تجديدها سابقًا في ميناء الحديدة ربما تكون قد تعرضت للتلف وربما لم تعد قادرة على العمل، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالرافعات، تعرضت القدرة التخزينية لميناء الحديدة البالغة 150 ألف طن من الوقود لأضرار كبيرة، ولم يتبق سوى 50 ألف طن من الوقود المخزن في في محطة رأس عيسى، التي تقع على بعد 48 ميلاً شمال ميناء الحديدة.

وقبل الهجمات الإسرائيلية، كان ميناء الحديدة يضم عشر رافعات، على الأرصفة 1-5، التي تتعامل مع البضائع العامة والوقود، كما كانت هناك خمس رافعات بوابة روسية الصنع، وقد تم إيقاف تشغيل اثنتين من هذه الرافعات بالكامل، بينما كانت الرافعات الثلاث المتبقية جاهزة للعمل على الرصيفين 6 و7، المخصصين للحاويات، رغم حاجتها الماسة إلى الصيانة المستمرة، كما كانت هناك خمس رافعات جسرية لنقل السفن إلى الشاطئ، والتي تم استهدافها في الغارات الجوية الأخيرة، حيث تم تدمير ثلاث من هذه الرافعات الجسرية، واحدة من صنع ميتسوبيشي واثنتان من طراز فيجي، في وقت مبكر من الحرب الحالية، تعرضت الرافعتان الجسريتان المتبقيتان، اللتان بنتهما شركة ليبهير في عام 2011، لأضرار لكنهما تخضعان للإصلاحات. بشكل عام، من بين الرافعات العشر في ميناء الحديدة، كانت خمس رافعات معطلة وخمسة عاملة، على الرغم من أنها تحتاج إلى صيانة أو إصلاحات كبيرة، والتي كانت تخضع للإصلاحات قبل الهجمات الجوية الإسرائيلية.

انتهاك لحقوق الإنسان

وطبقاً لمواطنة لحقوق الإنسان، فإن فرقها الميدانية قد عملت على توثيق آثار هجمات الطائرات المقاتلة الإسرائيلية على مينائي الحديدة والصليف ومحطة توليد الكهرباء في مدينة الحديدة (شمال غرب اليمن) فور وقوعها مساء السبت، وتحقق الفريق، من خلال زيارات المستشفيات والمرافق الطبية، من مقتل تسعة من عمال الميناء وإصابة أكثر من ثمانين آخرين جراء ست غارات جوية مزدوجة شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في الساعة 5:50 مساء على منشآت نفطية وخزانات وقود في ميناء الحديدة. وألحقت هذه الهجمات أضرارا جسيمة برافعات الموانئ، ودمرت أو ألحقت أضرارا جزئية بنحو 43 خزان وحاوية وقود في ميناء الحديدة، واستهدفت محطة الكهرباء المركزية في منطقة الكثيب بمديرية الصليف، ودمرت ثلاثة خزانات وقود، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل في مدينة الحديدة، واندلاع حرائق هائلة كافحت فرق الإطفاء لإخماها لما يقرب من أربعة أيام. كما أدت الهجمات إلى نزوح كبير للسكان داخل مواقع الهجمات وحولها. وتقدر "مواطنة" نزوح نحو 100 أسرة من منطقة الكاذيب بمديرية الصليف (حيث يقيم عمال محطات الكهرباء)، ونزوح نحو 150 أسرة من منطقة ميناء الحديدة، والانتقال إلى وسط مدينة الحديدة ومحافظة صنعاء.وتفقد فريق "مواطنة" الميداني موقع الحادثة، والتقط أكثر من 22 صورة لبقايا أسلحة من الهجمات، ولا تزال بيانات الشركة المصنعة مرئية. تم إرسال هذه الصور إلى ثلاثة خبراء أسلحة ، قاموا بمراجعة تفاصيل الشركة المصنعة والتحقق منها.وتشير النتائج التي توصل إليها الخبراء الثلاثة إلى أن البقايا هي على الأرجح قنابل صغيرة القطر، كثيرا ما تستخدم في غزة. يبدو أن هناك أنواعا متعددة من الذخائر، بعضها مصنوع على الأرجح في الولايات المتحدة والبعض الآخر في إسرائيل. لا يزال الخبراء يعملون على تحليل تلك البقايا لمزيد من التفاصيل. كما أجرى الفريق الميداني لمواطنة، تسع مقابلات مع مسؤولي المرفأ والناجين وشهود العيان، الذين أعربوا جميعا عن مخاوفهم من انتشار الحرائق إلى خزانات الغاز وإحداث دمار هائل، وقال أحد الناجين ل"مواطنة": "نجوت بأعجوبة من النيران، مع جحيم هائل خلفي كما لو كان قادما من الجحيم"، بالإضافة إلى ذلك ، صرح مسؤول في الميناء ، "تسببت الضربات في تسرب الوقود إلى البحر ، مما أدى على الأرجح إلى كارثة بيئية وشيكة ، مع استمرار أعمدة الدخان لمدة ثلاثة أيام ، مما تسبب في أضرار بيئية كبيرة".

وأكدت مواطنة، أن فرقها الميدانية في مدينة الحديدة، عثرت على أجزاء من أسلحة أمريكية استُخدمت في الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، كما تم العثور عليها في مواقع العديد من الهجمات غير القانونية السابقة في اليمن، حيث بدأت مواطنة لحقوق الإنسان، عبر فرقها الميدانية، بتوثيق أثر هجمات الطائرات الحربية الإسرائيلية على موانئ الحديدة والصليف ومحطة الكهرباء في مدينة الحديدة (شمال غرب اليمن) فور وقوعها مساء السبت. وتحقق الفريق، من خلال زياراته للمستشفيات والمرافق الطبية، من مقتل تسعة من عمال الميناء وإصابة أكثر من ثمانين شخصًا جراء ست غارات جوية مزدوجة شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية في الساعة 5:50 مساءً. على المنشآت النفطية وخزانات الوقود في ميناء الحديدة. وتسببت هذه الهجمات بأضرار جسيمة في رافعات الميناء، وتدمير أو تلف جزئي لنحو 43 خزانا وحاوية وقود في ميناء الحديدة، كما استهدفت محطة الكهرباء المركزية في منطقة الكذيب بمديرية الصليف، كما دمرت ثلاثة خزانات وقود، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل. انقطاع التيار الكهربائي في مدينة الحديدة، وأدى إلى اندلاع حرائق ضخمة حاولت فرق الإطفاء إخمادها منذ ما يقرب من أربعة أيام.

الكارثة البيئية للهجمات الإسرائيلية

وطبقاً لتقرير صحفي نشرته وكالة فرانس برس، قال خبراء إن الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني أطلقت انبعاثات خطرة وتسببت في تسرب الوقود، مما أدى إلى تفاقم التلوث البيئي الذي تفاقم بالفعل بسبب تسرب النفط من هجمات الحوثيين على السفن.

وقال مرصد الصراع والبيئة (CEOBS)، وهي منظمة خيرية بريطانية تراقب التأثير البيئي للصراع: "إن الحريق والانسكابات المرتبطة به ستولد انبعاثات خطرة في الهواء وتلوثًا كبيرًا للأرض مع احتمال تلوث البيئة البحرية".

وحذر تقرير أصدره مكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة في مارس/آذار من أن اليمن يعاني بالفعل من تلوث خطير للهواء والمياه، وذلك بعد ما يقرب من عقد من الحرب بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من المملكة العربية السعودية.

وبحسب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية يمنية أرسلت فريق تقييم إلى الرصيف، أن الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، أدت إلى "تسرب كبير للنفط من خزانات الوقود المشتعلة إلى البحر"، وقالت المجموعة في بيان لوكالة فرانس برس إن هذا "يمكن أن يسبب تلوثا بيئيا كبيرا في البيئة البحرية حيث أن التسرب لا يزال مستمرا"، محذرة من أن تأثيره قد يكون "واسع النطاق بسبب الكميات الكبيرة من الوقود التي تم تخزينها".

وقال ويم زوينينبورج من منظمة بناء السلام الهولندية "باكس" إن عشرات الآلاف من اللترات من النفط على الأقل احترقت في أعقاب الهجوم، محذرا من أن "الأبخرة الضارة" تشكل مخاطر صحية خطيرة.

وقال في تحليل صور الأقمار الصناعية الأخيرة التي التقطها جهاز "سنتينيل 2" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، إن الضربات الإسرائيلية تسببت في "انسكابات محلية في البيئة البحرية للميناء وفي المبنى" ودمرت معظم قدرة تخزين النفط في الميناء.

وقال زوينينبورغ لوكالة فرانس برس "في مواجهة تأثيرات الصراع وأزمة المناخ، يتحمل المدنيون والبيئة في اليمن العبء الأكبر من الأعمال العدائية المستمرة".

وتعد مياه اليمن موطنا لنظام بيئي بحري غني، بما في ذلك الشعاب المرجانية، في حين تعتمد العديد من المجتمعات الساحلية في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية على صيد الأسماك.

وقالت فرح الحطاب من منظمة غرينبيس الشرق الأوسط إن التلوث الساحلي الناجم عن الضربات على ميناء الحديدة "يؤثر بشكل محتمل على ملايين الأشخاص الذين يعتمدون في عيشهم على الصيد".

وأضافت لوكالة فرانس برس أن "الصيد كان ثاني أكبر صادرات اليمن ويستمر في توفير مصدر للدخل والأمن الغذائي".

content

يعمل المركز، على إثراء البحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في اليمن والمنطقة العربية، وتعزيز فهم تلك القضايا والأحداث المرتبطة بها من خلال الأبحاث والدراسات الميدانية المعمقة، والتقارير والإصدارات المتنوعة، وأوراق السياسات العامة، والكتب العلمية المُحَكّمة، وعقد المؤتمرات وورش العمل والندوات المتخصصة، وبرامج التدريب ودعم قدرات البحث العلمي.