فلاديمير بيتروفيتش روميانتسيف، دكتوراه في العلوم التاريخية، أستاذ ورئيس قسم الدراسات الشرقية، جامعة تومسك الحكومية للأبحاث الوطنية، روسيا.
نشر في 20 أغسطس 2024، في مجلة (إزفستيا)، جامعة ألتاي الحكومية. 2024. رقم 3 (137).
نقله إلى العربية/ أحمد سنان الجابري
تعد اليمن واحدة من أكثر الدول اضطرابًا في الشرق الأوسط، التي أنهكتها الصراعات الداخلية، ومحاولات القوى الخارجية بسط نفوذها عليها. ويرجع الاهتمام الوثيق الذي يبديه "اللاعبون" الخارجيون بهذه الدولة إلى موقعها الجغرافي المهم. فاليمن تقع في أقصى جنوب شبه الجزيرة العربية، ويحدها البحر الأحمر من جهة، والمحيط الهندي من جهة أخرى. لكن هذه الصورة لم يتم ملاحظتها دائمًا.
ولمدة طويلة، كانت أراضي العربية الجنوبية عبارة عن تكوين معقد لنفوذ الأئمة اليمنيين والشيوخ المحليين والتاج البريطاني. فكان البريطانيون من بين أول من أدرك مزايا الموقع الجغرافي للطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية. وفي عام 1839 استولوا على ميناء عدن وأسسوا مستعمرتهم هناك. وبمرور الوقت، أنشأت بريطانيا العظمى حزامًا دفاعيًا حول عدن، وأبرمت معاهدات الحماية مع السلاطين والأمراء المحليين. وشكلت هذه المحميات اتحاد (إمارات الجنوب العربي) في عام 1959، وأعيد تسميته في أبريل 1962، إلى اتحاد الجنوب العربي (FSA). وكان نظام النفوذ البريطاني في جنوب شبه الجزيرة العربية مهددًا بخطط المملكة اليمنية المجاورة، التي لم تخف أبدًا مطالباتها بالطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، فضلاً عن العمليات النشطة لمصر، التي سعت إلى تعزيز قوتها. التي تدعي دور زعامة العالم العربي.
وباسم حماية هذا النظام، استخدمت المملكة المتحدة مجموعة واسعة من الأساليب، بما في ذلك تلك التي لم يتم الإعلان عنها على الإطلاق. وهي استخدام العمليات السرية لأجهزة المخابرات البريطانية. وهذه الدراسة مخصصة لتحديد طبيعة استخدام هذه العمليات في المدة الأولى من الحرب الأهلية في اليمن (1962-1964) ونطاقها، ووسائلها وعواقبها.
إن موقف القوى الخارجية من الصراع الداخلي في اليمن، الذي نشأ بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1962، شكل موضوعا لعدد كبير من المؤلفات في التأريخ الجغرافي. ولسوء الحظ، لا يعود المؤلفون المحليون في كثير من الأحيان إلى هذه المؤامرة. ومن أهمها أبحاث المؤلف البريطاني من أصل عربي أحمد المذحجي [1] وأعمال زميله المؤرخ والدبلوماسي الأمريكي روبرت ستوكي [2]. وفي كل هذه المؤلفات، لم يتم ذكر العمليات البريطانية في الأراضي اليمنية إلا بشكل عابر، دون ذكر للتفاصيل. لكن هذه القصة لفتت انتباه مؤلفين بريطانيين متخصصين في تاريخ أجهزة الاستخبارات.
أولاً، لفت ريتشارد ألدريتش انتباه المجتمع العلمي إلى حقيقة أن بريطانيا العظمى فضلت التصرف في الشرق الأوسط “بطرق غير مرئية” لتحقيق أهدافها الوطنية أو الأيديولوجية أو حتى العرقية [3، ص. 5]. ولاحقا تطرق ستيفن دوريل في دراسته الضخمة لجهاز المخابرات البريطاني MI6 إلى موضوع نقل الأسلحة إلى المتمردين الملكيين في اليمن [4، ص. 684]. وتجدر الإشارة إلى أن العمليات السرية لأجهزة المخابرات البريطانية لم تقتصر على هذا فحسب.
كان أول شخص يدرس بجدية الأنشطة التخريبية البريطانية في اليمن هو الباحث في جامعة نوتنغهام سبنسر موبي. وأعرب موبي عن اعتقاده أن تورط لندن في الشؤون اليمنية كان سببه الإحجام عن الاعتراف بضعف الدور البريطاني في الشؤون العالمية، والسعي إلى الحفاظ على إمكانية حماية المصالح الإمبراطورية. لقد كان الساسة البريطانيون يرون أن الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية هو بمثابة حجر الزاوية في نظام هذه المصالح، لذلك، ومن أجل حمايته، كانت الحكومات المحافظة في عهد هارولد ماكميلان ثم ألكسندر دوغلاس هوم على استعداد لاستخدام أي وسيلة، بما فيها تلك الوسائل، الذي جرت العادة على السكوت عنها [5، ص. 105، 126]. وبعد ذلك تم اختيار هذا الموضوع لاحقًا من قبل كلايف جونز الأستاذ بجامعة دورهام. الذي شدد على أن لندن تحولت إلى تطبيق استخدام الشركات العسكرية الخاصة في اليمن، الأمر الذي كان دائمًا موضع شك في فعاليتها.
وفي بداية الستينيات نشأ لدى لندن وهم بأن كل شيء كان تحت سيطرتها. ولأن ذلك لم يكن حقيقة، فقد أدى الحال في نهاية المطاف إلى انسحاب سريع للبريطانيين من عدن عام 1967 [6، ص. 99-126]. وتجدر الإشارة إلى أن تأريخ العمليات السرية البريطانية في جنوب شبه الجزيرة العربية لا يزال في طور التشكل، إذ تكتسب عدد من الجوانب تغطية مختلفة نتيجة لظهور كثير من المصادر الأرشيفية والمصادر الأخرى، على سبيل المثال، مواد التاريخ الشفهي [7].
وقد سعت القيادة البريطانية في بداية الستينات إلى حماية الجنوب العربي (اتحاد الجنوب العربي ومستعمرة عدن) من تأثير القومية العربية، التي جسدها الزعيم المصري جمال عبد الناصر. وبعد أزمة السويس عام 1956، التي انتهت بالنسبة لبريطانيا العظمى بمحاولة فاشلة للإطاحة بالرئيس المصري، كانت المملكة المتحدة مصرّة على منع تعزيز نفوذ عبد الناصر في العالم العربي ولاسيما في (الجنوب العربي) حيث كانت تقع مستعمرة عدن البريطانية. وأظهرت أزمة الشرق الأوسط عام 1956، ضعف الطاقة في دول أوروبا الغربية والحاجة إلى البحث عن أشكال جديدة للسيطرة على إنتاج النفط ونقله من منطقة الخليج، وتعزيز عمليات التكامل في أوروبا [8، ص. 135-137]. ولحل مشاكل احتمال انقطاع إمدادات النفط، رأت لندن أنه من الضروري الحفاظ على وجودها العسكري في جنوب الجزيرة العربية. وفي هذا الصدد، أثارت تقارير المخابرات البريطانية قلقًا خاصًا في لندن حول النشاط المتزايد للاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية في (الجنوب العربي).
وأعتقد موظفو جهاز المخابرات السرية البريطانية أن لدى الاتحاد السوفييتي خططاً لبيع أسلحة لليمن حتى تتمكن المملكة من تجميع ترسانة كافية يمكن لمصر أو الاتحاد السوفييتي استخدامها في حالة نشوب أعمال عدائية في الشرق الأوسط. ورأى ضباط المخابرات البريطانية أن هدف موسكو النهائي هو السيطرة على مضيق باب المندب [9]. ولكن لا يوجد دليل على رغبة الاتحاد السوفيتي في إمداد اليمن بالأسلحة، كما تم حظر الدعاية الشيوعية في المملكة اليمنية، على الرغم من أن العلاقات بين صنعاء وموسكو في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات كانت قوية جدًا. وقد تمت معالجة الإمام الملك أحمد بن يحيى على يد الأطباء السوفييت، حتى أن ابنه محمد البدر زار الاتحاد السوفييتي عام 1957 [10، ص. 102]. وبشكل عام، قامت السلطات اليمنية، بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق عام 1958، بتقليل علاقاتها مع القاهرة بشكل كبير وخفت أنشطتها في الجنوب.
وفي 19 سبتمبر 1962، توفي ملك اليمن أحمد بن يحيى. واستولى على العرش ابنه محمد البدر، لكنه لم يستمر في السلطة إلا أسبوعا واحدا. ففي ليلة 26-27 من الشهر نفسه أطاح (الحرس الملكي) بقيادة العقيد عبد الله السلال بالإمام الجديد. وتم إعلان قيام الجمهورية العربية اليمنية (YAR)، وتمكن محمد البدر من الفرار إلى شمال البلاد، حيث تعيش القبائل الموالية للنظام الملكي، ويُعتقد على نطاق واسع في التأريخ الأجنبي أن جمال عبد الناصر كان على علم - على الأقل - بالانقلاب الوشيك في صنعاء [11، ص. 59]. وبسرعة مذهلة، بدأ الزعيم المصري في تقديم المساعدة العسكرية للنظام الجمهوري. وبعد أيام قليلة من (الانقلاب) في صنعاء، بدأت القوات المصرية تهبط في ميناء الحديدة اليمني، مسرعة لمساعدة الجمهوريين. وقد جرت من قبل محاولات لقلب الإمامة، وقد شاركت في بعضها، بحسب الكاتب البريطاني ستيفن دوريل، أجهزة المخابرات المصرية [4، ص. 678]، ولكن تبين أن (انقلاب) سبتمبر 1962 هو الأكثر نجاحًا من بينها.
إن وجهات النظر المؤيدة لمصر في قيادة الجمهورية اليمنية التي ألهمت التفاؤل في القاهرة، لم يتشاركها الشعب اليمني بأكمله. وحتى في الجيش الذي نفذ الانقلاب، قام عدد من الجنود بدعم الإمام الشاب [2، ص. 231]. وبدأ محمد البدر بجمع المؤيدين حوله بهدف استعادة النظام الملكي. وبدأت الحرب الأهلية في اليمن، وقد حظيت الحكومة الجديدة بدعم رئيس من سكان المناطق الحضرية في الأجزاء الغربية والجنوبية من البلاد، وكان الإمام المخلوع مدعومًا من بعض القبائل في المرتفعات الشمالية والشرقية. وكان الوضع في المعسكر الملكي مرتبكا. وقد تقدم عم البدر الأمير الحسن لشغل منصب الإمام. وتمكن المتنافسان من الاتفاق فيما بينهما على تقسيم السلطة في حال النجاح في صراع استعادة العرش [12، ص. 170]. لكن هذا الاتفاق كان هشًا وتم تفسيره بمهمة تعزيز القوى المؤيدة للملكية. وفي الواقع، وكما كان متوقعًا فقد استمر التنافس الكامن بين محمد البدر والحسن.
وتسببت الثورة في اليمن في قلق بالغ للندن. وبالنسبة للسلطات البريطانية، بدا الوضع كما لو أن أسوأ التوقعات بشأن رغبة جمال عبد الناصر لبسط السيطرة المصرية على كامل جنوب الجزيرة العربية قد تحقق، ولم يكن إنشاء الجمهورية العربية اليمنية سوى الخطوة الأولى على هذا الطريق، ثم يأتي الدور على عدن. فعلى سبيل المثال، بدا قلق هارولد ماكميلان مرئيا بوضوح على صفحات مذكراته. إذ أشار رئيس الوزراء البريطاني مرات عدة إلى الحاجة إلى استعراض القوة، الأمر الذي ينبغي أن يكون له تأثير تنبيهي على السلطات الجمهورية في صنعاء والقاهرة [13].
ولم تكن بريطانيا العظمى وحدها التي كانت تشعر بالقلق إزاء الأحداث في اليمن. فقد أعرب رؤساء الإمارات العربية التي كانت تحت حماية التاج البريطاني عن قلقهم بالقدر نفسه. وأثاروا بشكل مباشر مسألة تعزيز قوات الاتحاد، أو ما يسمى بمجندي محمية عدن (RPA)، ومن الناحية المثالية، فقد نفذ الجيش البريطاني ضربات وقائية على مواقع الجيش الجمهوري للعربية اليمنية. وقد تلقى الملكيون بالفعل بعض المساعدة. وكتب الممثل الرسمي لحكومة صاحبة الجلالة في (اتحاد الجنوب العربي)، روبن يونغ، في مذكراته بتاريخ 8 أكتوبر 1962 أن الشريف حسين (أمير) بيحان تلقى 500 بندقية وذخيرة، و20 ألف جنيه إسترليني نقدًا من المخابرات البريطانيةMI6 . ومن الواضح أن هذا المبلغ كان مخصصًا للأمير شخصيًا، وكان دفعه مقابل ولائه، كما تؤكد عبارة روبن يونغ في مذكراته: "بعد انتهاء كل شيء، أجرؤ على القول إن الشريف لن يمتلك سيارة رولز رويس واحدة فحسب، بل مرآبًا كاملاً!" [14، ص. 165].
ثم بدأت سياسة الحكومة البريطانية تتأثر بشدة بـ "مجموعة عدن"، التي ضمت شخصيات مهمة مثل وزير المستعمرات دنكان سانديز، ووزير الدفاع بيتر ثورنيكروفت، ووزير الطيران جوليان إيمري. وفي منطقة الشرق الأوسط، شاركهم حاكم عدن، تشارلز جونستون، وجهات نظرهم بالكامل. فقد اعتقدوا أن انتصار الجمهوريين في اليمن سيؤدي إلى تسريع طرد البريطانيين من عدن؛ وسيتبع ذلك سلسلة من ردود الفعل في مسقط والبحرين وقطر والكويت، وسيتم تدمير أسس سياسة المملكة المتحدة النفطية في الشرقين الأدنى والأوسط؛ وأن مقاومة تصرفات جمال عبد الناصر ستسمح بالانتقام منه فيما يتعلق بأزمة السويس، إذ إن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن اليمن سيصبح فخًا للزعيم المصري [6، ص. 100؛ 15، ص. 260-265]. ورأى أعضاء "مجموعة عدن" أن الأعمال التخريبية هي أفضل وسيلة لاحتواء الزعيم المصري في (الجنوب العربي). وفي هذا الصدد، يمكن للمرء أن يتفق مع الكاتب البريطاني سبنسر موبي، الذي يرى أن الدرس الرئيس الذي تعلمه المحافظون من أزمة السويس لم يكن في عدم الحاجة للدخول في مواجهة مع عبد الناصر، ولكن لهذا الغرض ينبغي استخدام أساليب أكثر تعقيدا وأقل وضوحا، منها على سبيل المثال، العمليات السرية [5، ص. 126]. وبدا أن جنوب الجزيرة العربية هي المكان المثالي لهزيمة عبد الناصر.
وكان ويتهول بحاجة إلى حجاب السرية لأسباب عدة:
أولاً: أرادت بريطانيا العظمى تجنب الاتهامات بأنها شنت حملة عسكرية استعمارية كلاسيكية أخرى. ومن الواضح أن الضجة في الأمم المتحدة، حيث كانت المشاعر المناهضة للاستعمار قوية، لن تكون مفيدة للمصالح البريطانية.
وثانياً: كانت هناك خلافات واضحة مع الولايات المتحدة بشأن مسألة الاعتراف بالجمهورية العربية اليمنية. ولم تكن واشنطن ترى سبباً لرفض الاعتراف بالنظام الجمهوري في صنعاء، في حين أن لندن لم تكن في عجلة من أمرها لاتخاذ مثل هذه الخطوة. ويمكن أن تؤدي المواجهة المفتوحة بين بريطانيا وعبد الناصر إلى تعقيد عملية إقامة حوار بنّاء بين واشنطن والقاهرة، وهو ما سعت إليه إدارة جون كينيدي. وفضلا عن ذلك، أظهرت أزمة السويس التعقيدات التي قد يفرضها العدوان البريطاني العلني على العلاقات عبر الأطلسي.
ثالثًا وأخيرًا: أصبحت مشاركة لندن السرية في العمليات التخريبية جزءًا من تقاليد الحفاظ على نفوذ التاج البريطاني في الشؤون العالمية. ودون الإعلان بشكل خاص عن أنشطتها في إعداد الغارات على أراضي الجمهورية العربية اليمنية وتوريدها وتعديلها، واحتفظت بريطانيا العظمى بأهميتها بالنسبة لأمراء (الجنوب العربي) وسلاطينهم، الذين تنافسوا بعضهم مع بعض على رعاية فوغي ألبيون* .
أحد المدافعين الرئيسين عن العمليات التخريبية السرية في اليمن كان المقدم نيل ("بيلي") ماكلين. عضو البرلمان البريطاني، والمشارك النشط في "مجموعة عدن"، الذي عمل في الجهاز التنفيذي للعمليات الخاصة خلال الحرب العالمية الثانية، وزار الشرق الأوسط مرات عدة، وتعرف شخصيا على عدد من السياسيين العرب، بما في ذلك محمد البدر. وكان تأثير ماكلين على سياسة حكومة ماكميليان كبيرا. وهو الذي صاغ عقيدة السياسة البريطانية في جنوب الجزيرة العربية: "هدفنا هو طرد القوات المصرية من اليمن. وإذا فشل ذلك، فيمكننا على الأقل التأكد من أن المصريين في اليمن مشغولون للغاية بالدفاع عن أنفسهم ضد المتمردين لدرجة أنهم لن يمتلكوا القوة اللازمة لغزو عدن وأجزاء أخرى من (الجنوب العربي). ولذلك أعتقد أنه يجب علينا تقديم أقصى قدر من الدعم للإمام” [16، ص. 202].
وأصر حاكم عدن، تشارلز جونستون، على "شن غارات انتقامية سرية من جانب القبائل الموالية لنا من أجل مواجهة الأنشطة التخريبية لليمن" [17]. واقترح رئيس المستعمرة البريطانية إنشاء صندوق بقيمة 200 ألف جنيه إسترليني لتنظيم مثل هذه الغارات، والسماح بتلغيم الأراضي اليمنية المتاخمة لجيش (اتحاد الجنوب العربي)، وشن غارات جوية عدة “لإعادة الجمهوريين إلى رشدهم”. رداً على ذلك، سمح هارولد ماكميلان بزرع الألغام بشكل سري على الطرق اليمنية والممرات المؤدية إلى المحميات البريطانية، لكنه رفض طلبًا بقصف أهداف عسكرية على أراضي الجمهورية العربية اليمنية [18].
وفيما يتعلق بخطط التلغيم السري للأراضي اليمنية، برز سؤال: إلى من يجب أن يعهد بهذه المهمة؟ وقد اقترح نيل ماكلين إرسال مرتزقة من أوروبا الغربية أو القوات الخاصة البريطانية إلى جنوب الجزيرة العربية. ولكن هنا برز خطر القبض عليهم، وهو أمر محفوف بفضيحة دولية، فكان الخيار المثالي هو تدريب المتطوعين المحليين، ولكن كان من الضروري ضمان السيطرة على أنشطتهم. ونتيجة لذلك، فضلت السلطات البريطانية التصرف بأيدي رعايا سلاطين (الجنوب العربي) وأمرائهم، ولكن في الوقت نفسه كان على البريطانيين أنفسهم تنسيق أفعالهم ومرافقتهم في كثير من الأحيان. والقاعدة العامة، أن هؤلاء كانوا مستشارين سياسيين لحكام المحميات. لقد تمتعوا في كثير من الأحيان بقدر كبير من الحرية في إدارة الشؤون المالية والأشخاص لدرجة أنهم بدأوا ينظرون إلى أنفسهم على أن لهم السلطة المطلقة في هذه الأماكن.
وسرعان ما بدأ البريطانيون أنفسهم الذين عاشوا في عدن يقارنون هؤلاء المستشارين السياسيين برعاة البقر، الذين يسيرون بحرية بصحبة حاشية مدججة بالسلاح ويتخيلون أنفسهم نوعاً خليطاً من الممثل الأمريكي الشهير بأدواره في أفلام الغرب الأميركي، كلينت. إيستوود والجاسوس البريطاني الأسطوري والدبلوماسي والرحالة لورنس العرب. وكان أحد هؤلاء "رعاة البقر" جيمس ناش، المستشار السياسي في ردفان بإمارة الضالع. ولم ينصح الأمير كثيرًا، بل نصح الجنود البريطانيين القادمين من عدن بالمشاركة في العمليات العقابية بعد هجوم إرهابي آخر في المستعمرة البريطانية. لكن في أغلب الأحيان كان يفضل العمل مع مجموعته الخاصة المكونة من متطوعين محليين.
وفي عام 2004، بعد أن تقاعد بالفعل منذ مدة طويلة، تحدث جيمس ناش بصراحة في رسالة إلى الباحث البريطاني بيتر هنشكليف، الذي خدم هو نفسه في وقت ما في إدارة المستعمرة عدن: "في (الجنوب العربي) يعيشون عادة في الطوابق العليا من المنازل، حيث إن الغرف الموجودة في الطابق الأرضي بنوافذها الكبيرة تشكل هدفاً مثالياً لرجال القبائل الساخطين... وكان مخزني في الطابق الأرضي مليئا بالبنادق ومدافع الهاون والقواعد والمدافع الرشاشة. وكانت لدي صناديق من عملات ماريا تيريزا الفضية في مكتبي، وأمضيت وقتي في التحقق من عمل المدارس المحلية أو حسابات الإمارة، ولكن في أغلب الأحيان كنت مشغولاً بتدريب عصابتي المجندة محليًا وتسليحها التي كانت مكونة من ستين شخصاً من قطاع الطرق المرحين. وفي صنع وإرسال القنابل وقطاع الطرق عبر الحدود (اليمنية- الكاتب) ولعبة ممتعة لرعاة البقر والهنود بموافقة صاحبة الجلالة. قليل من الناس يمكنهم الحصول على أموال مقابل لعب دور رعاة البقر والهنود في ذلك الوقت" [14، ص. 98].
بشكل عام، كان جيمس ناش معروفًا بتصرفاته العنيفة التي تجاوزت الضالع. وفي أحد الأيام، أثناء الاحتفال برأس السنة الجديدة، ظهر في نادٍ بريطاني في عدن، وهو مخمور، ويرتدي زي محارب من زمن التمرد النيلي في البنغال عام 1859. وهو يحمل رمحًا قصيرًا في يديه. وبعد أن بدأ ناش في نثر أوراق الشجر المستخدمة لإنتاج أصباغ النيلي، على حلبة الرقص، تم اصطحابه إلى خارج النادي [14، ص. 299-300]. وفي اللحظة التي تفاخر فيها ناش بعد 40 عامًا بـ "مآثره" في مراسلاته مع مؤرخ بريطاني، كان إما لا يزال مخمورًا، أو لم يفهم أنه كان من الضروري إخفاء تصوره عن نفسه ومرؤوسيه أنهم قطاع الطرق. فقد وصف مشاعره بهذه الطريقة: «بدأت أقفز عند سماع صوت الباب أو عادم السيارة. لكننا كسرنا ظهر التمرد القبلي، وتم سحق المعارضة المحلية. ثم تقاعد جيشي الخاص الأول غنيًا وسعيدًا، وحلت محله عصابة أخرى تم تدريبها في الأصل على يد المصريين، لكنهم رأوا أنني صاحب عمل أكثر ملاءمة وأكثر كرمًا" [14، ص. 99]. واستمر ولاء هؤلاء المرتزقة باستمرار دفع رواتبهم، وكانت فعاليتهم موضع شك مع كل من تعامل معهم.
وشملت المشاركة البريطانية في الأنشطة التخريبية ضد الجمهورية العربية اليمنية أنواع عدة من النشاط، وهي:
1- نقل الأسلحة والذخائر إلى قوات الحدود التابعة للجيش (الاتحادي). القبائل.
2- تلغيم الطرق في أراضي الجمهورية العربية اليمنية.
3- التخريب في مرافق البنية التحتية العسكرية والمدنية ذات الأهمية البالغة.
4- الغارات الجوية على منازل المتمردين ودعم العمليات البرية [19].
أصبح النوع الأخير من النشاط منتشرًا على نطاق واسع في نهاية المطاف، إذ أدى استخدام القوة الجوية إلى خلق التفوق الجوي البريطاني في الجو، وكان عرض القوة هو الذي يمكن تقديمه بسهولة للحكام المحليين المتحالفين مع لندن الذين انتقدوها لعدم كفاية الدعم العسكري.
لقد كان إمداد المتمردين بالأسلحة غير منتظم. ولم يتم تفسير هذه الطبيعة المتفرقة بالعقبات البيروقراطية واللوجستية فحسب، بل أيضًا بالرغبة في الحفاظ على توازن معين للقوى بين الأطراف المتحاربة في اليمن.
وتضمنت تقارير تشارلز جونستون المنتظمة إما شكاوى من أن بريطانيا العظمى "استغرقت وقتًا طويلاً في اتخاذ قرار بشأن إرسال الأسلحة"، أو تضمنت توصيات بتعليق إرسال الأسلحة لأسابيع عدة [20]. وقد تم العثور على تفسير للسياسة البريطانية في برقية سرية مرسلة من سفارة المملكة المتحدة في كينيا، أعربت عن الاتفاق مع وجهة النظر القائلة بأن "أفضل خدمة للمصالح البريطانية هي استمرار الجمود في اليمن" [21].
حل كينيدي تريفاسكيس خليفة لتشارلز جونستون ليكون حاكماً لعدن (منذ عام 1963، بدأ هذا المنصب يسمى "المفوض السامي")، وبدأت سلطات المحميات في ابتزازه بحجة أنه إذا لم تبدأ بريطانيا العظمى عملية عسكرية واسعة النطاق على أراضي الجمهورية العربية اليمنية، فإنها ستطالب بالاستقلال الكامل للدفاع عن نفسها بنفسها [22]. ولكن حتى بدون هذا الضغط، كان تريفاسكيس أحد أكثر المؤيدين المتحمسين لزيادة الدعم للملكيين اليمنيين. وأصبح موقفه أكثر تشدداً بعد محاولة اغتياله في مطار عدن في 10 ديسمبر1963. إذ ألقيت قنبلة يدوية عليه في المطار، وقام مساعده جورج هندرسون، الذي كان يحمي رئيسه، بإنقاذه من الموت، ودفع حياته الخاصة ثمنا لذلك.
وتزامنت التغييرات في الجهاز الإداري في عدن مع تغييرات في قمة النظام السياسي البريطاني. ومنذ أكتوبر 1963، أصبح دوجلاس هيوم رئيسًا لوزراء بريطانيا العظمى بدلاً من هارولد ماكميلان، الذي استقال بسبب المرض. ولم يحدث هذا التعديل أي تغيير في سياسة المملكة المتحدة فيما يتعلق بالوضع في الجنوب العربي.
واتضح أن جمود الحرب الأهلية في اليمن يناسب لندن، فقد أجبر ذلك عبد الناصر على التعمق أكثر في الصراع اليمني، ولم تتبق له الموارد، ولا الوقت لممارسة الضغط على بريطانيا في أجزاء أخرى من الشرق العربي. ولكن في ربيع عام 1964، رأى تريفاسكيس بأن الوقت قد حان لتقديم الدعم الحاسم للملكيين. وبدأ رجحان القوى يميل تدريجياً نحو المعسكر الجمهوري، ويمكن لأنصار الإمام في أي لحظة أن ينشقوا إلى معسكر المنتصر [23].
وفي 28 مارس 1964، ولأول مرة منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن، نفذت القوات الجوية البريطانية غارة على الأراضي اليمنية، فقصفت مدينة حريب، مما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين [24، ص. 104؛ 6، ص. 104]. وحتى ذلك اليوم، تم استخدام الطائرات الهجومية البريطانية فقط على أراضي (اتحاد الجنوب العربي) لقمع الجيوب المقاومة لسلطات المحميات. وحقيقة أن هذه الغارة جاءت ردًا على غارة جوية مصرية على بيحان، ولكنها لم تغير كثيرًا في الأمر، وقد تسبب قصف حريب في رد فعل عنيف في الأمم المتحدة وحتى داخل المملكة المتحدة. وانتقدت صحيفة صنداي تايمز بشدة تصرفات الحكومة.
ويجب أن يكون مفهوما أن الحرب الأهلية في اليمن لم تكن مشابهة لصراع مماثل، فعلى سبيل المثال، في إسبانيا في 1936-1939. في جنوب شبه الجزيرة العربية لم يكن هناك تقسيم واضح للجبهات، ولم يكن هناك فهم واضح للانتماء الإقليمي للمنطقة لمعسكر أو لآخر. كما أشار الصحفي البريطاني إدغار أوبالانس، وقد حدثت اشتباكات بين الجمهوريين والملكيين بدرجة منخفضة إلى حد ما: "لقد خاضت الحرب بمساعدة بيانات المقر الرئيس، أكثر من استخدام الأسلحة في الهجوم الملكي الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق في يونيو (1964 -الكاتب)، ولم تكن هناك أي اشتباكات عسكرية عمليًا. ولم يكن تبادل الأراضي الذي تم تقديمه بجدية نتيجة للعمليات العسكرية المفترضة في الواقع أكثر من مجرد تحول في ولاء القبائل التي غيرت بسهولة تفضيلاتها السياسية [25، ص. 112].
وفي صيف عام 1964، واجهت بريطانيا العظمى عقبة غير متوقعة في دعم الملكيين اليمنيين. إذ رفضت الأردن وجيبوتي حق استخدام مطاراتهما لنقل الأسلحة والمعدات المخصصة للقوات المناهضة للحكومة في الجمهورية العربية اليمنية ومدربيها البريطانيين. حينها لجأ نيل ماكلين والمحارب القديم في سلاح الجو الملكي توني بويل، بموافقة الحكومة، سرًا إلى المخابرات الإسرائيلية طلبًا للمساعدة، وكان خطر انجرار إسرائيل إلى الصراع العربي الداخلي كبيرا، لكن لم يكن لدى لندن خيار آخر. وبدأت إسرائيل بنقل الأسلحة الرئيسة جواً إلى الملكيين اليمنيين. وقد تم ذلك، بالطبع، في جو من السرية.
ولم تكن صعوبات إيصال الامدادات إلى المتمردين في جبال اليمن هي المشكلة الوحيدة التي تواجهها حكومة دوجلاس هوم في مواجهتها مع مصر والنظام الجمهوري في صنعاء. فقد كان على رئيس الوزراء الجديد أن يناور بين صقور "مجموعة عدن" في مجلس الوزراء والسلك الدبلوماسي في المملكة المتحدة. ودعت وزارة خارجية المملكة المتحدة إلى الحد من التدخل في الحرب الأهلية في الجمهورية العربية اليمنية، أو حتى إنهائها. ورأى وزير الخارجية البريطاني ريتشارد بتلر، الذي حل محل دوغلاس هوم في هذا المنصب، أنه حتى لو تضاعف إمداد قوات الإمام بالأسلحة، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى سحق القوات المصرية في اليمن. ورد رئيس الوزراء على ذلك بما يلي: "لا أعتقد أننا استنفدنا كل الاحتمالات فيما يتعلق بالإجراءات القانونية وغير القانونية (في الجمهورية العربية اليمنية- الكاتب)" [26].
وما فهمته القيادة البريطانية من «الأعمال غير القانونية» يتضح من مذكرة أعدتها وزارة الدفاع البريطانية. وأدرجت إجراءات مثل قتل الضباط والمستشارين المصريين العاملين في الجمهورية العربية اليمنية؛ والتخريب في ميناء الحديدة الذي تم من خلاله إمداد المجموعة المصرية في اليمن؛ وتنظيم الاضطرابات القبلية على أراضي الجمهورية العربية اليمنية، وإعداد مواد مساومة لقادة الجمهورية العربية ونشرها عبر وسائل الإعلام المختلفة [27]. وبالنسبة للنقاط الأولى من هذه التدابير، فإن جميع الأعمال "القذرة" المرتبطة بالقتل والهجمات الإرهابية وإرهاب السكان يجب أن تتم من قبل جنود المرتزقة الذين تم تجنيدهم من السكان المحليين، مثل "قطاع الطرق" الذين تفاخر بهم جيمس ناش. وكان وزير الدفاع ثورنيكروفت وراء هذه المقترحات، وأصر على أن الأسلوب المتبادل السابق "العين بالعين"، عندما تم تنفيذ الإجراءات العقابية من قبل القبائل الصديقة لبريطانيا العظمى ردًا على الهجمات الإرهابية، قد استنفد نفسه، وكان من الضروري تنظيم حركة عصابات واسعة النطاق على أراضي الجمهورية العربية اليمنية [28]. وباستخدام المصطلحات الحديثة، كانت المملكة المتحدة تخطط لشن حرب بالوكالة ضد عبد الناصر في اليمن، بأيدي الملكيين والمرتزقة.
وفي صيف عام 1964 وخريفه اشتدت غارات القبائل المحلية على الحاميات المصرية. وتخفى وراء هذا التعزيز، وتكثيف العمليات العسكرية البريطانية السرية والعلنية في (الجنوب العربي) آثاراً سياسية داخلية أيضًا. وفي الوقت نفسه كانت قد بدأت حملة انتخابية في المملكة المتحدة أراد فيها دوجلاس هوم إظهار صفاته القيادية، وضمان فوز حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية. وفي النهاية، لم يكن من الممكن القيام بذلك. وانتهى حكم المحافظين الذي دام 13 عاما بالهزيمة أمام حزب العمال. وأصبح هارولد ويلسون رئيس الوزراء الجديد.
ألهم التغيير في السلطة في لندن بعض المسؤولين الاستعماريين العاملين في (الجنوب العربي) وغير الراضين عن الوضع هناك محاولة إقناع حكومة حزب العمال بالتحرك نحو أشكال أكثر مرونة وأقل وضوحًا لحماية المصالح البريطانية. فقرر عضو المجموعة الاستشارية السياسية (لاتحاد الجنوب العربي)، هيو ووكر، بمبادرة منه كتابة تقرير مفصل عن الوضع في (الجنوب العربي) لوزير الدفاع الجديد دينيس هيلي، الذي كان على معرفة قليلة به. وبدأت مذكرته بهذه الكلمات: "لدي مخاوف كبيرة جدًا من أن حكومة صاحبة الجلالة ليست على علم تام بما يجري هنا باسمها". وما تلا ذلك كان بيانًا صريحًا عن السياسة الفاشلة عمومًا لتعزيز نفوذ المملكة المتحدة.
وهذا النفوذ، كما اعترف هـ. ووكر، أنه يتم شراؤه بشكل أساس من خلال تزويد السلاطين والأمراء المحليين بـ"هدايا" من الحكومة البريطانية وتزويدهم بالأسلحة، التي يتاجرون بها بنجاح، محققين أرباحًا كبيرة. وشدد المستشار السياسي بشكل خاص على أن كل المساعدات تمر فقط عبر حكام المحميات، لكن لا أحد يسألهم كيف يتم إدارتها بعد ذلك. أما أفراد القبائل العاديون، فهم يشعرون بالكراهية تجاه السلطات الفاسدة والظالمة، التي كان من الممكن أن يتم الإطاحة بها منذ مدة طويلة لولا وجود القوات البريطانية. ولكن هيلي لم يرد على هذه الرسالة [14، ص. 95].
لقد تبين أن التشخيص الذي أجراه هـ. والكر كان دقيقا. وفشلت تمامًا آمال بريطانيا العظمى في أن تتمكن من خلال العمليات التخريبية السرية من الحفاظ على نفوذها في (الجنوب العربي). وفي محاولات التغلب على متلازمة ما بعد السويس، استخدمت لندن تكتيكات صراعات منخفضة الحدة. وبالتالي، لم يكن من الممكن ضمان الحفاظ على السيطرة على عدن. وفي عام 1967، تخلت بريطانيا على عجل عن مستعمرتها في جنوب الجزيرة العربية.
ولعل الشيء الوحيد الذي تمكنت بريطانيا من تحقيقه هو تحسين مخطط شن حرب بالوكالة، التي اعتمدت فيها على سكان غير بريطانيين، ولكن تحت سيطرتها. وكانت طبيعة العمليات السرية مخصصة لمهمة الحفاظ على حالة الجمود في الصراع الأهلي اليمني.
ولهذا السبب، وليس بسبب الخوف من الإدانة الدولية، لم تكن المملكة المتحدة تتعجل لتوسيع المساعدات العسكرية للملكيين اليمنيين، ونقل ما يكفي من الأسلحة إليهم لردع هجمات الجمهوريين، ولكن ليس بما يكفي لإحداث تغيير جذري في مسار الحرب.
كانت وحدات المرتزقة مثالية لهذا الغرض. فلم يحتقر قطاع الطرق (وفقًا للوصف الصريح الذي قدمه لهم جيمس ناش) الهجمات الإرهابية وجرائم القتل الخفية وتخريب البنية التحتية المدنية، وإذا لزم الأمر، يمكن بسهولة مساواة غاراتهم بالعداء التقليدي بين القبائل. وفضلا عن ذلك، كان جذب هؤلاء المرتزقة أرخص، ولم تكن خسائرهم مؤلمة جدًا للرأي العام في بريطانيا العظمى. وشكلت هذه التجربة الأساس لاستخدام المملكة المتحدة للحروب بالوكالة، التي استمرت في القيام بها حتى في بداية القرن الحادي والعشرين.
** أقدم اسم معروف لجزيرة بريطانيا العظمى. وقد استخدمه اليونانيون القدماء، وذكره بطليموس على وجه الخصوص، ثم انتقل إلى الأدب الروماني القديم. ويستخدم هذا الاسم أيضًا في دورة آرثر الأسطورية.
حاليًا، يتم استخدام الاسم فيما يتعلق بإنجلترا بأسلوب سامي، في بلدان أخرى - عادةً بمعنى مثير للسخرية إلى حد ما. يدين تعريف "ضبابي" من (الإنجليزية foggy ضبابي، Albion تماما)، بوجوده إلى ضباب البحر الكثيف والعدد الكبير من المواقد المنتجة للدخان (الضباب) التي غالبا ما تحجب الأجزاء المنخفضة من جزر بريطانيا العظمى.
** تم وضع الجنوب العربي بين قوسين؛ لأن الباحث كما فهمت استعملها بمعنيين مختلفين، مرة بوصفها مستعمرة عدن والمحميات، ومرة للدلالة على المنطقة الجغرافية – جنوب الجزيرة العربية.
قائمة المصادر:
1. Almadhagi A.N.K. Yemen and the United States: A Study of a Small Power and Super-state Relationship 1962–1994. L., N.Y.: I.B. Tauris Publishers, 1996. 234 p.
2. Stookey R. Yemen: The Politics of the Yemen Arab Republic. Boulder: Westview Press, 1978. 322 p.
3. Aldrich R. The Hidden Hand: Britain, America and Cold War Secret Intelligence. L.: John Murray 2001. 733 p.
4. Dorril S. MI6: Inside the Covert World of Her Majesty's Secret Intelligence Service. N.Y.: A Touchstone Book, 2000. 907 p.
5. Mawby S. The Clandestine Defence of Empire: British Special Operations in Yemen, 1951-64. Intelligence & National Security. 2002. Vol. 17. № 3. P. 105–130.
6. Jones C. “Among Ministers, Mavericks and Mandarins”: Britain, Covert Action and the Yemen Civil War, 1962-64. Middle Eastern Studies. 2004. Vol. 40. №1. P. 99–126.
7. Holt M. Memories of Arabia and Empire: An Oral History of the British in Aden. Contemporary British History. 2004. Vol. 18. №4. P. 93–112.
8. Lekarenko O.G., Rumyantsev V.P. The United States, Suez Crisis of 1956 and the Development of European Integration. American Studies in Siberia. Vol. 10. Tomsk: TSU Publishing House, 2009. P. 127–138. (In Russ.).
9. The National Archives of the United Kingdom (NAU K). FO 371/156939. “Soviet Black Activities in Yemen”. February 1961.
10. Primakov Y.M. Confidential: The Middle East on Stage and Behind the Scenes (Second Half of the 20th — Early 21st Centuries). M.: IIC "Rossiyskaya Gazeta", 2006. 384 p. (In Russ.).
11. Gause III F.G. Saudi-Yemeni Relations: Domestic Structures and Foreign Influence. N.Y.: Columbia Univ. Press, 1990. 233 p.
12. Golubovskaya E.K. Revolution of 1962 in Yemen. M.: Publishing house "Science". Main Editorial Office of Oriental Literature, 1971. 207 p. (In Russ.).
13. Harold Macmillan Papers. Diaries. Oxford. The Bodleian Library. MSS. Macmillan. Second Series. dep. d. 47. October 6, 7, 19, 1962.
14. Hinchcliffe P., Ducker J.T., Holt M. Without Glory in Arabia: The British Retreat from Aden. L. and N.Y.: I.B. Tauris, 2006. 327 p.
15. Gandy C. A Mission to Yemen: August 1962 — January 1963. British Journal of Middle Eastern Studies. 1998. Vol. 25. № 2. P. 247–274.
16. Orkaby A. The Yemeni Civil War: The Final British-Egyptian Imperial Battleground. Middle Eastern Studies. 2015. Vol. 51. No. 2. P. 195–207.
17. NAUK. CO 1015/2597. Ch. Johnston to D. Sandys. November 6, 1962.
18. NAUK. DEFE 25/128. D. Sandys to Ch. Johnston. November 12, 1962.
19. NAUK. DEFE 25/128. D. Sandys to Ch. Johnston. November 2, 1962.
20. NAUK. PREM 11/4928. Ch. Johnston to D. Sandys. March 6, 1963.
21. NAUK. PREM 11/4928. Telegram Number 501 of 5th March 1963 from Nairobi, Repeated to Aden.
22. NAUK. CO 1055/194. K. Trevaskis to D. Sandys. April 20, 1964.
23. NAUK. CO 1015/216. Roberts Minute. April 8, 1964.
24. British Documents on the End of Empire. Series A. Vol. 4. The Conservative Government and the End of Empire, 1957–1964. Part I. High Policy, Political and Constitutional Change. L.: The Stationary Office, 2000. 825 p.
25. O’Ballance E. The War in Yemen. L.: Faber and Faber, 1971. 218 p.
26. NAUK. PREM 11/4678. A. Home to R. Butler. March 20, 1964.
27. NAUK. DEFE 13/570. Hockaday to P. Thorneycroft. July 20, 1964.
28. NAUK. DE
يعمل المركز، على إثراء البحث في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في اليمن والمنطقة العربية، وتعزيز فهم تلك القضايا والأحداث المرتبطة بها من خلال الأبحاث والدراسات الميدانية المعمقة، والتقارير والإصدارات المتنوعة، وأوراق السياسات العامة، والكتب العلمية المُحَكّمة، وعقد المؤتمرات وورش العمل والندوات المتخصصة، وبرامج التدريب ودعم قدرات البحث العلمي.