كان شهر يناير/ كانون الثاني 2024، مُثقلًا بالأحداث والتطورات والعقبات بالنسبة لليمنيين في مختلف مناطقهم؛ فالمشهد السياسي يزداد تعقيداً مع تحركات في مناطق الجنوب للسير نحو الانفصال، في الوقت الذي يحاول فيه بعض أعضاء المجلس الرئاسي تشتيت جهود المجلس الانتقالي في المناطق الشرقية والجنوبية، كما يحاول ذات المجلس لملمة شتات أجهزته الأمنية لمواجهة جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي يرى قادتُها أنهم "يواجهون معارك جديدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، بالتزامن مع الهجمات التي تشنها صنعاء على سفن تجارية بحُجة أنها تتبع مصالح إسرائيلية وانتصارًا لأهالي غزة". هنا ترصد "خلاصات" أبرز وأهم ما يتعلق بالشأن اليمني في كافة الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2024، وتفْصِيلُها كما يلي:
في عدن واصل المجلس الانتقالي جهوده الرامية لانفصال مناطق الجنوب عن الشمال، إذ عُقد في الثاني من يناير/ كانون الثاني 2024، الاجتماع التأسيسي لمجلس العموم الجنوبي الذي ناقش فيه عددٌ من قادة المجلس كيفية تحقيق طموحاتهم في الانفصال في الفترة الحالية والمستقبلية. أعقب ذلك تحركات لفصائل موالية لحكومة العليمي وصفت بالمواجهة لتحركات الانتقالي، حيث تم الإعلان في مدينة سيئون عن تأسيس اللجنة التحضيرية المنبثقة من الهيئة التأسيسية للمجلس الموحَّد للمحافظات الشرقية ككيان سياسي، قيل إنه جاء للإسهام في تحقيق مطالب أبناء محافظات: حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى، وتزامن ذلك مع قرار رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي قضي بدمج عدد من الأجهزة الأمنية والاستخبارية التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً منها الأمن القومي والأمن السياسي وأجهزة أخرى تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح وقوات العمالقة تحت مسمى "الجهاز المركزي لأمن الدولة". جاءت هذه القرارات عقب اجتماع في العاصمة السعودية الرياض لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وتضمنت القرارات أيضًا إنشاء جهاز مستقل لمكافحة الإرهاب، وتعيين قائد له، ويكون مقره في مدينة عدن. وفي مسار المفاوضات بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) والحكومة المعترف بها دوليًّا، عقد المبعوث الأممي إلى اليمن "هانس غروندبر" لقاءً مع رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، سبقه لقاءٌ في العاصمة الإيرانية طهران جمع محمد عبد السلام، رئيس وفد صنعاء المفاوض، ومستشـــار وزير الخارجيـــة الإيراني، لبحث التقدم المحرز في المفاوضات السياسية بالملف اليمني. وفي 18 يناير/ كانون الثاني 2024، أعلنت الإدارة الأمريكية عن إعادة تصنيف حركة أنصار الله كتنظيم إرهابي، بعد أن كانت قد حذفتها من قائمة الإرهاب.
في يناير/ كانون الثاني 2024، شهدت اليمن معارك مسلحة غير اعتيادية؛ فلأول مرَّة تتعرض فيها صنعاء وعدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة “المجلس السياسي الأعلى" لأكثر من 70غارة جوية من قبل طائرات أمريكية وبريطانية، في إطار عملية عسكرية مشتركة بمشاركة أستراليا وهولندا وكندا والبحرين، رَدًا على هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) على السفن المرتبطة بمصالح اسرائيلية، حيث أعلن يحيى سريع، الناطق العسكري باسم قوات صنعاء، أن الجماعة استهدفت سفنًا أمريكية واسرائيلية في البحر الأحمر بصواريخ كروز. وفي 24 يناير أعلن سريع عن اشتباكات مع سفن تابعة للبحرية الأمريكية في خليج عدن وباب المندب لأكثر من ساعتين باستخدام الصواريخ الباليستية. وفي هذا الشهر كانت المعارك في البحر الأحمر على أشدها، وامتدت إلى باب المندب وخليج عدن. وفي مناطق الجنوب تجددت المعارك بين مسلحي أنصار الله والحكومة اليمنية، وبالتحديد في مديرية بيحان. كما شن مقاتلو جماعة أنصار الله هجوماً بعدد من الصواريخ على أهدافٍ في محافظتي الضالع ولحج.
شهت مناطق جنوب اليمن في يناير/ كانون الثاني 2024 حوادث قتل لدوافع سياسية، منها مقتل عمار حمادي وعارف الحازمي، الضابطين التابعين للواء السادس التابع لقوات الدعم والإسناد بالانتقالي، إثر تفجير عبوة ناسفة استهدفت دوريتهما في منطقة مودية بمحافظة أبين. أعقب هذا الهجوم مقتل المواطن عبد الرحمن الصبيحي على أيدي جنود تابعين لقوات الحزام الأمني في منطقة بئر أحمد محافظة عدن. في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء كانت الحوادث ذات الطابع الجنائي هي المهيمنة، ففي محافظة إب قُتِل شخص وأصيب آخر من عائلة المزحاني في مديرية العدين، بسبب نزاعٍ على أرض. وفي مديرية السدَّة بذات المحافظة، قُتل شاب ثلاثيني في ظروف غامضة. وفي محافظة الحديدة ماتزال الألغام تحصد أرواح مئات الناس، حيث قُتل المزارع محمد عبده زيد بإنفجار لغم أرضي أثناء تأدية عمله في مزرعته بمنطقة الجاح.
هيمن التصعيد العسكري في البحر الأحمر على الملف الاقتصادي اليمني. وفي هذا السياق أعربت 26 منظمة يمنية ودولية في 17 يناير في بيان مشترك عن "قلقها البالغ" إزاء الآثار الإنسانية لهذا التصعيد. وفي الثالث من يناير أعلنـــت المنظمة البحرية الدولية الأممية أن 18 شـــركة شـــحن غيرت مســـار ســـفنها حول جنوب إفريقيا لتجنـــب هجمات البحر الأحمر. وفي 31 يناير/ كانون الثاني 2024، أعلنت الأمم المتحدة موافقة أنصار الله (الحوثيين) على قرارها استبعاد 3 ملايين شخص من قائمة المستفيدين من الحصص الغذائية الشهرية، لينضموا إلى مليون آخرين جرى استبعادهم في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً لأسباب مرتبطة بنقص التمويل، وبذلك تم خفض عدد المستفيدين من المساعدات إلى 6.5 مليون، بدلاً عن 9.5 مليون يمني في السابق. وفي مؤشر اقتصادي جديد، بلغ حجم التبادل التجاري بين ســـلطنة عمان واليمن حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو 112 مليون ريال عماني؛ كانت هذه الاحصائية حافزاً لتنظيم ملتقى تجاري من قبل غرفـــة تجارة وصناعـــة عمان، ناقش فيه رجالُ أعمال يمنيون وعمانيون ســـبل تعزيز واســـتغلال الفـــرص الاســـتثمارية المتاحـــة لدى البلدين. وفي صنعاء أقرت وزارة الزراعة حظر استيراد 16 صنفًا من المحاصيل والمنتجات النباتية والحيوانية منها: البصل المجفف، والثوم المطحون، والذرة الشامية، ونقانق الدجاج، والكبد الغنمي والبقري، والدقة الغنمي، واللحوم بدون عظم، وشرائح البطاطس، ومسحب الدجاج، والورود والزهور الطبيعية؛ والسبب هو حماية المنتجات الزراعية المحلية وتشجيع انتاجها، من أجل دعم نمو الاقتصاد الوطني.
في مطلع يناير/ كانون الثاني 2024، أصدرت نقابة الصحافيين اليمنيين تقريرها السنوي الخاص بوضع الحريات الصحافية في البلاد خلال عام 2023، وقالت النقابة في تقريرها إنها رصدت 82 انتهاكاً، طالت صحافيين ومصورين ووسائل إعلام ومقار إعلامية وممتلكات خاصة بصحافيين، كما سجل التقرير 17 حالة حجز للحرية بنسبة 20.7% من مجمل الانتهاكات، تلتها 14 حالة لمحاكمة أو استدعاء الصحافيين بنسبة 14.6%، إضافة إلى 10 حالات منع من ممارسة المهنة، وإغلاق وسائل الإعلام. فيما تنوّعت الانتهاكات الأخرى بين منع صرف مستحقات الصحافيين، وفصلهم من العمل، ومصادرة الممتلكات، إضافةً إلى اختراق مواقع إلكترونية. وفي أخبار المظاهرات والاحتجاجات الميدانية نفذ موظفو هيئة مستشفى الثورة العام بمحافظة إب وقفة احتجاجية للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ أربعة أشهر، متهمين إدارة المستشفى بالفساد. وفي محافظة لحج تظاهر المئات من موظفي المحافظة تنديدًا بتأخر صرف مرتباتهم لشهر ديسمبر/ كانون الأول 2023.
في يناير/ كانون الثاني 2024، عادَ عددٌ من الأوبئة والأمراض إلى الانتشار في عدد من المحافظات اليمنية، ففي محافظة حضرموت كشف مركز الترصد الوبائي عن ارتفاع حالات الاشـــتباه بالإصابة بالكوليرا إلى 298 حالة، بعد أن كانت 260 حالة نهاية ديســـمبر/ كانون الأول 2023. وفي محافظة تعز شكا مواطنون من تفشي مرض السل، حيث بلغ عدد المصابين 663 حالة، وفقاً لرصد برنامج مكافحة الدرن بالمحافظة الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. وفي ذات المحافظة أعلنت السلطات الصحية وفاة طفلين نتيجة تفشي مرض "الدفتيريا"، فيما لا يزال طفلان آخران تحت العلاج. كما يشكوا المواطنون هناك من انعدام لقاحات "داء الكلب" في تعز، بحسب تصريحات صحفية لمنسق برنامج مكافحة داء الكلب في محافظة تعز، عامر البوصي. وفي محافظة مأرب أتلف فرع الهيئة العليا للأدوية خمسة أطنان من الأدوية منتهية الصلاحية، بعد نحو أسبوع من إتلاف أربعة أطنان أخرى في ذات المحافظة. في تقرير جديد لها، قدَّرتْ منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص الذين يعانون من الصدمات النفسية والإجهاد الناجم عن النزاع المستمر في اليمن بنحو 7 ملايين شـــخص، جميعهم يحاجون إلى دعم ّ صحي نفســـي.
في 23 يناير/ كانون الثاني 2024، حقق الملاكم اليمني عبد الرحمن الحسني لقب البطولة الاحترافية للملاكمة “FFC”، في نسختها الثانية التي أقيمت في العاصمة العمانية مسقط.
ثقافة وفن:
في السادس من يناير/ كانون الثاني 2024، توفي الشاعر اليمني أحمد غالب الجابري، عن عمر ناهز الـ 87 عاماً. ويُعد الجابري أحد أعلام الشعر العامي في اليمن. ألَّف الجابري 200 قصيدة، تغنى بها نجوم الأغنية اليمنية أمثال الفنان محمد مرشد ناجي. أشتهر الجابري بقصيدة "لمن كل هذه القناديل"، التي غناها الفنان أيوب طارش.
مجتمع:
في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2024، أسس مجموعة من المزارعين ناديًا للسمسم اليمني بمنطقة الخوخة، وبحسب القائمين على إدارة النادي، فإن الهدف من انشائه هو التعريف بجودة السمسم اليمني وفوائده الصحية ورفع مستوى انتاجه وتسويقه للخارج. وأعلن القائمون على النادي اعتماد يوم 30 يناير من كل عام عيدًا يمنيًا للسمسم.
يعمل المركز، على إثراء البحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في اليمن والمنطقة العربية، وتعزيز فهم تلك القضايا والأحداث المرتبطة بها من خلال الأبحاث والدراسات الميدانية المعمقة، والتقارير والإصدارات المتنوعة، وأوراق السياسات العامة، والكتب العلمية المُحَكّمة، وعقد المؤتمرات وورش العمل والندوات المتخصصة، وبرامج التدريب ودعم قدرات البحث العلمي.